إنّ معالجة قضية لبنان المتشعبة وعلى إختلافها بما فيها قضية الإنتخابات معالجة منطقية مجدية من المفترض أنْ تبدأ قبل أيّ إستحقاق بمعالجة المشاكل الإقتصادية–السياسية–الإجتماعية–المالية. عمليًا يجب أن يُصبح الإنسان في لبنان في وضع عقلي وإنساني وإجتماعي سليم يمّكنه من تقرير مصيره تقريرًا عقليًا وإنسانيًا سليمًا، أي يجب تكون نظرته شاملة لمقاربة أيّ موضوع قد يطرأ أمامه .

بات الإصلاح في كل أشكاله جزءًا لا يتجزأ من الممارسة القانونية الشاملة للعملية الإصلاحية وملازمًا لها. الإصلاح السياسي يتطلّب موقفًا شجاعًا لأيّ مرجعية سيّاسية ترغب في التعاطي بالشأن العام وعليه أن يحمل مشروعًا سياسيًا على أساسه يطلب الإستبانة وتمثيل الرأي العام. وكل صاحب فكر إصلاحي أنْ يتأقلم مع الناس والإطّلاع على آرائهم ومشاريعهم السياسية ولاحقًا متابعة أداء من وصل منهم إلى الندوة النيابية.

المطلوب من أي مرجعيّة إصلاحيّة أن تكون حرّة وموضوعيّة، أن تكون أداة تثقيف مهمتها توعية وإصلاح مجتمع وتوعيته على الديمقراطية وممارستها وتعريفهم بدورهم وحقهم في الوطن بناء على ما أدرج في شرعة حقوق الإنسان، وإطلاعهم على آلية عمليّة الأصول السياسية الديمقراطية وحثّ المواطنين على المحاسبة، أن يكون سلطة رأي وتنوير بالتركيز على طروحات ومنظومات سياسية تُفيد الرأي العام .

إنّ مشاركة قوى الإصلاح في صياغة المصلحة العامة هو شيءٌ مشروع ومطلوب لتقدُّمْ المجتمعات وتطوّرها ولإستقامة الحياة السياسية بمعناها الواسع والنبيل. قوى الإصلاح عليها أن تتعامل بواقعية إلى مطالب وحاجات الناس وتُراعي الواقع وتعمل على برمجة الأولويّات... بالإضافة إلى منظومات الإصلاح عمليًا الّذي سيكون حارسًا للديمقراطية، وهو مسؤول عن أي عمل سياسي نبيل شريف وكاشفًا لكل محاولات التدخل والتأثير. إنّ الإصلاح السياسي هو عمليّة شاملة للنهوض والتقدُّم عمليّة مزدوجة تسعى إلى تطوير إمكانيات اللبنانيين لتمكينهم من نيل حقوقهم والقيام بواجباتهم تجاه المجتمع والدولة والعالم والتوعية بطرق وآليات ممارسة المواطن لسلطته ورقابته .

الإصلاح السياسي حركة سياسية جديدة في المجتمع اللبناني تُشجّع على بناء آليات عملانيّة للخطاب الوطني، وأهمها توضيح إهتمامات أي مُرّشح راغب في دخول الندوة البرلمانية، وإعلامه عن الخطط والبرامج الموضوعة من قبل الإصلاحيين لتأمين شروط إستدامة نوّعية الحياة في لبنان، وتأمين حظوظ أوفر في مجالات تحسين الممارسات الديمقراطية في المستقبل القريب .

الإصلاح السياسي عليه أنْ يُعالج كل أنواع الصعوبات والمشاكل التي يُعاني منها الشعب اللبناني والسبُل الى ذلك، وإعادة تنشيط المواطنيّة وتمتين الإرتباط بالأرض والمجتمع والبيئة في ظل التحولات السياسية والأمنية والإقتصادية والمالية والمدينية التي يشهدها لبنان .

الإصلاح السياسي يتطّلب تطبيق القوانين وإقتباس الشرائع حيث لا يستنفدان مفهوم العدالة في المجتمعات التي لم تكتمل معالمها المصيريّة، ولم تنسجم عناصرها البشرية في إطار إجتماعي منتظم موّحد، بل إنه يتحتّم على مفهوم العدالة في هذه المجتمعات أن يتسِّعْ للجوهر الفكري والأخلاقي الذي يبعث القوانين والشرائع وفقًا لحاجات الوحدة الإجتماعيّة ولتوافر شروط وجودها وإرتقائها.

إنّ الإصلاح السياسي الذي يتلائم وإمكانات لبنان الفكريّة الثقافية الممتازة ويتسجيب لجدارة تاريخه ورسالته، هو الذي يُتيح له فرصة التعبير الصادق الكامل عن قدرته الحقيقية على الخلق والإبداع والعطاء .

الإصلاح فرصة ثمينة لمؤسسات المجتمع لتطوير المفاهيم السياسية ولمناقشة غايات وأهداف الشعب، ولإبتكار أطر وأساليب عمل وعلاقات تُبنى بين عناصرها وبين السّاعين إلى ميدان العمل السياسي .