وجه مفتي الجمهورية اللبنانية ​الشيخ عبد اللطيف دريان​ رسالة الى اللبنانيين لمناسبة ذكرى ​الإسراء والمعراج​ جاء فيها: "بهذه المناسبة وفي ذكرى الإسراء والمعراج، ستبقى القضية ال​فلسطين​ية، القضية العربية والإسلامية الأولى، وينبغي أن يكون إنقاذ الأقصى والقدس وفلسطين أولوية سياسية وعربية ودينية، وأن لا ننسى، أو نتنازل، عن الأرض المباركة مهما طغى المحتل وانتهك الحرمات الدينية والإنسانية".

وأشار إلى أنه "في لبنان والحق يقال، ما عدنا نستطيع الفرحة بما يفرح به الناس، ولا الاستمتاع بالنعم التي أنعمها الله سبحانه وتعالى على لبنان وإنسانه. أين ذهب ذلك كله؟ لا يمكن القول إنها عملياتٌ ومؤامراتٌ سريةٌ، تلك التي أطاحت في سنوات قليلة، بكل ما أنجزه اللبنانيون خلال قرن من الزمان. إنها حملات تدمير تمت في وضح النهار، وشملت احتلال المدينة، واغتيال الناس، ونهب المال العام بمليارات الدولارات، وأسهمت بالمباشر في انهيار المصارف على رؤوس ​المودعين​ وأموالهم، ودفعت مئات ألوف اللبنانيين الأكفاء إلى الهجرة للديار القريبة والبعيدة، وأطبقت على مميزات لبنان في الجامعة والمستشفى، والمدرسة، والميناء والمطار، والجهاز القضائي. وهكذا لم يبق قائما إلا الميليشيا، والطبقة السياسية، التي ارتكبت هذا التخريب الفظيع للدولة والمجتمع، ولعلاقات لبنان العربية والدولية".

وأكد دريان، أن "​المؤسسات الدستورية​ فى الأصل، هي الحارسة للمرافق العامة، وللمال العام، ولمصالح المواطنين. لكنها والحق يقال أيضا وأيضا، ما قامت بشيء من ذلك في السنوات الماضية. ثم ها هم القائمون عليها، يتصدرون الآن للانتخابات. وهذا يضعنا في حيرة كبيرة. فليس بوسعنا أن نقول للناس لا تقوموا بحقكم وبواجبكم الانتخابي، لأن الانتخابات هي سبيل التغيير في الدولة الحديثة. لكننا نسمع من الجهات المهيمنة ذاتها القول: إنها ستفوز، وإنه لا شيء سيتغير (!). كلام هؤلاء المراد به التيئيس، والاستمرار في فرض الأمر الواقع، وهو تخريبٌ محض. ولذلك، نحن نفارق التردد والحيرة، وندعو الجميع الجميع، للنزول إلى صناديق الاقتراع. فالتصويت الكثيف، هو رسالة أمل ورجاء، وإيمان بمستقبل الوطن والدولة. فالأجواء على الساحة اللبنانية تشوبها شوائب عديدة، نخشى استغلالها من كل من يريد بلبنان شرا داخليا وخارجيا، فالخطر يداهمنا، ويغزو مؤسساتنا الرسمية والخاصة، والمعالجة هي مسؤولية الجميع، ولا تتحقق إلا بالتعاون والتضامن، لا بتبادل الاتهامات والانتقادات والكيديات، التي تزيد الشرخ عمقا بين أبناء الوطن الواحد. فبالحكمة والوعي والعمل الوطني الجاد المخلص، ضمن إطار الدولة التي تحافظ على الجميع من دون تفرقة أو تمييز، لاستعادة الناس ثقتهم بوطنهم، خصوصا وأننا أمام استحقاقات عديدة، وفي طليعتها ​الانتخابات النيابية​ وصولا إلى ​الانتخابات الرئاسية​، وبهذا يتحقق الإصلاح المنشود، الذي يطالب به الجميع".

ولفت إلى أنه "يعرف القاصي والداني معاناة الأجهزة والمؤسسات الأمنية والعسكرية، وتفانيها في القيام بالواجب الوطني، في الوقت الذي ما يزال فيه أصحاب السياسات الخرقاء، يمعنون في النيل من تلك الأجهزة وقادتها، وأفرادها الشرفاء والنبلاء. في الأيام الماضية، سمعنا وقرأنا عن ملاحقات قضائية تطال قيادة ​قوى الأمن الداخلي​، في وقت كان جهاز فرع المعلومات في الأمن الداخلي، يتصدى لعصابات أرادت استهداف أمن الوطن، وتعريض حياة بنيه لخطر القتل والموت. نحن لا نقبل التعرض للشرفاء والحريصين على سلام لبنان وسلامة مواطنيه. ولا نقبل أن نصل إلى هذا الدرك من التسييس والتطيف. فتحية لضباط قوى الأمن الداخلي وأفرادها الأمناء والشجعان وتحية أيضا لقيادات الأجهزة العسكرية لضباطها وافراها".

وشدد دريان، على أنه "عندما نتحدث عما نال علاقات لبنان بأشقائه العرب من افتئات وقطيعة بفعل فاعل، بل فاعلين معروفين، نعود لتأكيد أصالة عروبتنا، وإصرارنا على أن لبنان عربي الهوية والانتماء، بحسب دستوره الذي صيغ في اتفاق الطائف، بالسعودية، وهو الأساس الذي وصلنا إليه بالنضال الوطني والإسلامي لعقود عدة. فلا حياة كريمةٌ للبنان إلا بهويته العربية، وانتمائه العربي الكبير، مهما حاول التدميريون فعله، لكي يتنكر وطننا لحقائق التاريخ والجغرافيا، والشرعيات العربية والدولية. وبهذه المناسبة، أود أن أهنئ السعودية، بتجديد الوعي بيوم التأسيس، قبل ثلاثمئة عام، من الجهد الدؤوب والمتواصل، لإعزاز الموقع، والدور القيم والبناء، والنهوض المستقبلي، الذي يقوده الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده".