تأخرت إنطلاقة المعارك الإنتخابية في لبنان، مقارنة مع الاستحقاقات السابقة التي كانت تشتعل فيها حدّة المواجهات السياسية-الإنتخابية في جميع الدوائر، قبل اشهر من موعد الاستحقاق.

يعتقد المطّلعون ان غياب رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري عن المشهد الانتخابي، والشائعات التي انطلقت حول امكانية تأجيل الاستحقاق، واختلاط التحالفات الانتخابية الهجينة، والشكاوى من غياب الامكانات المادية واللوجستية، كلها ساهمت في الحديث عن تأجيل الانتخابات، لكن الاستحقاق قائم في موعده من دون اي تأجيل.

اول المعارك الحامية اطلّت من ​دائرة جبل لبنان الأولى​ (كسروان - جبيل) نتيجة رفع مرشح الكتائب سليم الصايغ سقف خطابه الانتخابي بالتصويب على لائحة النائب فريد هيكل الخازن مباشرة، ولجوء اعلام التيار الوطني الحر ايضاً الى التهجم على ذات اللائحة، مما دفع الأخير للرد في بيان حاد، بالإتجاهين.

فلماذا تنطلق المعركة بهذا المسار؟

يتحدث المطلعون عن ان السباق الانتخابي الجاري بين كل من التيار الوطني الحر والكتائب من جهة، والخازن من جهة ثانية، بشأن المقعد الخامس في كسروان.

تشير المعلومات الى ان الخازن يقود معركة المستقلين ضد الاحزاب في عاصمة الموارنة، وهو اسلوب يكسبه تأييداً شعبياً، مما دفع بالصايغ الى مهاجمة الخازن بسبب قلق الأخير من اقتصار نجاح لائحته على فوز رئيسها نعمة افرام لا غير، وخروج الكتائب من المشهد الانتخابي في كسروان - جبيل بخسارة سيكون وقعها مدوّياً.

فهل يتحمل افرام مسؤولية التحالف مع الكتائب ضد عديله الخازن؟ المراقبون الذين يقولون ان قلب افرام مع الخازن، يدفع ثمن تحالفه مع الكتائب:

اولاً، هو ليس بحاجة لاصواتهم للفوز بمقعده.

ثانياً، ابعد افرام الوزير السابق زياد بارود عن لائحته بسبب الصايغ، علماً ان ضم بارود كان سيعطي اللائحة فعلاً لون المجتمع المدني وقوى التغيير، لكنها اصبحت لائحة افرام- الكتائب.

ثالثاً، ان معركة افرام ليست مع عديله، بل مع القوى السياسية وتحديداً حزب القوات الذي يسعى لنيل مقعد ثالث في الدائرة عبر الكسور.

اما التيار الوطني الحر فهو قلق ايضا من لائحة الخازن وافرام معاً، وهو يسعى بالتحالف مع حزب الله الى رفع حواصل وكسور لائحته، لنيل مقعد ثالث في الدائرة.

امام هذا المشهد، يحاول تحالف النائبين السابقين فارس سعيد ومنصور البون الوصول الى الحاصل الانتخابي لفرض وجودهما، وهما قادران على سحب الاصوات من امام احزاب القوات والكتائب، خصوصاً في جبيل التي يعتبر فيها سعيد رأس حربة في الخيار السياسي الذي ينتهجه.