على وقع اشتداد المعركة الإنتخابية النيابية، المقرّرة في الخامس عشر من أيّار المقبل، يبدو أن هناك فريقين أساسيين فقط يرفعان لواء الفوز بالأكثريّة، "​حزب الله​" وحزب "القوات اللبنانية"، إنطلاقاً من أنهما يخوضان المعركة بناء على أهداف إستراتيجيّة واضحة المعالم، بينما يتنافس معظم الأفرقاء الآخرين على الفوز بالمزيد من المقاعد النّيابية، بغضّ النظر عن العناوين السياسية لهذه المعركة.

هذا الواقع، يدفع إلى السؤال عما إذا كان هناك من صراع حقيقي على الأكثرية النيابية بين القوى المختلفة، إما أن هذا الأمر هو جزء من أدوات المعركة التي يخوضها الحزبان المعنيان بها فقط، لشد العصب قبل الوصول إلى صناديق الإقتراع، على أمل أن يقود ذلك إلى تحصين وضعهما.

في هذا السياق، تدعو مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى قراءة واقع كل تحالف على حدة، لفهم حقيقة الأمر، قبل الوصول إلى طرح مجموعة من علامات الإستفهام التي تساهم في توضيح الصورة، وتشير إلى أنّ قوى الثامن من آذار لا يمكن لها أن تفوز بالأكثرية النّيابية من دون التحالف مع "​التيار الوطني الحر​ّ"، لكن في حال حصول ذلك من المفترض البحث في إمكانية الحديث عن أنهما يشكلان معاً أكثرية متماسكة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الخلافات بين أركان هذه الأكثريّة، التي تأكدت على مدى السنوات الأربع الماضية، توضح بشكل لا يقبل الشك أنه لا يمكن القول إنها متماسكة، لا سيما تلك التي بين "​حركة أمل​" و"التيار الوطني الحر" وتلك التي بين الأخير وتيار "المردة"، وتسأل: "كيف يمكن صرف هذه الأكثرية، على سبيل المثال، عند الوصول إلى الإنتخابات الرئاسيّة، حيث المنافسة الأساسيّة ستكون بين النائب جبران باسيل والنائب السابق سليمان فرنجية"؟.

من وجهة نظر المصادر نفسها، المشهد الذي كان طاغياً، في الفترة الماضية، سيعود إلى الواجهة في السادس عشر من أيار المقبل، حيث سيجد "الوطني الحر" نفسه في مواجهة مفتوحة مع كل من "حركة أمل" و"المردة"، بينما سيعود "حزب الله" إلى لعب دور "الإطفائي" بين حلفائه، الأمر الذي سيحول دون ترجمة هذه الأكثرية من الناحية العمليّة على مستوى غالبيّة الملفات الداخليّة، في حين ستكون هي حاضرة على مستوى الملفات الإستراتيجية الكبرى.

في المقابل، تلفت المصادر السياسية المتابعة إلى أنه لا يمكن الحديث أيضاً عن أكثرية مقابلة، نظراً إلى أن "القوات اللبنانيّة" لا تستطيع تشكيل أي أكثرية نيابيّة من دون التحالف مع "الحزب التقدّمي الإشتراكي"، الذي لا يمكن أن يكون، على مستوى الملفّات الداخليّة، في موقف يتعارض مع "حركة أمل"، بسبب العلاقة التحالفيّة التي تجمع كل من رئيس الحزب النائب السابق ​وليد جنبلاط​ ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، وبالتالي من الضروري السؤال عن كيفية ترجمة "القوات" للأكثرية التي تطمح إليها من الناحية العملية.

في هذا الإطار، تلفت هذه المصادر إلى أن "القوات" والإشتراكي" يتفاهمان على العناوين السياسية العريضة، لا سيما بالنسبة إلى الموقف من "حزب الله"، بالرغم من تشديدها على أن السقف العالي الذي يذهب إليه الثاني هدفه إنتخابي فقط لا أكثر، أي أنه جزءاً من أدوات المعركة التي يخوضها لشد العصب الدرزي، على أن يعود بعد ذلك إلى سياسة ربط النزاع مع الحزب، التي يعتمدها منذ سنوات، ما يعني صعوبة الذهاب في هذا الخيار بعيداً.

في المحصّلة، تجزم المصادر نفسها إلى أن الجميع سيعود، بعد إقفال صناديق الإقتراع، إلى أرض الواقع، بغض النظر عن النتائج التي ستفرزها الانتخابات، بإنتظار التسوية التي من المفترض أن تأتي من الخارج، حيث سيدرك الجميع أن ليس هناك من أكثرية متماسكة قادرة على الحكم وحدها، لكن هناك عناوين كبرى يمكن إستخدامها في المعركة الإنتخابية لتحصيل المزيد من المكاسب.