بالأمس القريب أي في مطلع العام 2021، إدّعت المدعي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بجرم إعاقة تنفيذ قرار قضائي. يومها منع عثمان مفرزة الضاحية الجنوبية من معاونة القاضية عون في تحقيقات فتحتها بملف الدولار المدعوم والصيارفة غير الشرعيين.

إدعاء القاضية عون يومها أحيل على قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور الذي طلب إذن ملاحقة عثمان من وزير الداخلية آنذاك العميد محمد فهمي، الأمر الذي لم يحصل عليه منصور من وزير الداخلية. بعدها راسل القاضي منصور المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات لإعطائه إذن ملاحقة عثمان، ومنذ ذلك الحين، لم نعد نعرف شيئاً عن مصير هذا الملف، لكن الأكيد هو أن عثمان لم يمثل أمام القاضي منصور، وبقي على تمرّده.

بعد فهمي جاء دور وزير الداخلية الحالي بسام المولوي في إمتحان إعطاء الإذن لملاحقة اللواء عثمان. فبعدما إدعت القاضية غادة عون وبالجرم المشهود على مدير عام قوى الأمن الداخلي، بتهمة إعاقة تنفيذ قرار قضائي هو مذكرة إحضار حاكم مصرف لبنان الى مكتبها لإستجوابه كشاهد في الدعوى المقامة ضده من مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام" والخبير الإقتصادي حسن خليل، أحيل ملف الإدعاء مجدداً الى القاضي منصور الذي عيّن الرابع والعشرين من شباط الجاري كموعد لإستجواب المدير العام لقوى الأمن الداخلي. ولأنه المدير العام لقوى الأمن وسيكون من الصعب على أي دورية من الدرك تبليغه، أبلغ القاضي منصور عثمان موعد الجلسة عبر وزير الداخلية والبلديات.

"ما يمكن أن يحصل في جلسة الخميس المقبل هو أمر من إثنين" تقول مصادر قضائية متابعة للملف، أولهما أن يمثل اللواء عثمان أمام القاضي منصور ويدافع عن نفسه في التهمة الموجهة اليه شارحاً حقيقة ما حصل مع دورية أمن الدولة أمام فيلّا رياض سلامة في الرابية، وهو أمر مستبعد حصوله نظراً الى التجربة الأولى لعثمان مع القاضية عون، وبسبب الدعم السياسي الذي يلقاه الرجل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتيار المستقبل والقوات اللبنانية. أما الأمر الثاني، فيتمثل بحضور وكيله القانوني ويتقدم بمذكرة دفوع شكلية تثبت أن ما قام به لم يكن بالجرم المشهود كما جاء إدعاء القاضية عون عليه، عندها، وفي حال حصل ذلك وسقطت فرضية الجرم المشهود، تصبح ملاحقة عثمان بحاجة الى إذن الوزير بسام المولوي. وهنا سيكون المولوي أمام الإمتحان الذي سبق لفهمي أن خضع له مع فارق كبير بين الرجلين ألا وهو أن فهمي جاء الى الوزارة من السلك العسكري كونه كان عميداً في الجيش، بينما خلفية المولوي قضائية بإمتياز وهو نفسه الذي سبق أن شغل منصب رئيس محكمة الجنايات في الشمال، ويعرف جيداً ما معنى مخالفة الأمر أو القرار القضائي من قبل الضابطة العدلية أكانت هذه الضابطة من قوى الأمن الداخلي أم من أي جهاز آخر.

فهل سيعطي المولوي إذن ملاحقة عثمان وسط كل ما يحظى به الرجل من دعم سياسي وطائفي؟.

الجواب الأكثر رجحاناً هو لا، ما سيشكل ضربة جديدة للقضاء والعدالة، ولكن هذه المرة بمطرقة وزير قاضٍ!.