تميّزت الإنتخابات في لبنان على مرّ العصور بدفع الرشاوى على مختلف أشكالها رُغم أن القانون يمنعها، أكان عبر القيام بالخدمات التي تسبق فترة الإنتخابات أو عبر شراء الأصوات أو تقديم المساعدات... هذا في الماضي، حين كانت "الليرة بخير" وكان سعر صرف الدولار يوازي 1500 ليرة، فكيف الحال اليوم مع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى أكثر من 20 ألف ليرة، بينما الأوضاع الاقتصادية صعبة والناس بالكاد تستطيع أن تؤمن لقمة العيش؟!.

المؤشرات تتراوح بين وجهتي نظر: الأولى تعتبر أن الأحزاب لن تتمكّن من دفع الأموال لعدة أسباب، أبرزها احتجاز المصارف لها، بينما الثانية تعتبر أن الأمر أسهل هذه المرّة، لأن سعر الليرة اللبنانية إنهار كثيراً... ولكن رُغم ذلك والإستعدادات التي تجري للإنتخابات، تقوم بعض الأحزاب بتوزيع قسائم محروقات، وقد حصلت "النشرة" على نسخة منها والتي تعود لجمعية "كلنا عيلة"، التابعة لحزب "الكتائب"، والتي تقوم بتوزيع قسيمة مازوت بقيمة مليون و200 ألف ليرة، فما هي من الناحية القانونيةمساعدة أم رشوة إنتخابية؟.

"نحن نربط الرشاوى بالزبائنيّة السياسية، كل خدمة يقدّمها حزب أو شخصيّة مرشّحة أو جمعية تابعة لحزب أو أيّ شخص يخوض غمار الانتخاباتهي عملية رشوة". هذا ما يؤكده مدير جمعية "لادي" علي سليم في حديث لـ"النشرة"، لافتاًإلى أنه "في الوقت نفسه، القانون وفي المادة 62 منه يجرّمها ولا يجرمها"، ويوضح أنه في الفقرة الأولى يمنع على أي جمعية تابعة لمرشح أو تيار سياسي أن تقدم خدمات عينية أو مساعدات نقدية للناخبين.

بدوره، يشدد الوزير السابق زياد بارود، في حديث لـ"النشرة"، على أن "نص القانون واضح ويقول انه لا تعتبر محظورة التقديمات والمساعدات المذكورة اعلاه، اذا كانت مقدمة من مرشّحين أو مؤسسات يملكها أو يديرها مرشحون أو احزاب، درجوا على تقديمها بذات الحجم والكمية بصورة اعتيادية، منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات قبل بدء فترة الحملة الانتخابية، وفي هذه الحالة لا تعتبر المساعدات المقدّمة أثناء الحملة الانتخابيّة خاضعة للسقف الانتخابي المنصوص عليه في المادة 61".

في هذا السياق، يوضح سليم أن "جمعية كلنا عيلة تأسست بالعام 2020، أي أن عمرها أقلّ من سنتين، وما تقدّمه من قسائم مازوت سندوّنه ونرفعه إلى هيئة الاشراف على الانتخابات".

"المشكلة الاساس في موضوع الرشوة الانتخابية هي السرية المصرفية القائمة على حسابات المرشحين"، هذا ما يؤكده بارود، معتبراً أن "رفع السرية عن حساب الحملة غير كاف لأن هناك أيضاً حسابات المرشحين وتدفع عبره ​الرشاوى الانتخابية​"، ويشير إلى أن "المشكلة أن الراشي والمرتشي لا أحد منهما يفضح الآخر، والأجهزة الامنية لا تستطيع أن تضبط موضوع الرشوة الانتخابية".

في المحصّلة بدأ زمن الانتخابات وبدأ معه زمن توزيع المساعدات من جمعيّات حديثة العهد، فهل تتحرك هيئة الاشراف على الانتخابات؟!.