خلال الفترة الماضية، عاد النائب السابق ​سليمان فرنجية​ الى الاضواء من جديد، بعد ان غاب عنها قسرياً لبعض الوقت بفعل التطورات السياسية، وبعد ان تم ​تشكيل الحكومة​ ومراعاة شروطه فيها، وبعد استقالة وزير الاعلام ​جورج قرداحي​ (الذي سمّاه فرنجية في حينه).

بعد الاستقالة، خرج فرنجية ليقول انه لا يريد تسمية احد في الوزارة خلفاً لقرداحي، وليعيّنوا من يرغبون به كبديل، غير انه عاد عن هذا القرار قبل ايام، ودعم زياد مكاري ليكون عضواً في الحكومة. وفي حين اعتبر البعض ان السبب يعود الى امور انتخابيّة مع اقتراب العدّ العكسي لموعد الانتخايات النّيابية، برز كلام لوزير الاتصالات ​جوني القرم​ في كلام قاله عن موضوع تعرفة الهواتف الخلوية والثابتة والانترنت، لم يكن من الممكن التغاضي عنه، فهو قال: "... يمكن ان تتحول الحكومة اليوم او بعد الانتخابات الى حكومة تصريف اعمال لفترة طويلة. أنا مضطر الآن لوضع سياسة تؤمن مستقبل القطاع واستمراريته بأدنى كلفة ممكنة". هذا الموقف اتى ليضيف على ما كان سبق واعرب عنه فرنجيّة نفسه بشكل مبطّن من خشية ازاء الانتخابات ومسألة تصريف الحكومة للاعمال.

هذه الجملة تحمل معانٍ كثيرة وتركت الباب مفتوحاً امام الكثير من التكهنات والاستنتاجات، خصوصاً وان القرم محسوب ايضاً على فرنجيّة. ازاء هذا الواقع، ترى مصادر متابعة ان الصحوة الرسمية لرئيس تيار المردة ليست من فراغ، وانّه يملك معلومات تشير (إن لم تؤكد) الى ان الحكومة ستتولى تصريف الاعمال خلال فترة ما بعد ولاية رئيس الجمهورية. والاضافة التي تضمّنها كلام قرم، هي انّه لم يشر الى عدم حصول ​الانتخابات النيابية​، بل الى عدم امكان تشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب مجلس نيابي جديد لسبب او لآخر، وعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما يعني ان الحكومة الحالية هي التي ستتولى الامور بحكم الفراغ، كما حصل ابّان تولي تمام سلام مهام رئاسة الحكومة. وهذا ما يفسّر الصراع الكبير ايضاً الذي جرى قبل تشكيل الحكومة، والتنافس الشرس على وزير من هنا وآخر من هناك قبل التوافق المرير. ولكن، ماذا يعني عملياً بقاء هذه الحكومة تحت ستار تصريف الاعمال؟. اذا ما حصل الامر بالفعل، فهذا يعني اولاً ان الخارج يرغب في ابقاء الامور بيد الحكومة الحاليّة كي تشرف على الاتفاقات والتفاهمات التي جرت وستجري مع الجهات الدولية الخارجية، بدل المخاطرة بتشكيل حكومة جديدة قد ترتفع معها مطالب الاطراف وتنذر بعرقلة بعض الامور المطلوبة، ناهيك عن ان ما سبق والتزمت به هذه الحكومة سيبقى صالحاً بعد الانتخابات وتوليها شؤون البلاد خلال فترة ​الفراغ الرئاسي​ (الذي تعتبر المصادر ان حصوله لن يعيق ايّ شيء، على غرار ما شهد لبنان على مدى اكثر من سنتين قبل انتخاب العماد ​ميشال عون​).

وتضيف المصادر ان معطيات فرنجية على ما يبدو متأتّية من مصادر مختلفة، فيما تطرح هذه المصادر اكثر من سؤال حول ما اذا كان الاصرار على الحكومة الحاليّة، يزيد من فرص عدم اجراء الانتخابات النيابية اذا كانت الدول الاخرى راضية بذلك، وارتأت ارجاء هذا الاستحقاق لفترة زمنية قصيرة ريثما تتوضح صورة الحرب الدائرة في اوكرانيا. ومن الطبيعي ان يكون هذا الامر لصالح القوى المحلّية التي تجد نفسها حالياً في وضع صعب، لان اياً منها لا يضمن العودة تحت قبّة البرلمان بالعدد نفسه من النواب الذي حصل عليه في الانتخابات الماضية، من دون ان يعني ذلك تغيير الصورة العامة للمجلس النيابي، انما سيطال التغيير نسبة نفوذ هذه الاطراف فقط بحيث تقلّ او تزيد بعض الشيء. وعليه، يتوقع الكثيرون ان يحظى مجلس الوزراء الحالي بعد اشهر قليلة، بلقب "فخامة الرئيس".