لوحظ أن رئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية وعدداً من المحسوبين على الماكينة الانتخابية ل​تيار المستقبل​، من بينهم محمد السماك وأمين الكردي ومحمد يموت، يعملون لصالح المرشح نبيل بدر، فيما أكّدت مصادر لـ"الأخبار" أن "حركة هاشمية" هي "بإيعاز مباشر من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي يريد ضرب اللائحة التي يدعمها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة".

في غضون ذلك، أبدت مصادر أمنية خشيتها من أن تشهد العاصمة، من اليوم وحتى موعد الانتخابات، تحركات لأنصار تيار المستقبل في العاصمة لمنع أي نشاط انتخابي وإقفال العاصمة" في وجه الانتخابات "التزاماً بقرار الشيخ سعد". وكان بعض هؤلاء نفّذوا قبل أيام "غزوة" استهدفت خيمة انتخابية لمجموعة "بيروت تقاوم" في طريق الجديدة، ومنعوا نشاطاً انتخابياً لـ"مواطنون ومواطنات في دولة"، كما مُنع مرشحون، من بينهم محمود الجمل، من القيام بجولات انتخابية في نواحٍ متفرقة من العاصمة، وترافقَ ذلك مع تهديدات عبر مواقع التواصل.

هذه الأجواء أثارت "نقزة" لدى أجهزة أمنية من انفلات الأمور، خصوصاً في الأحياء الفقيرة كصبرا وشاتيلا وطريق الجديدة وأرض جلول وقصقص، ومن احتمال تحويل التهديد إلى أفعال تطاول أقلام الاقتراع لجعل "يوم الاقتراع" مناسبة لـ "إظهار الولاء لسعد الحريري".

في موازاة ذلك، نقل عن السنيورة قوله قبل أيام في لقاء انتخابي "إننا أحرارٌ في اختيار الترشح والمشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وقبل إعلان انخراطنا في الانتخابات أبلغناهم إياه، ولم يظهر أن لدى أحد مشكلة. غير أن ما حصل لاحقاً اختلف كلياً، وبتنا نتعرض لكثير من المصاعب والتهديدات".

آخر فرصة

الى ذلك، علمت "الجمهورية" انّ لقاء حصل قبل أيام قليلة بين مجموعة من الاقتصاديين، وسفير دولة اوروبية كبرى، قدّم خلاله السفير المذكور قراءة سوداوية للواقع اللبناني، خلاصتها:

اولاً، على الرغم من التطورات الدولية التي استجدّت بين روسيا واوكرانيا، فإنّ لبنان لم يخرج من دائرة الاهتمام الدولي، فالمجتمع الدولي ما زال ينتظر اجراء ​الانتخابات النيابية​ في موعدها بحيادية ونزاهة.

ثانياً، ان المجتمع الدولي، وسائر المؤسسات المالية الدولية على التزامها بمساعدة لبنان فيما لو بادَرت الحكومة اللبنانية الى اتخاذ الاجراءات الاصلاحية المطلوبة. والمؤسف انّ الحكومة اللبنانية لم تبادر الى ذلك حتى الآن، رغم كل ما نسمعه من وعود والتزامات.

ثالثاً، يجب ان يدرك المسؤولون في لبنان انهم أمام آخر فرصة لإنقاذ بلدهم عبر المبادرة الى الايفاء بالتزاماتهم بالاصلاحات، وإن جرى تفويت هذه الفرصة، فلا أمل للبنان بالخروج من الازمة، بل ستتعاظَم هذه الازمة اكثر، وتصبح معاناة الشعب اللبناني أكبر واكثر خطورة.

وبحسب ما نقل بعض الحاضرين عن السفير المذكور، فإنّ الاتفاق على برنامج تعاون بين لبنان وصندوق النقد الدولي يشكّل خطوة مهمة ومُلحّة على طريق إخراج لبنان من أزمته، والمبادرة في هذا السياق في يد الحكومة اللبنانية، التي يريد الصندوق ان تقدم له شيئا ملموسا ومُشجّعا له للاتفاق معها على برنامج تعاون كلّما تأخّر، كانت السلبيات اكبر على لبنان.

على انّ السفير عينه كشف امام الحاضرين عن سبيل آخر لخروج لبنان من أزمته، مؤكداً انّ الدور الاساس فيه هو للحكومة اللبنانية، ولا سيما لجهة العمل الجدي على استرداد الاموال المهربة او المحوّلة الى خارج لبنان خلال السنوات الثلاث الاخيرة، والتي في مجملها اموال ناجمة عن فساد وسرقات وعمليات احتيال، وهذا التوصيف هو للأمين العام للامم المتحدة الذي اكد خلال زيارته الاخيرة للبنان بأنّ ازمة لبنان وإهدار امواله ناجمان عن عملية احتيال.

واوضح السفير، كما نقل عنه بعض الحاضرين، «ان الاموال المهربة او المسروقة هي ملك للدولة اللبنانية، وهي على حد ما نسمع من اللبنانيين، أموال بمبالغ كبيرة جدا، فلو انّ لبنان سعى او تمكّن من استرداد هذه الأموال، فكان يمكن ان تُغنيه عن اللجوء الى صندوق النقد الدولي وكلّ المؤسسات المالية الدولية والدول المانحة». وقال: «اليوم أنتم في لبنان امام فرصة أخيرة لإنقاذ انفسكم، فإن لم تنقذوا أنفسكم سواء بإصلاحات جذرية وسريعة، او عبر استرداد ما تمّ إخراجه من اموال بطريقة معيبة من بلدكم، فلا أمل لكم بالخروج من الازمة. انّ عليكم ان تُرغموا مَن أخرج المال على إرجاعه.

الاسترداد ممكن.. ولكن!

الّا ان مسؤولا كبيرا في الاتحاد الاوروبي أبلغَ الى أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب تأييده الكلّي لأن يبادر لبنان الى استرداد الاموال من خارج لبنان، وخصوصا تلك التي تحوم حولها شبهات سرقة وفساد.

وبحسب معلومات موثوقة لـ"الجمهورية" فإنّ المسؤول الاوروبي توجّه الى اعضاء اللجنة الخارجية بعدما أثاروا مسألة الاموال المهربة، وقال: نحن بالتأكيد نؤيّد هذه الفكرة، ولكن انا اريد أن أنوّركم، فلكي تسترد هذه الاموال هناك آلية معقدة ومسار طويل، حيث لا تستطيع الدولة اللبنانية ان تقول فقط لديّ اموال مهربة واريد ان استردها، ويُستجاب لطلبها. فأولاً، يجب ان يكون هناك تحقيق في لبنان، وان يكون هناك متّهم بشكل مباشر وتهمة مباشرة وصريحة تُوجّه اليه وتؤكد انه فاسد وقام بتهريب المال الى الخارج، وتحدد مكان وجود هذا المال بعد تهريبه، ومن ثم تُصدِر الحكم عليه، وبعدها تنتقل الى الخارج لتتفاوض مع الجهات المودع لديها هذا المال، في كيفية الافراج عنه واسترداده. وللعلم، فإنّ تونس حتى الآن لم تسترجع شيئاً من الاموال التي هرّبت خارجها، وكذلك الامر بالنسبة الى مصر، فالمسار طويل، بل هو طويل جدا. والخطوة الاولى الطبيعية يجب ان تبدأ من لبنان، وتحديداً من تطبيق قانون الاثراء غير المشروع.