فيما الحرب الروسية- الاوكرانية تتوالى فصولاً والمحاولات الجارية لوقفها تفشل ليرتفع معها منسوب التصعيد العسكري والديبلوماسي والتهديد المتبادل بين روسيا وبين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، يتزايد لبنانياً الاهتمام ب​الانتخابات النيابية​ المقررة في 15 ايار المقبل والتي تحوم شبهات كثيرة حول امكان إنجازها في موعدها نظراً لما تستبطنه مواقف هذا الفريق او ذاك من نيات ورغبات متناقضة حيالها، خصوصاً ان المرحلة السائدة الآن نتيجة الانهيار الكبير الاقتصادي والمالي والمعيشي في البلاد هو غير ما كان أيام الموسم الانتخابي السابق عام 2018.

ووفقاً لصحيفة "الجمهورية"، يرى المراقبون ان جميع الافرقاء ينادون بوجوب انجاز الانتخابات في مواعيدها ولكن هذا النداء هو في حد ذاته ما يدفع الى الشك بنيات هؤلاء الافرقاء، اذ لو ان هناك رغبة جدية لدى غالبيتهم في خوض هذه الانتخابات لَما كان هناك من داع الى ان يعلنوا يومياً انها ستُجرى في موعدها، فيما القاصي والداني يعرف ان معظمهم يتخوّفون على مصيرهم بنتيجتها نظراً الى انّ اللبنانيين يحمّلونهم المسؤولية عن ايصال البلاد الى الانهيار، ويرون الخلاص بوجوب محاسبتهم في صناديق الاقتراع وانتاج سلطة جديدة تلجم الانهيار وتضع البلاد على سكة التعافي.

وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، ان ما يدور من خلافات حول موضوع اعتماد مراكز "​الميغاسنتر​" من عدمها في الانتخابات، هو ابرز ما يثير المخاوف على مصيرها، خصوصاً أن معظم القوى السياسية، ولا سيما المتوجسة منها، تتخوّف من تحرر ارادة الناخبين من هيمنتها بالذهاب الى مراكز «الميغاسنتر» حيث يقطنون للادلاء بأصواتهم بحرية بعيداً عن اي خوف او ضغوط او تهديد، علماً أن البعض يؤكد ان الذين سيقترعون عبر «الميغاسنتر» في حال اعتمادها هم الذين لا تأثير للمنظومة السياسية على ارادتهم وإن كانت نسبتهم ضئيلة اذا ما قيست بالنسبة الكبيرة التي ستنتخب مرشحي تلك المنظومة نتيجة تأثيرات واغراءات شتى، خصوصاً في ضوء الوضع المعيشي الصعب الذي تمر به البلاد وجعلت هم المواطن كيف يؤمن قوته اليومي غير آبه بال​سياسة​ وبالانتخابات وبما ستخرج به من نتائج وتأثيرها على مستقبل البلاد.

غير ان مصدراً حكومياً بارزاً، أكد لـ"الجمهورية"، انه لا يجاري التوقعات القائلة بتأجيل الانتخابات لأن الظروف الداخلية لا تسمح بذلك في ظل اعلان تيار "المستقبل" من انّ نوابه سيستقيلون من النيابة في حال تقرر التأجيل وتمديد ولاية ​المجلس النيابي​، وانّ هناك كتلاً نيابية اخرى ستحذو حذو "المستقبل". ويضيف: "ان عدم اجراء الانتخابات يعني بقاء البلاد في الهاوية التي سقطت فيها، كذلك يعني تعطيل كل الجهود التي تبذلها الحكومة مع ​المجتمع الدولي​ لتنفيذ الاصلاحات البنيوية المطلوبة في اطار خطة التعافي وغيرها".

إحتمال تأجيل الإنتخابات:

وقالت اوساط سياسية مطلعة لـ"الجمهورية"، ان "ما يجري بالنسبة إلى ملف «الميغاسنتر» ليس سوى كناية عن مسرحية سياسية يتوزع أبطالها الادوار، في إطار تحضير الأرضية لاحتمال ارجاء الانتخابات النيابية". واشارت هذه الاوساط إلى "أن هناك من يحاول إمرار التأجيل تحت غطاء قنابل دخانية، في انتظار اتّضاح الوجهة التي ستسلكها المنطقة وما اذا كانت ستنحو في اتجاه إنجاز التسويات او تصعيد المواجهات، بحيث يأتي المجلس النيابي الجديد على صورة التحولات ومنسجماً معها".

