لم يعد ​مصرف لبنان​ قادراً على بيع الدولارات بنفس الوتيرة السابقة، وبالتالي لم تعد المصارف قادرة على تلبية طلبات زبائنها كالمعتاد، بالمقابل هناك من قرّر بمصرف لبنان إعادة الدعم على المحروقات بصورة مختلفة، وكل ذلك على وقع انهيارات عالمية بأسعار السلع الأساسيّة، وانهيارات في لبنان طالت المحروقات والسلع الغذائية.

كانت كل التوقّعات تُشير الى أنّ الاستقرار في ​سعر الصرف​، وبالتالي الأسعار، سيستمر حتى ​الانتخابات النيابية​ على الأقل، وهناك من ربط التحسّن بالأسعار بموضوع الانتخابات وكيف أنّ قوى السلطة بالإتفاق مع ​رياض سلامة​ قرروا تحقيق الاستقرار لتخفيف الغضب الشعبي على أبواب الإنتخابات، إنما يبدو اليوم أن كل ما بنته السلطة، ينهار من حولها.

تصاعدت الأسعار بشكل جنوني، وعادت تطبيقات الدولار للعمل من جديد، ونشطت عمليات بيع العملات على مجموعات الواتساب، ثم ظهرت طوابير محطّات المحروقات مجدداً مع الإشكالات المسلّحة الدموية عليها، عاد ​أصحاب المولدات​ الى اعتماد تقنين قاسٍ بسبب شح مادة المازوت من جهة وغلاء ثمنها من جهة ثانية، وضاع حلم تأمين الكهرباء من الأردن والغاز من مصر بسبب ربط هذا الأمر بملف ​ترسيم الحدود​. كل هذا الدمار حصل خلال 10 أيام.

قد يقول البعض انّ السبب هو ما يجري في أوكرانيا، ربما هذا صحيح ببعض الامور وغير صحيح بأمور اخرى، إلا أنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هل يؤثر هذا التدهور على الانتخابات النيابية؟، وهل تكون بعض الازمات التي نمر بها مركّبة لاجل تأجيل الانتخابات؟.

على الرغم من أن هناك من يعتبر أن الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة لا يجب أن يكون لها علاقة بحصول الإنتخابات النيابية من عدمها، هناك مجموعة من النقاط التي ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار، أبرزها أن الأزمة الجديدة القديمة، قد تقود إلى إضرابات على مستوى موظفي القطاع العام، الذين من المفترض بهم الإشراف على العمليّة الإنتخابيّة، من دون تجاهل التداعيات التي من الممكن أن تترتب على المصاريف التي تُرصد لإجراء الاستحقاق وفتح إعتمادات بالليرة، حيث أن التبدّل في سعر صرف الدولار صعوداً قد يكون له تداعيات سلبية أيضاً.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تدهور الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة أكثر قد يدفع قوى السلطة للبحث عن أسباب تقود إلى تأجيل الإستحقاق، لا سيما أنّها تزيد من نقمة الناخبين عليها، بالرغم من أنها في المقابل قد تدفعهم إلى العزوف عن المشاركة بسبب تكاليف النقل، في ظل الإرتفاع المستمر في ​أسعار المحروقات​، مع العلم أنّ غالبية الأحزاب قد لا تكون قادرة على تكرار ما كانت تفعله عادة، لناحية تأمين عمليّة النقل إلى ناخبيها.

لا شكّ أن الوضع الاجتماعي سيؤثّر على الانتخابات من حيث نسبة المشاركة، كما على مزاج الناخبين، لذلك هناك وجهة نظر تقول أنّ الراغبين بتأجيل الاستحقاق سيعمدون الى تكبير بعض الازمات، والتهويل، لخلق الجو المناسب لطلب التأجيل.