كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين قولهما، إن الولايات المتحدة لن تتفاوض مع ​روسيا​ بشأن العقوبات التي فرضت عليها بسبب غزوها أوكرانيا من أجل إنقاذ الاتفاقية النووية مع إيران. وقالت إن واشنطن ستبحث عن صفقة مع إيران بدون روسيا إن لم تتراجع موسكو عن مطالبها باستثناء علاقتها مع طهران.

وفي تقرير لها، ذكرت إن الولايات المتحدة قد تبحث عن طرق تستثني فيها روسيا وتوقيع اتفاقية لإحياء الاتفاقية النووية لعام 2015 في ظل تعقيدات جديدة بسبب الهجمات الصاروخية في أربيل والتي جعلت الجنود الأميركيون هناك يبحثون عن ملجأ.

واوضح مسؤول أميركي إن واشنطن تحاول استكشاف بدائل لصفقة وسط المخاطر التي يتعرض لها واحد من أهم أولويات السياسة الخارجية لإدارة بايدن، وحالة لم تتراجع روسيا عن ضمانات مكتوبة تستثني علاقتها مع إيران من العقوبات التي فرضت عليها بسبب أوكرانيا ولئلا تؤثر على مستقبل التجارة مع طهران.

ورات واشنطن أن استثناءات كهذه ستضعف مجموعة من العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بسبب غزو أوكرانيا. وقال المسؤول الأميركي "لا أستطيع رؤية أي تجاوز لما هو موجود في داخل خطة العمل المشتركة الشاملة و أعتقد أنه من المنطق القول أنه لا مجال لتقديم استثناءات أبعد من هذه".

وجاءت تصريحات المسؤول وسط إعلان الحرس الثوري الإيراني مسؤوليته عن هجمات في العراق قال إنها، وجهت ضد أهداف إسرائيلية. وقالت قيادة الحرس إنها رد على غارات إسرائيلية في سوريا وأدت لمقتل قائدين عسكريين إيرانيين. ومن المحتمل أن يؤدي الهجوم لزيادة المقاومة في المنطقة لجهود الولايات المتحدة لتوقيع اتفاقية نووية جديدة مع إيران وبدلا من تلك التي خرج منها دونالد ترامب في عام 2018.

ويخشى قادة إسرائيل والخليج أن تعطي اتفاقية جديدة إيران القدرة على مواصلة دعم مجموعاتها في المنطقة. وشجب المسؤولون الأميركيون والعراقيون وقادة العالم غارات الأحد بأنها عمل يزعزع الاستقرار في وقت حصنت فيه إسرائيل دفاعاتها وتفكر واشنطن بكيفية الرد.

وحذرت وزارة الخارجية الفرنسية من تأثر المحادثات حول الملف النووي الإيراني في فيينا. وقالت ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية إن المسؤولين الأميركيين لا يزالون يبحثون عن اتفاق يحد من البرنامج النووي الإيراني ورغم الهجمات الصاروخية في العراق. وقالت شيرمان لمحطة "فوكس نيوز"، "لو كان لدى إيران سلاح نووي فإن قدرتها على استعراض قوتها في الشرق الأوسط وردعنا وحلفائنا ستكون عظيمة. ولهذا يعتقد الرئيس بايدن بقوة وكذا وزير الخارجية بلينكن وأنا أيضا أن هناك حاجة للتأكد من عدم حصول إيران على السلاح النووي أبدا وبعدها فنحن بحاجة إلى اتفاق للتعامل مع سلوكهم الخبيث في المنطقة". ولكن الوقت ملح، لأن الإيرانيين وسعوا برنامجهم النووي بدرجة لن تكون الولايات المتحدة وحلفاءها قادرين على منع طهران من توسيعه بدرجة أكبر مما يعني استحالة منعها من الوصول إلى المرحلة التي تكون قادرة فيها على التوصل لسلاح نووي.

