كشفت تسريبات مصرفية لبنك "كريدي سويس" عن تفاصيل ثروة نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام التي جمعها وأرسلها إلى سويسرا أثناء تقلده مناصب حكومية، قبل أن ينشق ويغادر إلى فرنسا.
وقال مسؤول سوري رفيع المستوى سابقا، إن خدام "سيطر على لبنان من خلال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري"، الذي بدوره قدم له حسنات. واستذكر هذا المسؤول لقاءه خدام في دمشق، حيث كان نائب الرئيس "يعيش حياة أسطورية". وقال المسؤول السابق إن خدام اشتهر بمستوى من الفساد كان واضحا للغاية لدرجة أنه "لا يحتاج إلى وثائق" ليتم إثباته.
وفي إيجاز مع الصحفيين، قال مسؤولون إن خدام أخذ حوالي 500 مليون دولار من الحريري على مدى عقدين، بعضها في شكل منازل ويخوت وأموال في حسابات مصرفية فرنسية ولبنانية وسويسرية. كما ذكرت وسائل إعلام سورية أن خدام تلقى رشاوى في الثمانينيات للسماح لفرنسا وألمانيا بدفن النفايات المشعة في الصحراء السورية.
وعلى مدى السنوات التي كان فيها حساب "كريدي سويس" الخاص به مفتوحا، تمكن نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام من جمع عشرات الملايين من الدولارات، من النقد وأسهم الشركات والقصور الفخمة، وهي ثروة مذهلة لموظف عمومي.
واكدت تفاصيل حساب "كريدي سويس"، الذي يمتلكه خدام بالاشتراك مع زوجته وأبنائه الثلاثة، أن الأسرة راكمت بالفعل ثروة كبيرة عندما كان خدام في منصبه. وتم فتح الحساب في عام 1994، ووصل إلى أعلى رصيد له بما يقرب من 90 مليون فرنك سويسري في ايلول 2003.
وتوفي خدام في عام 2020. وكان خدام قد تولى تولى خدام مناصب حكومية في سوريا رفيعة المستوى من 1970 إلى 2005، أولا كوزير للخارجية، ثم نائب الرئيس في عهد حافظ الأسد. وصعد إلى الصدارة في 1980 خلال الحرب الأهلية في لبنان المجاورة.
وسعيا إلى رعاية سياسيين لبنانيين موالين لدمشق، أقام خدام صداقة مع رجل الأعمال الثري رفيق الحريري، لدعم ترشحه الناجح لرئاسة وزراء لبنان في عام 1992. وكان الحريري معروفا بتوطيد علاقاته بالمال، ولم تكن صداقته مع خدام استثناء.
وقد انشق خدام عن الحكومة السورية بقيادة رئيسها الحالي بشار الأسد، وهرب إلى باريس. وردا على ذلك، بدأ المسؤولون السوريون في تسريب تفاصيل تعاملاته السابقة.
وكان نائب الرئيس السوري السابق واحدا فقط من بين العديد من النخب العربية التي استخدمت سويسرا لتخزين ثرواتها. فلسنوات، جعلت السرية المالية للبنوك في سويسرا، والاستقرار النسبي، منها وجهة شهيرة للأموال المشروعة وغير المشروعة.
وهنا لا بد من سؤال القضاء اللبناني عن سبب عدم ملاحقة خدام لاسترجاع الاموال المنهوبة والمسروقة من لبنان.