تترنّح الحكومة ولا تسقط، لأن لا قرار بإسقاطها، لا من الشرق ولا من الغرب، وكل ما قيل عن خطوط حمر رسمها رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ حول المسّ بحاكم المصرف المركزي ​رياض سلامة​، كان عارياً من الصحة، فالرجل المعروف بليونته وقدرته على الدخول في التسويات، مستعد أن يتخلّى عن سلامة إن كان بالمسألة فائدة له.

مرّ ​مجلس الوزراء​ بـ"قطوع" صعب خلال مرحلة بحث الموازنة وإقرارها، أو بالاحرى "عدم إقرارها" ومرورها باتجاه المجلس النيابي، واليوم يُعتبر ملف حاكمية ​مصرف لبنان​ من أبرز الملفات التي قد تقود إلى تفجير مجلس الوزراء من جديد، بالرغم من أن المجلس لم يذهب إلى مقاربة الأحداث التي كانت ترافق جلسته الأخيرة التي عُقدت في القصر الجمهوري، حيث كانت الجلسة تُعقد على وقع محاولات أمن الدولة تنفيذ مذكرة الإحضار الصادرة عن المدعية العامة في جبل لبنان القاضية ​غادة عون​.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن غالبية الأفرقاء، لا سيما المشاركين في الحكومة، يعتبرون أن هدف العهد من وراء ما يحصل هو الكسب الإنتخابي، أي تقديم رأس حاكم مصرف لبنان على أساس أنه إنتصار نجح في تحقيقه قبل فترة قصيرة من موعد ​الانتخابات النيابية​، خصوصاً أن هذه المسألة تدغدغ مشاعر المودعين، الذين يشعرون بالنقمة على سلامة والمصارف.

في المقابل، المشكلة الأكبر، حتى ولو كانت بعض القوى السياسية تتجنب التدخل في الملف من الناحية القضائية، تكمن بمصير هذا الموقع في حال توقيف سلامة، حيث تشدد المصادر على أن الغالبية لن توافق على تحقيق الهدف الأساسي لفريق العهد، أي تعيين شخصية مقربة منه في هذا المنصب، ما يرجّح خيار تعيين حارس قضائي على المؤسسة، لا سيما أن هناك من يرفض بشكل مطلق فتح ملف التعيينات بأيّ طريقة من الطرق.

هنا ليس المقصود نجيب ميقاتي، بل الثنائي الشيعي الذي يرفض أحد أطرافه تقديم أي هدية للعهد المقبل على نهايته خلال أشهر، ويرفض طرفه الثاني الإسم المقترح من قبل ​التيار الوطني الحر​، أيّ جهاد أزعور، لأنّ الأخير تتلمذ على يد وزير المال السابق فؤاد السنيورة، وهو ما يثير الاستغراب، إذ كيف لمن يهاجم يومياً مدرسة رفيق الحريري وفؤاد السنيورة، أن يقترح تعيين تلميذها في حاكمية المصرف المركزي.

ما يمكن أن يفجّر مجلس الوزراء هو ملف التعيينات بحال أصرّ عليه الوطني الحر ورئيس الجمهورية، فبعد أن كان ميقاتي أحد أبرز الاطراف التي ترفض عرضه، تبين أن رئيس الحكومة منفتح على أي تعيينات يكون له حصّته فيها، وهذا ما يعوّل عليه الوطني الحر لتمرير ما يمكن تمريره. بالمقابل هناك أطراف داخل الحكومة على رأسها حركة أمل ستحاول رفض كل التعيينات لأنّ من غير المنطقي فتح هذا الملف قبل الانتخابات النيابية بأسابيع، ومن غير المقبول في السياسة تثبيت شخصيات للعهد الذي ينتهي قريباً.

إنّ هذا الصراع دفع بري لرفض تعيين المنصب الأمني الشيعي في مديرية أمن الدولة، أما بالنسبة الى الحاكم المركزي، فالمشكلة في البديل، كانت كذلك سابقاً ولا تزال، لمن يرغب باستبداله، ولمن يرفض ذلك.