تطبع العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة شخصية الأولاد وتنعكس عليهم وعلى شخصيتهم من خلال التربية كما ومن خلال التعامل بين الثنائي، فيصبح هؤلاء مثالاً إما جيداً أو "عاطلاً" لأولادهم بمعنى أن يرفض الأبناءأن يكونوا على مثال أهلهم أو أن يمرّوا بنفس علاقتهم أو يكون لهم شريكا يشبه والدهم أو والدتهم.

بطل القصة شاب يمكن من خلاله فهم المعاناة الحقيقية للأبناء وإنعكاس علاقة والديه عليه. منذ الصغر كان هذا الشاب هو الطفل المدللّ لدى أهله، وكبر على فكرة أنه الأفضل وكانت تؤثّر فيه بشكل كبير "الأنا".

تعرّف الشاب على فتيات كثيرات، صادقهن، لكنه لم يتخذ قرار الإرتباط بأيّ منهنّ، ليس لانه لم يجد الشخص المناسب أو الفتاة المناسبة، وهو ما يمكن أن يحصل مع كثيرين، إنما لأن الشاب "الحنون" والطيّب والمثقف يرفض في الأساس فكرة الارتباط بفتاة أو أن يكون لديه شريكة، فلماذا تتكوّن هذه الفكرة في شخصية الإنسان؟.

قواعد لعلاقة ناجحة

في العلاقة الزوجية هناك ثلاثة قواعد يحدّد المرء من خلالها ما إذا كانت ناجحة أو لا. أولا على الشخص أن يهتمّ بشريكه وبنفسه وبالعلاقة الزوجية. تشرح المعالجة النفسية نضال صادق عبر "النشرة" أن "اهمال أي طرف من الأطراف مهمّ جدا والتواصل بين الأشخاص، والعلاقة الجنسيّة، هذه كلها أمور أساسيّة بين الشخصين، مشددة على "ضرورة أن يتحدّثا مع بعضهما البعض في هذه الأمور"، مؤكدة على "نقطة جديدة هي أنه لا يجب أن يكون هناك خوف من أحد الطرفين وألاّ يحاول أحدهما إستغلال الآخر، والأهمّ ألاّ يكون هناك ذوبان لشخص في آخر".

في العادة ليتزوج الأبناء، فهم إما يختارون الشريك يشبه أهلهم أو مغايرا. تشدّد نضال صادق على أن "الصبي يؤلّه والدته لأنها أظهرت له أنها ضحّت، وهو بنفس الوقت لا يرى اخطاءها، وفي أغلب الأوقات يميل الأولاد الى الأم لأنها الضعيفة حتى ولو لم تكن كذلك، وبنفس الوقت العلاقة الزوجية غير المتوازنة أو الأخطاء بين الزوجين، أو تعامل الزوج مع الزوجة بشكل خاطئ قد يصل الى حدّ أن يجعل الولد يكره رجوليّته لأنها تجعله يرى والده بنفسه، ويشعر أنه إن دخل هو في علاقة زوجيّة حتماً سيخربها كما فعل والده ولن تكون ناجحة"، من هنا تؤكد نضال صادق أنه "عندما يكون هناك مشاكل بين الأهل لا يجب أن تتمّ مشاركتها مع الأولاد".

الاستغلال العاطفي

المشاكل التي يعاني منها الإنسان قد تتطوّر إذا لم يعرف أن يجد حلاً لها، وقد تمتدّ الى حدّ أن يتعرّض للإستغلال ربما من أصدقائه ودون حتى أن يدري، هذا في الواقع حال هذا الشاب الذي يقع تحت رحمة أصدقاء له يعرفون معاناته ويدركونها تماماً وفي نفس الوقت يقومون بإٍستغلاله عاطفياً دون أن يدرك هو أن الطرف الاخر أو صديقه يقوم باستغلاله.

تقول احدى الروايات إن شابا تعرّف على فتاة وكان يريد أن يكمل علاقته معها، فباح لصديقه بالأمر الذي لم يعجبه الأمر لأن الواضح أن للصديق أطماعاً معيّنة، في وقت لم يكن يترك صديقه برهة... والسؤال "لماذا"؟، "ببساطة لأن الصديق مطمئنّ أن الشاب بحاجة إليه ومن هنا يقوم بإستغلاله عاطفياً، والطرف المُستغلّ لا يريد أن يبتعد صديقه عنه حتى لا يبقى وحده".

تقول نضال صادق إن "في حالة الاستغلال لا يشعر الطرف الأول أن الطرف الثاني يستغله"، وتضيف ان الاستغلالي يذكر أي المُسْتَغلّ بما فعله له في بعض المواقف العاطفيّة، أي أنه دعمه أو وقف بجانبه في هذا الموقف، في نفس الوقت يقوم بإستغلاله بباقي الاشياء ويلعب عليه"، مؤكدة أن هذا النوع من الناس "يعرف نقاط ضعف صديقه وكيف يُدخِل في رأسه المفاهيم التي يريدها"، معطية مثلاً كـ"شخص استُدرِج لتعاطي المخدرات للادمان والدخول في هذه المتاهة، فتُظهَّر الأمور على أن التعاطي "بيبسط وبيفرّح" وتجعله يرى أشياء من نوع آخر... في حين أنّه يتمّ اهمال الى أن من يدخل عالم تعاطي المخدّرات وادمانها يؤدي الى الانتحار مثلا، وهكذا يحصل في حالة الاستغلال".

تشير نضال صادق الى أن من صور الاستغلال أن يُهيّئ الصديق صديقه عبر استدراجه الى مكان معيّن تمهيدا للحصول منه على أمور معيّنة حتى لو لم يكن يريدها، ساعيًا لزرعها برأس ضحيّته على طريقته واقناعه بها على أنها جيّدة"، وهذا الأمر لا يحصل الاّ في ظلّ غياب الأهل الّذي يقتضي عملهما باحاطة المُسْتَغَلّ لاشعاره بالأمان الذي هو بحاجة ماسّة ويفتقر اليه.

تختم نضال صادق بأن الضحّية الّتي وقعت في نفق مظلم من البداية، هو نفق العائلة والمشاكل التي كانت لديه، وبدل أن يخرج منه يصبح ضعيفًا لا يستطيع الصمود أمام أي شيء سلبي، خصوصا وأن لديه مشاعر قلق، وتشدد على أن العلاج هو الحلّ الأساسي، وعبره يرمم صورته عن الرجل الذي فيه، شرط أن يتقبّل هذا الامر ويقتنع أن الباب يبدأ بالعلاج.

إن هذه القصة ليست من نسج الخيال، إنّما مبنيّة على واقع أليم ومرير يعيشه الكثيرون وهي واحدة من المئات عن أشخاص يعانون من مشاكل لا يرونها أو يرونها ولا يعترفون بها، عسى أن يقرأوا بالمشاهد التي كتبنا عنها، حالهم، فيلجأوا للعلاج.