لجنة "الميغاسنتر"

وكانت اللجنة الوزارية المكلفة البحث في مشروع "الميغاسنتر"، الذي قدمه وزير الداخلية ​بسام المولوي​ الى مجلس الوزراء الخميس الماضي أنهت مهمتها في اجتماعها الثاني في السرايا الحكومية، ورفعت تقريرا في شأنها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء ليطرح في الجلسة التي سيعقدها في ​القصر الجمهوري​ بعد ظهر غد.

وأوضحت مصادر وزارية لـ"الجمهورية"، أنه "كان يجب ان تنتهي الجلسة الاثنين (أمس الاول) بعد ان اتّضحت فيها كل الامور خصوصا المعوقات القانونية التي تمنع السير بـ"الميغاسنتر" قبل إدخال التشريعات القانونية اللازمة على قانون الانتخاب، هذا فضلاً عن المتطلبات التقنية والمالية، وبغضّ النظر عن عدم توافرها والوقت الذي يستدعيه امر توافرها وبالنتيجة ما اذا كان ذلك سيشكّل تسبباً في تأجيل الانتخابات". وخَلصت المصادر الى القول: "الانظار تتجه الى مجلس الوزراء المرجّح ان يقتنع بطبيعة الحال بوجود هذه المعوقات وامامه خياران: إمّا العدول عن فكرة "الميغاسنتر" او التقدم بمشروع قانون لاستصدار التعديلات التشريعية اللازمة".

وقالت مصادر وزارية شاركت في الاجتماع لـ"الجمهورية"، إن المواقف بقيت على حالها، فالوزراء الذين ينتمون الى "التيار الوطني الحر" ارتأوا ان لا حاجة لتعديل قانون الانتخاب لتحديد المراكز الكبرى للانتخاب وان ذلك ممكن بقرار يتخذه وزير الداخلية، فيما ارتأى الآخرون ضرورة تعديل القانون وخصوصا لجهة عملية الفرز التي يجب ان تتم بين الراغبين في الانتخاب حيث يقيمون في هذه المراكز البعيدة عن مسقط رؤوسهم في الدوائر الانتخابية، عَدا عن رفض وزراء حركة «امل» اعادة النظر في القانون بعدما عدّله مجلس النواب وأرجأ العمل بمراكز «الميغاسنتر» الى الدورات اللاحقة.

ميقاتي: لعدم تأجيل الانتخابات ولو دقيقة واحدة

وفي المعلومات التي تسربت من أجواء السرايا الحكومية ان رئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ طلب احالة تقرير اللجنة الوزارية المختصة الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لتحيله بدورها الى جلسة مجلس النواب غداً قبل إحالته الى مجلس النواب، في حال أقرت التعديلات على مشروع وزير الداخلية لجهة العمل على إنشاء هذه المراكز.

وفي هذه الاجواء، وتعقيباً على المواقف التي ادلى بها وزير السياحة وليد نصار، نقل عن وزير الداخلية قوله ان "مجلس الوزراء حريص على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وعلى الجهات المختصة تأمين الاعتمادات لها». مع العلم ان لجنة الادارة والعدل النيابية أقرّت في اجتماعها قبل ايام الاعتمادات المطلوبة للانتخابات النيابية.

وكانت أوساط السراي الحكومية قد أشارت أمس، الى ان ميقاتي حسم مسبقا النقاش السائد داخل اللجنة الوزارية المكلفة درس اقتراح اعتماد مراكز الاقتراع المجمّعة في العاصمة والمدن الكبرى، مؤكداً ان "الميغاسنتر" خطوة اصلاحية، لكن الاهم هو عدم تأجيل الإنتخابات ولو دقيقة واحدة. ولفتت الى انّ هذا الموقف ليس جديداً، فهو ابلغ وزير الداخلية بسام مولوي، قبَيل الاجتماع الأول للجنة الوزارية عصر الاثنين ولم يتراجع عنه بعد.

السفير الروسي يصحح بعض المعلومات:

وقالت مصادر ديبلوماسية تتابع المبارزة التي تشهدها وزارة الخارجية بين موسكو ودول الجوار الروسي والاوكراني المؤيّد لها منذ الغزو الروسي لـ"الجمهورية"، ان الحملات الديبلوماسية ما زالت مستمرة بين الطرفين وسط تفوّق دول الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي تجاه ما تقوم به القوات الروسية مضمون اللقاء والأجواء المحيطة به.

ولفتت المصادر الى ان روداكوف شرح بالتفصيل التقييم الجديد لروسيا للائحة اصدقائها والخصوم، مفصلاً ما أبلغته موسكو الى موفد رئيس الجمهورية النائب السابق أمل ابو زيد خلال زيارته الاخيرة لها والنتائج التي افضت اليها، موضحاً الكثير مما نشر في بيروت ومصححًا بعض المعلومات المتناقضة التي اوردتها بعض وسائل الإعلام.