افتتحت وزارة السياحة والجامعة اللبنانية الاميركية LAU، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير السياحة وليد نصار، أعمال "المنتدى الاورومتوسطي للحوار بين الثقافات" في مقر الجامعة، بالتعاون مع وزارتي الثقافة والزراعة، والمعهد الاوروبي للطرق الثقافية التابع لمجلس أوروبا، و"مؤسسة لويس قرداحي-LAU"، وذلك احتفاء بجملة انجازات ثقافية في مقدمها انضمام لبنان الى عضوية "الاتفاقية الجزئية الموسعة للطرق الثقافية" ليصبح العضو الـ 35 من خارج الاتحاد الاوروبي الذي ينضم الى الاتفاقية. اضافة الى الاعلان عن إنشاء "اكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار في لبنان"، وافتتاح متحف "طريق الفينيقيين" في جونية، واعلان بلدة بكاسين في قضاء جزين كواحدة من افضل القرى السياحية في العالم ضمن مبادرة منظمة السياحة العالمية، وصولا الى تدشين "طريق الزيتون" في بلدة بشعلة البترون، وإطلاق "طريق النبيذ" الممتد بين البقاع الغربي وزحلة.

واعتبر نصار أن "زيارة البابا فرنسيس لمباركة وطننا وشعبنا العظيم، هي رابع زيارة تاريخية لبابا روما الى لبنان خلال مئة عام.حيث سيزورنا قداسة الحبر الأعظم ليومين في 12 حزيران المقبل و13 منه، وتم تكليفي برئاسة اللجنة العليا لتنظيم الزيارة، التي اعتبرها من أكبر المسؤوليات والتحديات بتاريخ عملي وحياتي المهنية والخاصة، أمام عظمة هذا الحدث وقيمته السماوية والدينية، على أمل ان نحقق الآمال المرجوة بإنجاح المهمة على أكمل وجه، فالزيارة التي يتبارك لبنان واللبنانيون من مختلف الطوائف والأطياف منها، ستكون بداية صيف حار سياحيا، صيف امتلأ بالحجوزات، وسنواكبه في وزارة السياحة بالرزم السياحية الصيفية التي أعلنا عنها من مؤتمرنا السياحي الأول في جبيل، من هذا المكان تحديدا. كما سنواكب موسم الصيف بمهرجانات لبنان في بيروت، التي ستعود بنا الى زمن لبنان الجميل وزمن العز على الرغم من كل الصعوبات. لكن خيارنا بالعيش والفرح وأملنا بوطن افضل ومستقبل افضل لأبنائنا يجعلنا نستمر في إصرارنا على الحفاظ على صورة لبنان الحقيقي".

وتابع: "يسعدني أن أرحب بكم جميعا في جبيل للاحتفال بلبنان وبموقعه الجديد، كالدولة العضو الـ 36 في الاتفاقية الجزئية الموسعة للطرق الثقافية، من أجل المسارات الثقافية وهو أول بلد أورو-متوسطي في الشرق الأوسط ينضم إلى هذه الاتفاقية التابعة لمجلس أوروبا. ويركز تعاوننا مع منظمات السياحة الدولية على الحفاظ على تطويرنا المؤسسي لخريطة طريق السياحة الثقافية للبنان بما يتماشى مع خطة عمل الوزارة والاستراتيجيات التي طورها اتحاد طريق الفينيقيين".

وقال: "تسلط خريطة طريق خطة العمل الضوء على إعادة تفعيل الإتفاقيات مع شبكة من منظمات السياحة الوطنية والدولية، وتحديدا منظمة السياحة العالمية (UNWTO) والمعهد الأوروبي للمسارات الثقافية التابع لمجلس أوروبا وطريق الفينيقيين. وأعربنا علنا عن اهتمامنا بالتعاون مع القطاعين العام والخاص. وبالتالي عينا الأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور رشيد شمعون، الرئيس الفخري لاتحاد طريق الفينيقيين، كمستشارنا لشؤون الاتفاقيات السياحية الدولية لتمثيل لبنان لدى وكالة حماية البيئة في المعهد الأوروبي للمسارات الثقافية التابع لمجلس أوروبا. وقد اتخذت الجامعة اللبنانية الأميركية إجراءات ملموسة في هذا الاتجاه بدعم من رئيسها الدكتور ميشال معوض".

