أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، خلال خطبة عيد الفطر الى انه "يمرّ علينا عيد الفطر هذا العام، ونحن نعيش أعتى معركة داخلية وخارجية، لأن من يريد رأس لبنان قد وظّف كل إمكاناته للقضاء على هذا البلد العزيز، من خلال أدوات الفتك السياسي والمالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، فنهب ودائع ناسه، وأفلس الدولة، وشلّ قدرتها، وصادر قرارها السياسي النقدي، وأغرق البلد بالجريمة والفوضى والعتمة والبطالة والتضخم والبؤس، فضلاً عن التحكم بالأسواق وقطاع الدواء والاستشفاء والإعلام والمال".

ولفت قبلان الى ان "تجربتنا مع الطبقة السياسية المالية مرّة، بل لأننا لا شيء دون الله. والخطاب هنا موجّه للمسلمين والمسيحيين، بخلفية أننا رعيةُ الله وموضعُ عنايتِه، وأن ما أصاب هذا البلدَ المظلومَ سبَبُه الفساد والارتهان، والفساد والارتهان أكبرُ مظاهر إبليس، ومن يكون لله لا يكون في معسكر إبليس، سواء كان بال​سياسة​ أو المال أو الأسواق أو الاقتراع أو غيرها، ومن كان مع الله أيها الإخوة كان الله معه، وليس شيءٌ أكبرَ من الله العظيم".

وأضاف :"يجب أن يفهم اللبنانيون أن صيغة النظام الطائفي التي أسّس لها الانتدابُ الفرنسي حوّلت البلدَ كانتونات طائفية وكارتيلات سياسية لا تشبع من نزعةِ الإقطاعِ الطائفي والجشعِ السياسي العائلي على حساب مصالح شعب هذا البلد، ولذلك يجبُ استئصالُ الصيغةِ الطائفية من الجذور لصالح دولةِ المواطنةِ والوطنِ، وهذا أكبرُ مطالبِ الله بشعبه المستعبد في هذا البلد المقهور".

ولفت الى ان "البلد منهوب، والإفلاس عمّ مؤسساتِه، ولعبةُ الدولارِ السياسي تُدارُ على طريقة الغزوات، ولا شك أن عوكر وطواقمَها رأسٌ فيها، ومشروعُ خنقِ الناس ومعركةُ السيطرة على أسواقنا وسلعنا والعملُ على تهجير أجيالِنا وشبابِنا أمرٌ منظّمٌ للغاية، تماماً كمشاريع نهب موارد الناس، ومصادرةِ رغيف خبزها، ونسفِ إمكاناتها المهنية، بما في ذلك تركُ النزوح بلا تنظيم. ولذلك قلنا ونقول بأن إحدى أكبر معاركنا الوطنية والانتخابية يجب أن تُركّز على تطهيرِ السلطة، وإداراتِ الدولةِ ومؤسساتِها من النفوذ الأمريكي. وموقفنا ليس الإدانة فحسب، بل نحن جزء من المواجهة الوطنية الكبرى، ولذلك سنخوض معركة الاستقلالِ الوطني، والإنقاذِ السياسي مع كل القوى الوطنية، بما في ذلك معركة الانتخابات النيابية المصيرية".

ورأى قبلان ان "الاستحقاق الانتخابي عبادةٌ كبرى، وفريضةٌ وطنية وأخلاقية ودينية حاسمة، والترددُ ممنوعٌ بل حرام، وترك المعركة الانتخابية حرام، والورقة البيضاء حرام، لأن البلد والسلطة أمانة الله، إياكم أن تضيّعوها، ومن يعتزلُ المعركةَ الانتخابية، إنما يعتزلُ أكبرَ فرائضِ الله، ومعركتُنا مع شياطينِ الإنس أخطرُ من معركتنا مع شياطين الجن، والأميركي مع حلفٍ إقليمي تطبيعي يخوضُ معركةَ إنهاكِ لبنان، وحرقِ الأخضرِ واليابسِ، بهدف صهينة لبنان، والحيادُ ما هو إلا جريمةٌ كبرى، والمعركةُ معركةٌ مصيرية. وهنا أقول لسماسرة واشنطن: من يتاجر بوطنه أسوأُ من إبليس، ونحن نعرف تماماً الأسعار والفواتير وثمنَ الحملات المسعورةِ، لكن أتأسفُ لخوضِ واشنطن وحلفائها حربَ حرقِ البلدِ، عبر طبقات سياسية ومالية وإعلامية بأثمان بخسة".

وتابع :"أيها الإخوة المؤمنون في الخامس عشر من أيار سنخوض أكبر معركة وطنية، والعين على تحرير القرار السياسي، وإنقاذِ البلد من التبعيّات الخبيثة. والقضية ليست قضيةَ أغلبيةٍ نيابيةٍ متجانسةٍ بمقدار ما هي أولوياتٌ وأهدافٌ وطنية، والباقي تفاصيل، والحرّ شجاع، والشجاع قوي، والأوطان لا تقوم إلا بأحرارها الشرفاء الشجعان".

واضاف :"أقول لإخواننا في الطوائف اللبنانية، الله تعالى عدل وسلام وأمان ورحمة وإنصاف ومحبة ونبل وعطاء وضمانة لكل خلقه وناسه، وهذا ما نريده لهذا البلد المنهكِ بلعبة الزعامات الطائفية والارتهانِ الأمريكي، والحربُ الأهلية - تذكروها - هي دمارُ إنسانٍ وخرابُ بلدان, والنفطُ الأسود محرقة، والسفاراتُ أوكار تحريضية، والنعراتُ الطائفية سلعة سياسية مسمومة، والخوفُ على الطائفة كذبةُ إقطاعٍ، والطوائف أسيرة الطرابيش الطائفية، ولا يحرّرها إلا دولةُ المواطنة ونظامُها العادل, وهذا ما يجب أن يحوّلَ الاستحقاقَ الانتخابي إلى ثورة وطنية لإنقاذ لبنان من الإقطاع الطائفي ومزارعِه".

وتوجه الى اللبنانيين بكل طوائفهم بالقول :"نريد أن نعيش معاً بعيداً عن عقلية غالب ومغلوب، وبعيداً عن نَزعة التطويفِ والتخوينِ والتخويف والمتاريس النفسية والجمهوريات البغيضة، فالتجربةُ السياسيةُ بصيغة النظام الطائفي مزّقتنا، وفرّقتنا وحوّلت عائلتَنا الوطنيةَ الواحدةَ إلى دويلاتِ خوفٍ وقلق وحقد وقطيعة، لصالح إقطاع السلطة، وعائلة صفقاتها، وكارتيلاتها المتوحشة. وأهمُ وظيفةٍ وطنيةٍ اليومَ للطوائف تكمن باقتلاع الأوثانِ السياسية الفاسدة من بيوت الله, ومن صدور ناسنا ومجتمعنا، لأن خيانةَ الشعب والطوائف سببُها النظامُ الطائفي المجرم والإقطاعُ الذي كشف لبنان عن أسوأ إفلاس تاريخي شامل".