منذ الإعلان عن عودة السفير السعودي ​وليد البخاري​ إلى بيروت، طرحت الكثير من السيناريوهات حول أسباب هذه العودة، لا سيّما لناحية ربطها بالدور الذي من الممكن أن تلعبه الرياض في ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، بعد أن كانت سعت، بطريقة غير مباشرة، إلى معالجة الخلافات التي كانت قائمة بين حلفائها، لمنع تدهور الوضع في بعض الدوائر.

على الرغم من أن صورة الإستحقاق الإنتخابي باتت محسومة بنسبة كبيرة، يرى البعض أنّ ​السعودية​ ستسعى إلى الحضور القوي في الفترة الفاصلة عن فتح صناديق الإقتراع، على أمل أن يساهم ذلك في تحسين النتائج التي من الممكن أن يحقّقها حلفاؤها، بالرغم من أنّ هامش التغيير من المستبعد أن يكون كبيراً.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن التركيز الأساسي سيكون على الساحة السنية، التي تعتبر المعبر الرئيسي لها نحو لبنان، نظراً إلى أن ما ستنتجه سيعبر عما إذا كانت الرياض راغبة في الدخول الفعلي على خط الإنتخابات النيابية، في ظل غياب رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ عن المشهد، نتيجة الضغوط التي كانت قد فرضت عليه في هذا المجال.

وفي حين لا تزال العديد من الجهات ترفض الحديث عن ضغوط تعرض لها الحريري للذهاب إلى هذا الخيار، ترى المصادر أنّ التأكيد على ذلك من الممكن أن يكون من خلال العودة إلى ما كان قد صرح به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حديث لصحيفة "الأهرام" المصرية خلال زيارته إلى القاهرة، عندما أشار إلى أن رئيس الحكومة السابق أجبر على الإنسحاب من المعترك السياسي والإنتخابات النيابية.

أما على مستوى الإستحقاق الإنتخابي من الناحية العملية، تلفت المصادر نفسها الى أن تيار "المستقبل"، منذ لحظة الإعلان عن قرار الحريري رسمياً، بدأ السعي إلى محاولة دفع الساحة السنية إلى مقاطعة الإنتخابات، بالتزامن مع الهجوم على الشخصيات التي أرادت خوضها بعض النظر عما إذا كانت قريبة منه في السنوات الماضية، وأبرزها كان رئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ الساعي إلى تشكيل حالة نيابية جامعة، تستند إلى الحضور الذي يشكله "المستقبل" في مختلف المناطق.

في هذا الإطار، تعتبر المصادر المتابعة أن "المستقبل" لا يستطيع أن يتبنى المقاطعة بشكل رسمي، خصوصاً في ظل الدعوات إلى المشاركة الكثيفة من قبل العديد من المرجعيات السنية، لا سيما مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بالإضافة إلى أن ذلك سيكون بمثابة مشاركة سلبية منه لا يبدو أنه قادر على الذهاب إليها، خصوصاً إذا ما كانت السعودية لا تتبنى هذا التوجه، لا بل تعارضه إلى أقصى الحدود.

على الرغم من ذلك، تتوقف هذه المصادر عند ما تضمنه البيان الصادر عن التيار، في نهاية الاسبوع المنصرم، لناحية وضعه "الأخبار الملفقة"، حول تدخّله لدعم لوائح معينة أو محاربة أخرى، في إطار "محاولة من مطلقيها استباق نتائج الانتخابات، الذين باتوا يتوقعون هم أنفسهم أنها ستكشف الأوهام التي سوقوا لها داخل لبنان وخارجه بأنهم سيقلبون المعادلات في المجلس النيابي ويكتسحون المناطق والمقاعد".

من وجهة نظر المصادر نفسها، هذا الموقف هو بمثابة الرسالة من "المستقبل" التي تؤكّد فشل الجهات المحلّية التي سعت إلى وراثته، لكن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بإمكانية تبدل هذا الواقع في حال قررت الرياض الدخول على الخطّ بقوتها، لا سيما لناحية دعم حركة السنيورة التي لديها مرشحين في العديد من الدوائر، بالتحالف مع حزب "القوات اللبنانية" والحزب "التقدمي الإشتراكي" بشكل أساسي.

في المحصلة، الأيام المقبلة ستكشف عما إذا كانت السعودية ستذهب بعيداً في دعم حلفائها في الإنتخابات النيابية، خصوصاً على الساحة السنية، الأمر الذي من المفترض أن يكون له تداعيات سلبية على "المستقبل" بالدرجة الأولى، لكن هل يدفع ذلك التيار إلى التراجع عما يقوم به، لناحية تشجيع المقاطعة أو دعم لوائح أخرى، أم يستمر في المواجهة التي يريد من خلالها تكريس زعامة الحريري حتى ولو كان غائباً عن الإستحقاق؟.