أطلقت توصيفات عديدة على ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة في 15 أيار، بين من يعتبرها حرباً سياسية، ومن يعتبرها "حرب إلغاء"، ومن يراها مفصلاً بتحديد مستقبل لبنان، ومن سمّاها "الإنتخابات الأهم والأخطر بعد اتفاق الطائف"، وهذه كلها قد تكون تسميات صحيحة ودقيقة، فالإنتخابات تسبق مرحلة جديدة من عمر لبنان.

في هذه الإنتخابات معارك فرعيّة على أغلب الساحات الطائفيّة، ربما ما عدا الساحة الشيعيّة، إنما المعركة على الساحة المسيحيّة تكتسب أهمّية بارزة، لا سيّما أنّها تأتي قبل أشهر قليلة من موعد الإستحقاق الأبرز أيّ الإنتخابات الرئاسيّة، حيث تسعى القوى الأساسيّة، أيّ "​التيار الوطني الحر​" وحزب "القوات اللبنانية"، إلى الفوز بالكتلة النّيابية الأكبر، على قاعدة أنها من الممكن أن تدعم ترشيح ممثليها إلى رئاسة الجمهورية، من دون تجاهل وجود مرشحين آخرين أبرزهم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية.

إلى جانب الإنتخابات الرئاسيّة، التي على ما يبدو لن تكون لصالح المرشّحين المعروفين، هناك أهمّية للإنتخابات في هذه الساحة بسبب الإصطفاف السياسي الحادّ القائم في البلد بين طرفين أساسيين، هما 8 و14 آذار، والحلفاء، وهذا الواقع، دفع العديد من الجهات إلى التركيز على المعركة في هذه الساحة، حيث يسعى "​حزب الله​" إلى دعم حليفه "التيار الوطني الحر" بكل قوته، بينما رفعت القوى المعارضة له شعار أن المعركة مع التيار هي في الأصل معركة مع الحزب وسلاحه بشكل مباشر، الأمر الذي يوحي بأنها في معظم الدوائر هي بين معارضي الحزب، و"الوطني الحر".

في السياسة يمكن وضع "التيار الوطني الحر" و"​تيار المردة​" الى جانب بعضهما البعض، كما يمكن وضع "القوات اللبنانية" وبعض الشخصيات المسيحيّة التي "تدّعي" الثورة" بفريق واحد، إنما هذا التقسيم لم يُترجم في الإنتخابات، إذ نرى "المردة" خصماً لـ"التيار الوطني الحر" في دائرة الشمال الثالثة، و"القوات" بوجه ميشال معوض في الدائرة نفسها، ونرى فارس سعيد معارضاً لـ"القوات" في كسروان–جبيل.

إن المعركة الإنتخابية والترشيحات والتحالفات على الساحة المسيحيّة لا تعكس حقيقة الواقع، فبالنسبة الى ميشال معوض، على سبيل المثال، فهو يعتبر أن معركته في الشمال الثالثة، وإن كانت "القوات ضده"، هي بهدفين، الأول منع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل من الوصول الى الندوة البرلمانيّة وتخسيره الانتخابات في البترون، والثاني محاولة تحجيم تيار "المردة" وسليمان فرنجية.

إذا، هي معركة سياسية بالدرجة الاولى، بين من يؤمن بأهمية "المقاومة" ومن يطلب تسليم السلاح وإعلان حياد لبنان، وفي هذا الإطار، كان لافتاً دخول ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ على خط المعركة، من خلال إطلاق سلسلة من المواقف التي تصبّ في خانة دعم اللوائح التي تضمّ مرشحين معارضين لـ"حزب الله والتيار الوطني"، الأمر الذي من المفترض أن يكون له تداعيات، بغضّ النظر عن حجمها، على سير المعركة الإنتخابية في هذه الساحة.