أضاف: "تتضمن خطة العمل هذه تسعة خطوط استراتيجية للتدخلات التي تتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. تعاد النظر في هذه التوقعات في الجمعية الدولية السنوية ويعاد تشكيلها وتعديلها إذا لزم الأمر ثم تنفذ مع العمل على تطوير مواضيع وإجراءات استراتيجية وفقا للتغييرات التي تحدث داخل المسارات والطرق الثقافية لمجلس أوروبا وخارجها: التنسيق والتنظيم الداخلي، الأنشطة الخارجية والدولية، تعزيز التراث وتمتين الأصول، إدارة برامج الرحلات وتحديثها، الاستدامة، الجودة والاهتمام بالمسافر، البحث، التربية والتعليم حول مواضيع التراث، والتواصل والنشر، بالإضافة إلى ارتباطنا الثقافي المؤسسي مع المعهد الأوروبي للمسارات الثقافية التابع لمجلس أوروبا واتحاد طرق الفينيقيين، سنعمل على تنشيط ارتباطنا مع طريق شجرة الزيتون وطريق النبيذ وطريق الفتح الأندلسي على المسار الأموي. وهذا ينعكس ايجابا على دعم السياحة وتنشيط اقتصادنا الوطني ودعم منتجاتنا الزراعية والصناعية ومزارعينا في القرى والارياف".

وأردف: "نحتفل بعضوية لبنان في الاتفاقية الجزئية الموسعة على الطرق الثقافية لمجلس أوروبا، وعنوان احتفالنا "منتدى الحوار الأورو متوسطي بين الثقافات"، إذ ان الهدف منه بالنسبة إلينا في وزارة السياحة والجامعة اللبنانية الأميركية تعزيز الحوار بين الثقافات من خلال عضويتنا في المجلس، وهنا نغتنم الفرصة للاستفادة من الفكرة التي أطلقها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في 21 أيلول 2017 ومبادرته بإنشاء أكاديمية "الإنسان للتلاقي والحوار" لتكون مركزا للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق، إذ ان وطننا قائم على ركيزة التعايش وثقافة الحوار بين الأديان في تاريخه القديم والحديث، وهذا ما ساهم في وضع شرعة حقوق الإنسان، ولبنان بلد يجسد العالم على مصغر نظرا لتنوعه الثقافي والديني والتربوي الواسع، إضافة إلى موقعه المميز تاريخيا وجغرافيا كصلة وصل بين الشرق والغرب، وانتمائه للدول العربية وتفاعله مع العالم الإسلامي، ومساهمته في الفرانكوفونية، كل ذلك أسباب تجعل من لبنان بلدا مؤهلا للعمل على التقارب بين الثقافات والأديان المختلفة، ودعوة الشباب للتلاقي حيث وصفه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بأنه اكثر من وطن انه رسالة".

وقال: "متسلحا بكل ما ذكر، أطلق الرئيس عون من على منبر الامم المتحدة مبادرته بترشيح لبنان ليكون مركزا دائما للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والاعراق، عبر أكاديمية تكون تابعة للامم المتحدة، ولاقت مبادرته تجاوبا من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش ومن خلال لقاءاته المحلية والعربية والخارجية، لاقت ترحيبا واسعا من الدول والهيئات الدولية التي أعربت عن استعدادها لدعم هذه المبادرة، هدفنا اليوم الاستفادة من هذه المبادرة ودعمها الكامل وتجسيد اهدافها من خلال برامج اكاديمية تتبناها الجامعة اللبنانية الاميركية بالتعاون مع وزارة السياحة ووزارة الثقافة والوزارات المعنية كافة، ليصبح لدينا اكاديمية ناشطة بإعلان تلك الثقافات وتنمية الحضارة بين الشعوب. ان هذه المبادرة المتعددة الأطراف ورغم تواجد مقر الأكاديمية في لبنان، إلا أنه من المهم ان يصبح لديها فروع وتمثيل ودعم من الجامعات كافة في لبنان، وان تمثل هذا المشروع الثقافي الكبير في العالم".