وقال المسؤول الأميركي البارز، إن الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة كانت "في متناول اليد" حيث لم تكن هناك إلا موضوعات قليلة تمنع من صفقة، عندما توقفت المحادثات يوم الجمعة بسبب المطالب الروسية. ووصف المسؤول المطالب الروسية بأنها "العقبة الأكثر خطورة للتوصل إلى صفقة". ولم تكن هناك تعليقات من إيران أو روسيا.

ويقول المسؤولون الأوروبيون إن روسيا وعدت الرد بمطالب محددة للضمانات في أيام قليلة. وبدأوا بينهم باستكشاف الخيارات بحثا عن صفقة بدون روسيا، حسب قول الدبلوماسيين.

وقال المسؤول الأميركي "سنعرف في أسبوع إن كان لدى الروس استعداد للتراجع عن مطالبهم". وفي الوقت الذي كان فيه المفاوضون يحضرون للانتهاء من المحادثات، طلبت روسيا ضمانات بأن عملها بناء اتفاقية العمل المشتركة الشاملة سيكون مستثنى من العقوبات الغربية بسبب أوكرانيا.

وكانت الولايات المتحدة قد قدمت إعفاءات لاتفاقية عام 2015. وبعد تصريحات سيرغي لافروف للصحافيين في موسكو بأن بلاده بحاجة إلى ضمانات أوسع، قدم المفاوض الروسي في فيينا، ميخائيل أوليانوف ورقة ثانية للمفاوضين الأوروبيين يوم الثلاثاء طالب فيها بحماية كل التجارة والاستثمارات في المستقبل ضد العقوبات المفروضة بسبب أوكرانيا.

ولم يتم الكشف عن استعداد إيران للتفاوض على صفقة بديلة بدون روسيا وإن كانت ستشارك فيها الصين التي اقتربت في موقفها من روسيا. وقال أوليانوف يوم الجمعة إن مطالب بلاده ليست السبب وراء عدم التوصل لاتفاقية، وأن لبلاده الحق بالتعبير عن قلقها في ظل عدم التوصل لصفقة.

ويأتي دفع إدارة بايدن لإحياء الاتفاقية النووية في ظل البحث عن مصادر للنفط جديدة تخفض من أسعار التي ترتفع بشكل مستمر، ولهذا فقد تكون إيران قادرة على تصدير ملايين براميل النفط الخام بعد رفع العقوبات عنها. ومن الخيارات المفتوحة هي قيام الولايات المتحدة وشركائها بإنشاء صفقة مرحلية قد تجمد بعض نشاطات إيران وتخفض بعضا من ملامح البرنامج النووي مقابل تخفيف بعض العقوبات من الولايات المتحدة. وطالما رفضت إيران فكرة صفقة مؤقتة.

ومن الخيارات الأخرى هي خلق ما وصفه المسؤول الأميركي "نسخة مشابهة لاتفاقية العمل المشتركة الشاملة بدون روسيا بطريقة يتم تحويل مهمة موسكو في المفاوضات إلى مجال آخر".

وقال المسؤول الأميركي "أعتقد أننا سنكون منفتحين على بدائل عدة. وبدأنا بالتفكير حول الخيارات الممكنة ولا نستبعد عند هذه النقطة أي شيء".

وتعقدت المحادثات أكثر بسبب عدم سماح طهران لمفاوضيها مقابلة الطرف الأميركي مباشرة إلا حالة تم رفع كل العقوبات. ويقول المفاوضون إن المحادثات الجارية في فيينا منذ عام تقريبا قد تستأنف في أيام حالة تم التوصل إلى حل للمطالب الروسية.

ولم تشجب إيران روسيا علنا ولكن المسؤولين الإيرانيين عبروا عن غضب قائلين إنهم لن يسمحوا لأي عامل خارجي يقف في طريقهم. ولم يقل الجانب الأميركي إن كانت الصفقة قد اكتملت بدون المطالب الروسية، لكنهم أشاروا لمشاكل عالقة مثل شطب الحرس الثوري عن قائمة الجماعات الإرهابية. إلا أن هجمات الأحد ستجعل من محاولة شطبهم عن قائمة الجماعات الإرهابية الأجنبية أمرا مشحونا من الناحية السياسية.