أتوجه بتحية صادقة إلى شعبي اللبناني المعذّب والمتألم والفاقد لأبسط حقوقه المدنية والإجتماعية، حيث وطني وشعبي يشهدان أفظع الأزمات ومنها على سبيل المثال لا الحصر وهي أولى مصائبه طبقة سياسية فاشلة فاسدة مُبدعة في ضرب مرتكزات الدولة بكافة مؤسساتها، الأزمات المالية، الإجتماعية، التربوية، الصحية... وهي طبعًا نتاج سلطة سياسية تحكم بسلطة الأمر الواقع والإرتهان للخارج وتدّعي مبدأي السيادية والحرية وهي عمليًا بعيدة تماما عن هذه الأمور. الإنهيار الإقتصادي تفشّى بمعيّة وباء كوفيد، وتتضافر كل الجهود الغوغائية لتهدد الحقوق الأساسية للشعب اللبناني ومن أبسطها الدواء الذي إن توّفر فهو لطبقة لها أقرباء في الخارج أو طبقة ربما تكون ميسورة وتستعطيه على كلفة أسعار مختلفة.

عمليًا لم تستطع هذه الطبقة التي تحكم خلافًا للنظام الديمقراطي على ما ورد في مقدمة الدستور الفقرة/ج/ معالجة الأزمات المتوالدة، بل فعليًا هي السبب في أجمعها. واقعيًا خسرت العملة اللبنانية حوالي 85% من قيمتها وهذا ما أضعف قدرة اللبنانيين على تلبية أمورهم اليومية من الدواء والمسكن والطعام والرعاية الإجتماعية. الواقع الإقتصادي مزرٍ في لبنان وأضعف قدرة كل القطاعات على تقديم الرعاية المطلوبة منها والمنقذة للحياة، وزاد الأمر سوءًا إنقطاع التيار الكهربائي وغيره من المستلزمات الحياتية اليومية، ومن الأمور غير المقبولة زيادة سعر المحروقات، وبالتالي بات الناس أمام عجز تام من إتمام تعبئة هذه المادة بسبب غلائها الذي لا يتناسب والراتب الذي يحصله شهريًا، والأمر المؤسف أنّ راتب الموظف لا يكفيه لشراء ثلاث "تكنات" (60 ليترا) من مادة البنزين ذهابًا وإيابًا نحو عمله وهذه معضلة تواجه جميع الموظفين، ممّا إضطرهم إلى عدم الحضور يوميًا إلى وظائفهم، وهذا الأمر إستدعى إقتظاظًا في المؤسسات الرسمية الحيويّة كوزارة الصحة والشؤون والمستشفيات على سبيل المثال لا الحصر...

إستنادًا إلى تقرير طلبته من بعض مراكز الأبحاث تظهّر لديَّ أنّ حوالي خمسة تقارير من مراكز أبحاث مختلفة، أجمعت على أنّ السلطة السياسية إستخدمت القوى الأمنيّة بما فيها الجيش والدرك وشرطة مجلس النوّاب القوّة المفرطة في العديد من الأماكن في وجه المتظاهرين سلميًا، والأمر الأشد إستنكارًا أنها أرسلت مندّسين فيما بين المتظاهرين لإحداث أعمال شغب وإستغلال الفوضى وتشويه سمعة المتظاهرين إضافةً إلى ملاحقة بعض الأشخاص، الذين إشتركوا في المظاهرات، والتحقيق معهم بسبب المشاركة، وأحالتهم إلى القضاء. كل هذه الأحداث تستدعي إحالة ملفّ موّثق بالكامل إلى مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان ليُبنى على الشيء مقتضاه وإننا لساعون بهذا الأمر.

بحكم وظيفتي في مؤسستي أجول في كل أنحاء العالم بشكل دوري، ولم أشهد طاقما سياسيا يتجانس مع الذي في لبنان، ولست أبالغ وبعد مراجعة أكثر من مستشار قانوني في مكتبي إنّ جاز لي توصيف هذه الطبقة بالـ"مافيا"، وأفدت أنه بموجب القانون إنّ المافيا هو مصطلح يستخدم لوصف نوع من "نقابة عصابات الجريمة المنظمة"، التي تمارس الحماية بالإبتزاز في المقام الأول إستخدام الترهيب العنيف للتلاعب بالنشاط الإقتصادي المحلي، وبخاصة الإتجار غير المشروع. ويمكن أن تمارس أنشطة ثانوية مثل الإتجار بالمخدّرات والقروض بفوائد مرتفعة والتزوير. كل هذه الأمور اللاقانونية متوفرة في لبنان وتُمارس بالسِّرْ والعلن، أي عمليات الإتجار بالمخدرات متوفرة، والإتجار الغير مشروع كالتهريب مثلاً، اللعب بالنقد الوطني وإن أردت الإكمال فاللائحة تطول.

الأبالسة والسّاسة الأشرار أعداء ملازمون للشعب اللبناني، ولكنهم أعداء مقرّبون من بعضهم البعض، ولا نستطيع الخلاص منهم بسهولة، وإنْ لم نتصدَّ لهم فإننا سنضيع كما ضاعت الأمم الأخرى والتصدّي لهؤلاء يتم بالمعرفة والصدق وعدم الإرتهان للخارج، وأيضًا من خلال التوافق على برنامج موّحد ليبرز الحل في الأفق سريعًا، هل من يسمع ويضع يده بيدنا؟.