وتابع: "إن فكرة مشروع الأكاديمية وعلى الرغم من التطورات في العالم، لم تنم في الأدراج، بل أعيد انطلاقها في 16 أيلول 2019 بعد اعتماد الجمعية العامة للامم المتحدة قرارا بعنوان "اكاديمية لبنان للتلاقي والحوار" قدمته ووافقت عليه 178 دولة، حيث أعربوا في قرار رسمي في الجمعية عن تقديرهم لما يبذله لبنان من جهود لتعزيز دوره باعتباره مركزا للحوار والتنوع وانشاء الاكاديمية هذه، بالإضافة إلى الترحيب بمبادرة فخامة الرئيس. دورنا اليوم هو تحقيق هذا المشروع وتجسيده من خلال تبني وطرح برامج أكاديمية وتنظيم دورات تدريبية بالتعاون بين الوزارات المعنية كافة".

أما المدير التنفيذي لـ"للاتفاقية الجزئية الموسعة للطرق الثقافية في مجلس اوروبا" الدكتور ستيفانو دومينيوني فأكد أهمية المنتدى لأنه "يظهر التزام لبنان في القطاع السياحي والثقافي ويحدد خياره الاستراتيجي بوضوح على المستوى العالمي".

من جهته، أشار وزير الثقافة القاضي وسام المرتضى الى "واقع لبنان المنتصر دائما في وجه الازمات"، الى أن الهوية المعرفية لا تناقض البتة هويتنا السياسية التي هي انتماء إلى العروبة الحضارية، خلاصة وجودنا ومضمون اتفاقنا الوطني، مع التشديد طبعا على التعدد ضمن الوحدة الذي هو سمة كل حضارة راقية. ذلك أن الشعوب الكثيرة التي مرت بهذا الشاطىء غازية أو عابرة، حفرت تذكاراتها على صخور نهر الكلب، إلا العرب فإنهم حفروها في القلوب وعلى الألسنة، كما يقول فيليب حتي. لذلك ينبغي لكل حوار ثقافي أن يأخذ بالاعتبار هذه الحقيقة الحياتية التي جسدها اللبنانيون على مر العصور أدوارا بارزة في النهضة العربية بمختلف ميادينها، والتزاما بقضايا العروبة وأهمها: فلسطين والحرية والعدالة والتنمية".

واعتبر المرتضى أن "الحوار يجب أن يبدأ مع الذات أولا، فإنما ينبغي للمرء أن يقف يوميا أمام مرآة أفكاره، ويراجعها في ضوء علاقته مع الآخر. نحن هنا لنعيش معا، والمعية تفرض على كل فرد منا أن تتوافر فيه القدرة على النقد الذاتي لتجديد النفس. أما التقية الثقافية والسياسية التي نستعمل فيها لغتين، واحدة لأنفسنا وثانية للآخرين. وأما ادعاء العصمة ورمي الآخرين بالضلال، كما يحدث خصوصا في المواسم الانتخابية، فهذه كلها شعارات جوفاء تناقض الحوار وتجرح المعية، وأي حوار خال من المحبة هو هذر لفظي لا مؤدي له سوى هدر الوقت. ذلك أن الفكر الذي عادة ما يقود حوارات النخبة هو في عمقه إدراك لمعنى من معاني الحياة التي لا تنشأ وتستمر إلا بتمتين أواصر المحبة بين المواطنين".

وأضاف: "الحوار من أجل لبنان، ينبغي أن يسعى به إلى حماية الوجود اللبناني من الأخطار التي تحيط به أو تسكن فيه. إن الأزمات التي تكتنفنا من داخل وخارج لا حصر لها. لكن الأزمة الكبرى أننا كثيرا ما نحاول معالجة مشاكلا ارتجالا، بالنعرات والعصبيات التي تزيدنا فرقة على فرقة وانقساما على انقسام. لا أريد أن أقدم أمثلة على هذا الواقع المر الذي نعيشه يوميا وبخاصة في هذه الظروف، لكنني أود أن أركز على أننا، باعتماد الأساليب العلمية في الحوار، موضوعات وأهدافا وآليات، قادرون على تجاوز الكثير من العقبات المصطنعة".