يمرّ لبنان، منذ أواخر الأٍسبوع الماضي، بمنعطف جديد لناحية التعامل مع مع ملف تحويل الأموال الى الخارج، فبعد حوالي العامين، على بدء الاحتجاجات في الشارع واقفال المصارف أبوابها والحديث عن تحويل مبالغ ضخمة إلى بلدان مختلفة، حصل تطوّر في القضية، إذ أصدرت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية ​غادة عون​ قراراً، قضى بتوقيف ​رجا سلامة​ شقيق حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​.

وقع هذا الاجراء وقوع الصاعقة على المصارف وأعلنت ​جمعية المصارف​ الإضراب ليومين، في الوقت نفسه تدخّل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ودعا إلى جلسة حكومية في السراي، ودعا اليها القضاة لتصويب المسار. القضاة لم يحضرواـوالكلام سرى على أن ميقاتي طلب من مدعي عام التمييز القاضي ​غسان عويدات​ سحب الملف من يد القاضية عون، خوفاً من تفاقم الوضع وصولاً إلى تفجيره وربما تطيير الانتخابات.

هنا، يشدّد مدعي عام التمييز السابق القاضي ​حاتم ماضي​، في حديث لـ"النشرة"، على أن "هناك فصلاً للسلطات ولا يجب على ميقاتي أن يتدخل بشؤون القضاء خصوصاً وانه ليس تابعاً للحكومة"، مضيفاً: "القضاة يدّعون ولا يُستَدْعون، وفقط المرجعية القضائيّة الأعلى شأنا من القاضي تستطيع أن تحاسبه، بالمختصر رئيس الحكومة لا يستطيع أن يعطي تعليماته للقضاة".

ويذهب القاضي ماضي أبعد منذ ذلك ليتحدّث عن الكلام حيال طلب ميقاتي من القاضي عويدات سحب الملف من يد القاضية عون، ويشير إلى أن "اجراءات القاضية عون محقّة، ولكن في حال رأى رئيس الحكومة عكس ذلك، فبإمكانه لفت نظر عويدات إلى أن تصرفاتها خاطئة وهو يقرر ماذا يفعل"، ويضيف: "أمام القاضية عون ملفّ ولا يمكنها القول إنها لا تريد البتّ به لأنّه يخص هذا أو ذاك".

لم تقف الخطوات التي قامت بها القاضية عون عند هذا الحدّ، إذ عادت وادّعت على على حاكم ​مصرف لبنان​، بجرمَي الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، وعلى شقيقه ​رجا سلامة​ والأوكرانيّة أنّا كوزاكوفا وعدد من الشّركات بالتدخّل بهذا الجرم، وأحالتهم على قاضي التّحقيق الأوّل في جبل لبنان ​نقولا منصور.

في هذا الاطار، يشددّ القاضي ماضي على أنّ "القاضي منصور سيحقق مع رجا سلامة، وإذا لم يجد ادلّة على تورّطه يمكن أن يخلي سبيله أو يتركه موقوفاً إّذا حصل العكس".

أمام هذه الأزمة أعلنت المصارف أنها مستمرة بالاضراب منعاً لتقدّم عون أكثر في الملف، بينما هدّد ميقاتي بتعليق جلسات مجلس الوزراء وصولاً إلى الاستقالة، اذا استمرّت الأمور بالتقدّم. وإزاء هذا المشهد عاد سعر صرف الدولار ليرتفع مرة أخرى.

هنا يلفت الخبير الاقتصادي ​لويس حبيقة​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّ ارتفاع الدولار طبيعي، خصوصاً أنّ الأوضاع في البلاد لا تطمئن وتدعو اللبناني إلى اللجوء إلى شراء الدولار والذهب، مضيفاً: إذا استمرّ اضراب المصارف هناك خوف من أن يرتفع الدولار أكثر، وهذا الأمر يمكن أن يؤدّي إلى ركود اقتصادي أكبر من الحالي، وحتى يمكن أن تتوقف قطاعات أخرى مثل محطات الوقود وغيرها"، مشيراً إلى أن "المصارف كالرئة عند الانسان إذا توقفت عن العمل الجسم بأكمله يتوقف".

لا يُمكن تكهّن بما سيحصل في الأيام المقبلة، فاضراب المصارف مرتبط بتقدم القاضية عون في الملفّات، فهل تنجح المحاولات في فرملة الملفّ أم يربح القضاء "الكباش" ويصل إلى حاكم مصرف لبنان؟!.