شكلت عملية الدهس والطعن في بئر السبع مفاجأة صادمة لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي كانت تتوقع تصعيدا في القدس مع قرب حلول شهر رمضان.

وأقرت أجهزة الأمن الإسرائيلية بأن منفذ العملية محمد أبو القيعان (35 عاما) من سكان بلدة حورة بالنقب، كان تحت رقابتها بعد اعتقاله سابقا بشبهة تأييد تنظيم "داعش" ومع ذلك لم تتوقع قيامه بهذه العملية التي أدت إلى مقتل 4 إسرائيليين.

غير أن تفاصيل العملية، التي قال المفتش العام للشرطة الإسرائيلية إنها تمت خلال 8 دقائق، تعيد إلى الأذهان العمليات الفردية التي عادة ما يكون الرد عليها باحتجاز جثمان المنفذ وهدم منزله.

وعادة ما تجد أجهزة الأمن الإسرائيلية صعوبة بالغة في التحذير المسبق فضلا عن منع العمليات الفردية التي لا ينتمي منفذوها إلى تنظيمات.

وقال المحلل الأمني في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هارئيل في مقال، الأربعاء، إن الهجوم "في بئر السبع يعيد الذكريات القديمة؛ لقد مرت سنوات منذ أن تمكن مهاجم منفرد آخر مرة من ارتكاب مثل هذه المذبحة باستخدام أدوات بسيطة مثل السكين والسيارة".

ولفت الى انه "مع اقتراب شهر رمضان، والتحذيرات الاستخبارية العديدة، والحكومة التي تتعرض لهجمات مستمرة من اليمين، يبدو أن هناك وصفة مثالية لتصعيد التوترات في المناطق وداخل إسرائيل". وتابع: "كانت هذه هي روح الردود الفورية على وسائل التواصل الاجتماعي، التي حثت الحكومة على استخدام القبضة الحديدية ضد ال​فلسطين​يين؛ في وقت لاحق، قدم سياسيون معارضون مطالب مماثلة؛ لكن يبدو أن هذه في الواقع هي اللحظة التي سيكون من الأفضل فيها الامتناع عن اتخاذ ردود".

ولفت هارئيل في هذا السياق إلى أن "الضفة الغربية في الواقع هادئة نسبيا مؤخرا، وكان قطاع غزة أكثر هدوءا". واشار الى ان "هذا الهدوء ليس من قبيل المصادفة، وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، فإن لدى كل من السلطة الفلسطينية وحماس مصلحة واضحة في رمضان سلمي". وأضاف: "إصدار العقوبات بشكل أعمى بغض النظر عن هوية مهاجم يوم الثلاثاء قد يحقق عكس ما تريده إسرائيل، ويزيد في الواقع من ارتفاع ألسنة اللهب".

وأشار هارئيل إلى أن "مسؤولي الأمن في إسرائيل وصفوا منفذ العملية بأنه شخص محسوب على تنظيم "داعش"، سبق أن قضى عقوبة بالسجن لارتكابه مخالفات أمنية".

ولفت الى ان "الأدوات التي استخدمها متاحة بسهولة لأي شخص ولا تتطلب أي إعداد أو مساعدة من أشخاص آخرين". وتابع: "داعش، الذي تعرضت فلوله مؤخرا لضربات شديدة من قبل أجهزة المخابرات الغربية، أصبح الآن أقل نشاطا في دول الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل، مما كانت عليه في الماضي؛ وهو ينخرط بشكل أساسي في التحريض من بعيد عبر الإنترنت؛ لذلك، ليس من المحتمل أننا سنسمع قريبا عن قيام الشاباك والشرطة بمداهمة معاقل داعش في النقب".

وكتب المحلل الأمني في صحيفة "معاريف" طال ليف رام، الأربعاء يقول: "اعتقل محمد أبو القيعان في 2015 لارتكابه مخالفات أمنية، ونشاط تحريضي يدعم تنظيم داعش وكان ينوي عبور الحدود والانضمام إلى التنظيم الإرهابي في سوريا، في عام 2019 تم إطلاق سراحه، وبالعودة إلى الوراء اتضح أنه استمر في كونه قنبلة موقوتة".

وأضاف: "من الصعب جدا على المؤسسة الأمنية احتواء مثل هذه الحوادث، عندما يحمل المهاجم شهادة زرقاء وينفذ هجوما بمفرده، ما يجعل من الصعب جمع المعلومات الاستخبارية الأولية". وأشار إلى أن جميع الهجمات التي نفذت مؤخرا كانت “فردية، مشبعة بالكراهية ويغذيها التحريض". وقال: "من الصعب على المؤسسة الأمنية وقف هذه الهجمات في البلدة القديمة في القدس أو بئر السبع بسبب نسيج الحياة المشترك بين السكان اليهود والعرب أكثر مما هو عليه الحال في الضفة الغربية، حيث تتواجد قوات كبيرة لديها خبرة عملياتية متراكمة حتى في مواجهة العمليات الفردية".

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أنه في إثر الهجوم تقرر إرسال 120 شرطيا إضافيا إلى منطقة جنوب إسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الشرطة الإسرائيلية، لم تسمه، قوله إنه لم تتوفر لدى الشرطة تحذيرات من جهاز المخابرات، بشأن نوايا أبو القيعان.

وقال المفوض العام للشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي للصحافيين: "هناك أنشطة على الأرض، مرئية وغير مرئية، من أجل دراسة الحادث بعمق، وعلى مستوى الشرطة، قمنا بزيادة حالة التأهب خوفا من حوادث مشابهة". وأضاف: "على حد علمنا، لقد تصرف بمفرده".

ولكن ردا على سؤال حول سبب عدم وجود المنفذ، الذي سجن سابقا لمدة أربع سنوات لدعمه "داعش"، في أنظار الشرطة، أجاب: "هناك أشياء لا أعرف الآن الإجابة عنها".

غير أن صحيفة "إسرائيل اليوم" اليمينية الإسرائيلية نقلت، الأربعاء، عن مسؤول كبير في الشرطة، لم تسمه، قوله إنه “نعتقد أن عمليات الطعن قد عادت”.

وقالت الصحيفة: "تخشى الشرطة من أن يتأثر الفلسطينيون الذين ليس لديهم انتماء تنظيمي واضح بأجواء رمضان والتحريض الديني وأن يقرروا تنفيذ هجمات". وأضافت: "من المحتمل أنه إذا كانت هناك تطورات أخرى في الأيام المقبلة، واتضح أن هذه بالفعل موجة جديدة من العمليات بدأت حتى قبل رمضان، فسيكون على الجيش الإسرائيلي إرسال قوات إضافية إلى الضفة الغربية لخلق "الردع".

إلى ذلك فقد أعلنت الشرطة الإسرائيلية، الأربعاء، اعتقال اثنين من أقارب منفذ العملية.

وقالت الشرطة في تصريح: "اعتقلت شرطة إسرائيل وجهاز الأمن العام، الليلة الماضية، اثنين من المشتبه بهم من أفراد عائلة الجاني". وأضافت: "سيمثل المعتقلون بتهمة الاشتباه بهم في عدم منع عمل إرهابي أمام محكمة الصلح في عسقلان ظهر اليوم الأربعاء".