فيما تعمل القوى السياسية بكل ما أُوتِيت من قوة وقدرة على الترغيب لجذب الصوت السني في الدوائر المشتركة، بدأت الماكينات الانتخابية تلمس تراجعاً في حماسة البيئة السنية للتصويت والاقتراع. وأكثر من يشكل له هذا الأمر مشكلة هو الحزب التقدمي الاشتراكي، لا سيما في إقليم الخروب. إذ تؤكد كوادر انتخابية في المنطقة أن الاشتراكي "بدأ يشعر بغياب الحماسة لدى شريك انتخابي أساسي".

ولفتت المصادر لـ "الاخبار" إلى أن هذا الأمر "لم يحصل فورَ إعلان رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​ تعليق عمله السياسي وعدم خوضه الانتخابات"، ففي "الفترة الأولى بعد إعلان الحريري، كانت المفاتيح الانتخابية التابعة لتيار المستقبل في الإقليم، كما بعض كوادره ومنسقيه، يرغبون في التعاون على الأرض واستقطاب عدد من الناخبين لصالح لوائح وليد جنبلاط، لكن هذه الرغبة صارت شبه معدومة حالياً".

وفي هذا الإطار، لا يزال "الفريق الأول" لدى الحريري يدفع في اتجاه المقاطعة ويؤكد على مسؤولي التيار العمل في هذا الاتجاه. وفي هذا السياق، عقد اجتماع أول من أمس ضم الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري ورئيس "جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية" أحمد هاشمية و"القيادة الوسطى" في التيار، إلى مأدبة إفطار شهدت الكثير من الأخذ والرد. ولفتت مصادر حضرت الإفطار إلى أن "الأحمدين" يهدفان إلى "إعادة لمّ الشمل المستقبلي"، خصوصاً أن "انسحاب الحريري وتعليق عمل التيار أحدث إرباكاً على المستويين التنظيمي والشعبي".

المصادر نفسها أشارت إلى أن "الأحمدين" تحدثا عن "انطلاقة جديدة للتيار بعدَ الانتخابات"، واعتبرا أن "الانكفاء المستقبلي كانَ نافعاً لجهة كشف المتسلقين والمنتفعين على ظهر تيار المستقبل، وأظهر من يتسمون بالشخصانية والأحقاد". وأكد الأحمدان أن مقاطعة الانتخابات "قرار لا رجوع عنه، وأن التيار لا يدعم أي اسم ولا أي لائحة، فيما جرى التأكيد على أن أي شخص يخالف القرار لن يكون له مكان داخل التيار في المرحلة المقبلة".

خيارات المستقبل

في المقابل، ذكرت "الديار" بانه مع مراجعة "تيار المستقبل" لحساباته الانتخابية ومع تضارب الآراء وبعد خروج العديد من قياداته من المكتب السياسي، تسود وجهتا نظر داخل "التيار الازرق":

الاولى تقول باعتماد الورقة البيضاء لناخبي "المستقبل" ويتردد هذا الكلام في ملف الانتخابات في بيروت الثانية وذلك لتأكيد حجم حضور "المستقبل" والتزام جمهوره بقرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري فعدد الاوراق البيضاء سيحدد حجم "المستقبل". وبذلك يكون "المستقبل" لم يقاطع نزولاً عند رغبة ونداءات مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وايضاً يوصل رسالة الى السعودية و"الوارثين" السنة انه حاضر وموجود.

اما وجهة النظر الثانية، ووفق اوساط صيداوية سنية، فتقول بوجوب المقاطعة الشاملة، وعدم ذهاب اي مناصر او حزبي ملتزم من "المستقبل" الى الصناديق تفادياً لمحاولات التأثير عليهم والضغط عليهم في مراكز الاقتراع للتصويت لحلفاء "المستقبل" السابقين.

ويبدو الصوت الاكثر "تطرفاً" بالمقاطعة هو في صيدا حيث "عرين المستقبل"، وكذلك في طرابلس حيث يعتبر الحريري انه "طعن" من "اهل البيت" ومن كانوا "يوهمونه" ان طرابلس معه كما كانت مع والده مهما تبدلت الظروف.

عكار

وفي عكار تنهمك منسقية المستقبل في لملمة البيت الداخلي بعد التشرذم الذي تسبّب به عضو المكتب السياسي في التيار، المنسق السابق خالد طه، بخروج على قرار سعد الحريري وعمله في الماكينة الانتخابية الأساسية للمرشح علي طليس رئيس لائحة "الوفاء لعكار" المدعومة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ما أثار بلبلة في صفوف التيار الأزرق واستدعى اتهامات لطه بـ"الغدر" و"الخيانة".

ولفتت "الاخبار" الى ان أن تأكيدات المستقبل بالوقوف على الحياد والمقاطعة لا تقنع كثيرين وتعارضها الوقائع. إذ يُسجّل نشاط لافت لكوادر التيار ومنسقيه لمصلحة لائحة "الاعتدال الوطني" التي تضم نواب "المستقبل": وليد البعريني، هادي حبيش ومحمد سليمان، والمرشحين: سجيع عطية وجولي حنا وأحمد رستم، وخصوصاً في منطقة جرد القيطع التي شكلت الرافعة الأساسية لتيار المستقبل في دورة 2018، وحصد فيها النائب وليد البعريني 21 ألف صوت تفضيلي.

وأكد كادر في التيار لـ"الأخبار" أن "الهدف المحافظة على عدد المقاعد نفسه وكأن الحريري لا يزال موجوداً، وفي أسوأ الأحوال المحافظة على ثلاثة حواصل"، مؤكداً أن "المعركة الأساسية ستكون ضد القوات اللبنانية التي تسعى إلى وراثة زعامة السنة، وبدرجة ثانية ضد التيار الوطني الحر، وبالطبع نحث على المشاركة وعدم ترك الساحة".