بعد أسابيع من الإنتظار، حسم السفير السابق ​نواف سلام​ قراره بالعزوف عن الترشح للإنتخابات النيابية، حيث كان من المفترض أن يكون مرشحاً عن أحد المقاعد السنية في دائرة بيروت الثانية، التي تشهد حالة إرباك كبيرة، بعد أن كان تيار "المستقبل" قد قرر الإنسحاب من المعركة، بسبب وجود توجهين في الدائرة: الأول هو الحركة التي يقوم بها رئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ بهدف تشكيل لائحة فيها، أما الثاني فهو سعي "المستقبل"، أو بعض المحسوبين عليه، إلى تشكيل لائحة لا تكون متبناة من قبله بشكل رسمي.

في هذا الإطار، من الضروري التوقف عند بعض المعطيات التي رافقت قرار سلام، حيث كان الرجل واضحاً في الإشارة إلى مجموعة من الأسباب تتماهى مع تلك التي كان قد أعلن عنها الحريري، لا سيما تلك المتعلقة بعدم تكافؤ الفرص في الإستحقاق الإنتخابي، بالإضافة إلى التأكيد أن لا خلاص إلا بنجاح الدولة في بسط سلطتها على كامل أراضيها، وحصر حق استخدام السلاح في أجهزتها العسكرية والأمنية المسؤولة عن حماية أرضها وتأمين سلامة شعبها وحقوق مواطنيها.

وفي حين تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن قرار سلام قد يصب في صالح الجهود التي يقوم بها السنيورة، بالرغم من أن المعلومات التي كانت قد تحدثت عن أن اللائحة التي يعمل على تشكيلها كان من الممكن أن تكون برئاسة السفير السابق، تلفت مصادر أخرى، عبر "النشرة"، إلى أن رئيس الحكومة السابق يعاني صعوبة كبيرة في ضم قياديي "المستقبل" إلى جانبه في هذه الدائرة، بالإضافة إلى أخرى تتعلق بالمقربين من التيار، كرئيس نادي "الأنصار" ​نبيل بدر​، الذي ينوي الترشح.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن بدر قد يكون هو رئيس اللائحة التي يعمل بعض المقربين من "المستقبل" على تشكيلها في بيروت الثانية، مع العلم أن السنيورة كان قد تعرض لهجوم من قبل أنصار التيار، في الأيام الماضية، على إعتبار أنه ليس من أبناء العاصمة، وبالتالي بعد عزوف الحريري تملك العاصمة القدرة على إيصال مرشحين من أبنائها، لكن كل ذلك لا يلغي معادلة أن الحركة التي يقوم بها السنيورة تشكل إستفزازاً لـ"المستقبل"، ما يرجح خيار العمل على إفشالها.

بالتزامن، تؤكد هذه المصادر أنه لن يكون من السهل على رئيس الحكومة السابق الترشح في دائرة صيدا- جزين، نظراً إلى أن النائب ​بهية الحريري​، بما تملكه من قدرات هناك، قد لا تمانع العمل على إسقاطه في حال قرر ذلك، خصوصاً أنها كانت قد حسمت قرارها بعدم الترشح شخصياً أو دعم أي مرشح قد يعتبر من المقربين من "المستقبل".

بالنسبة إلى المصادر المتابعة، لا يملك السنيورة اليوم إلا الرهان على أمرين: الأول هو تبنٍ واضح من قبل مفتي الجمهورية ​الشيخ عبد اللطيف دريان​، الذي كان قد دعا أبناء الطائفة إلى المشاركة في الإنتخابات ترشيحاً وإقتراعاً، أما الثاني فهو الحصول على غطاء خليجي، تحديداً سعودي، للحركة التي يقوم بها، لكنها تشير إلى أن الأمر لن يكون سهلاً في مطلق الأحوال، خصوصاً أن "المستقبل" سيشجع، بطريقة غير مباشرة، على المقاطعة، لا سيما في الدوائر التي لن يكون فيها مرشحين مقربين منه.