رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تقرير، أن نافذة الغرب على الاقتصاد الروسي باتت مغلقة، بعدما أوقفت السلطات في موسكو، نشر البيانات الخاصة بالدين الحكومي والإحصاءات المتعلقة بالتجارة وإنتاج النفط.

وذكرت الصحيفة، أن البنك المركزي الروسي حدّ من حجم المعلومات المالية التي يتعين على البنوك المحلية نشرها بانتظام، بينما وافق المشرعون على مشروع قانون يمنع البنوك من تبادل البيانات مع الدول الأجنبية.

واعتبرت الصحيفة، أن هذا التعتيم المتزايد جزء من جهود السلطات الروسية لحماية الاقتصاد والشركات المحلية من مزيد من العقوبات من قبل الغرب، في أعقاب "غزو" موسكو ل​أوكرانيا​.

وأشارت إلى أن هذه البيانات المحدودة تعني أن "الرؤية لدى واشنطن وبروكسل ستكون أقل وضوحاً حول ما إذا كانت عقوباتهما تؤثر على الاقتصاد الروسي بالفعل ومدى تأثيرها، وهو ما يزيد من صعوبة العثور على أهداف جديدة، والترتيب للعقوبات المستقبلية".

ونقلت الصحيفة عن نائبة كبير الاقتصاديين في "معهد التمويل الدولي"، إلينا ريباكوفا، قولها: "يبدو أنهم يحاولون إخفاء الصورة الاقتصادية في البلاد، فلدينا حظر من وسائل الإعلام الروسية، والآن ينطبق الأمر نفسه على الوصول إلى الإحصائيات، ولذا بات هناك ستارة من حديد من كلا الجانبين".

وقطعت العقوبات موسكو عن جزء كبير من البنية التحتية المالية الغربية، ويتوقع الاقتصاديون ركوداً عميقاً مصحوباً بتضخم حاد في البلاد، كما أن معدل البطالة في موسكو بات آخذاً في الارتفاع مع هجرة الشركات الغربية من البلاد.

والأسبوع الماضي، أعلن أحد قطاعات وزارة الطاقة الروسية، والذي يصدر بيانات شهرية عن إنتاج وتصدير النفط، إنه سيحد من "نشر المعلومات التي يمكن استخدامها كضغط إضافي على السوق الروسية، إذ سيتم وقف توزيع بيانات إنتاج النفط الخام الشهرية، وكذلك بيانات الوقود من المصافي الروسية، ومحطات معالجة الغاز إلى الأسواق المحلية، وأسواق التصدير إلى أجل غير مسمى"، وذلك وفقاً لما نقلته الصحيفة عن وكالة الأنباء الروسية الحكومية "تاس".

ورأت الصحيفة، أن حجب مثل هذه المعلومات من أحد أكبر منتجي النفط في العالم هو أمر بالغ الأهمية، في وقت ترتفع فيه أسعار النفط الخام، مشيرة إلى أن مراقبي بيانات النفط لديهم أكثر من طريقة لجمع الإحصاءات، بما في ذلك تتبع الناقلات وجلب المعلومات من التجار، إلا أن الافتقار إلى الأرقام الرسمية الروسية، سيجعل من الصعب مراقبة الإمدادات العالمية.

وذكرت الصحيفة أن حجب المعلومات الروسية "ليس شاملاً"، إذ لا تزال الحكومة تنشر أرقاماً أساسية، مثل أرقام التضخم والناتج المحلي الإجمالي، ومجموعة كبيرة من البيانات الأخرى، ولكن نطاق إصدار هذه البيانات بات يضيق.

وعلّق البنك المركزي، الثلاثاء الماضي إصدار جدول سداد الديون الخارجية، والذي عادة ما يحدد الدين الخارجي الذي تحتاج ​روسيا​ إلى سداده في جدول يستند إلى تاريخ استحقاقه، إذ أصبح سداد الديون الخارجية مسألة حساسة، في الوقت الذي باتت فيه موسكو على شفا التخلف عنه.

والخميس الماضي، علّقت دائرة الجمارك في البلاد نشرها الشهري لبيانات الصادرات والواردات، والتي عادةً ما تحتوي على آلاف الفئات من السلع التي تستوردها وتصدرها روسيا، كما علّق البنك المركزي في وقت سابق نشر البيانات التجارية.

وعلى الصعيد المصرفي، طالب البنك المركزي الروسي الثلاثاء الماضي، البنوك المحلية بعدم بنشر بعض البيانات المالية للفترة من 31 ديسمبر 2021 إلى 1 أكتوبر 2022، إذ بات لا يتعين عليها الإفصاح عن معلومات رأس المال، والمخاطر خلال نفس الفترة.

وكان البرلمان الروسي وافق الأربعاء الماضي، على مشروع قانون يحظر على البنوك مشاركة أسرارها المصرفية مع دول أجنبية، بما في ذلك البيانات الخاصة بالعملاء ومعاملاتهم، وهي القيود التي رأت الصحيفة أنها قد تؤدي إلى إخفاء أي أزمة مصرفية في البلاد.

ومن جانبها، تقول الباحثة في "المعهد الفنلندي للشؤون الدولية"، ماريا شاجينا، إن هذا التعتيم على البيانات "يمكن أن يؤثر على تصميم العقوبات نفسها، ولا سيما العقوبات المالية، في حال تم حجب معلومات مهمة".

وفي حين أن الإحصاءات الرسمية الخاصة بالأسواق الناشئة الأخرى غالباً ما تتعرض للانتقادات من قبل المحللين والمؤسسات الدولية بسبب جودة بياناتها أو تأثير الحكومة عليها، فإنه كان يتم قبول البيانات الروسية على نطاق واسع من قبل الاقتصاديين المستقلين.

ووفقاً للصحيفة، فإنه قد يكون المحللون قادرين على التوصل لبعض التأثير التجاري للعقوبات المفروضة على روسيا من خلال فحص البيانات التي يصدرها كبار شركائها التجاريين، لكنها عملية شاقة وتستغرق وقتاً حتى تظهر الصورة بوضوح.

وتضيف ريباكوفا: "لقد أصبح الأمر أكثر صعوبة، وقد نصل إلى النقطة التي قد نستنتج ما يحدث في الاقتصاد الروسي من خلال صور الأقمار الاصطناعية".

ولم يرد متحدث باسم البنك المركزي الروسي على طلب "وول ستريت جورنال" للتعليق على المعلومات الواردة في التقرير.