مع اقتراب ساعة الحقيقة في انطلاق العملية الانتخابية في لبنان والتي سيفتتحها ​المغتربون​ بعد ايام قليلة، كان من الطبيعي تكاثر الكلام والتشديد على الكثير من الشوائب التي تعتري هذه العملية، إن في الداخل او الخارج. وفي حين يبقى العديد من النقاط موضع تساؤل وتشكيك ومنها على سبيل المثال لا الحصر، مسألة تأمين ​التيار الكهربائي​ بشكل متواصل لكل اقلام الاقتراع ومراكز الفرز، وتدريب ​الموظفين​ على مواكبة العملية الانتخابية من الالف الى الياء، وتأمين ​الاتصالات​ والتواصل الالكتروني، والشكاوى الواردة من هيئة الاشراف على الانتخابات... تبرز نقطتان مهمتان يمكن اعتبارهما بمثابة "انجاز" يرافقان هذا الاستحقاق الانتخابي: المسألة الامنيّة من جهة، والعمل الذي حصل على صعيد قوائم الناخبين وتحديد ​مراكز الاقتراع​ من جهة ثانية.

في النقطة الاولى، غني عن القول ان ما يقوم به الجيش اللبناني و​الاجهزة الامنية​ على هذا الصعيد، يستحق التنويه والاشادة، لان الجميع يعلم الظروف القاسية والصعبة التي يعيشها ابناء ​المؤسسة العسكرية​ وعناصر الاجهزة الامنية كافة، غير ان هذا الامر لم يقف عائقاً امام وضع خطة متكاملة لمواكبة الانتخابات بشكل تام وارساء وضع امني مريح يسمح لمن يرغب بممارسة حقه الانتخابي. من الطبيعي ان ينتظر المرء بعض الاشكالات الامنيّة هنا وهناك، وهو امر يحصل عادة، ولكنه لم يكن ولن يكون (وفق تأكيدات مصادر مواكبة للاجراءات الامنية التي بحثها قادة الاجهزة الامنية)، سبب تأجيل او اعاقة او الغاء الانتخابات.

اما في النقطة الثانية التي قد حصلت وقيل الكثير عن هذا الموضوع، واللافت ان ​وزارة الداخلية والبلديات​ وهي المعنية مباشرة بهذا الامر لم تكن موفّقة في قرارها التقليل من الاطلالات الاعلامية التوضيحية، فكان لا بد من التواصل مع مصادر معنيّة في الوزارة على اطلاع شامل على التحضيرات لتحقيق الاستحقاق النيابي. هذه المصادر توقّفت تحديداً عند امرين شكّلا بلبلة قبل ايام: مسألة تحديد مراكز الاقتراع، و"الاخطاء" الواردة في ​لوائح الشطب​ ومعرفة مكان الاقتراع من قبل الناخب. في الشقّ الاول، وصلت الامور الى حدّ طرح الثقة بوزير الخارجيّة والمغتربين، ولولا فقدان النصاب في مجلس النواب لكنّا امام جلسة حامية من النقاشات التي لم تكن ستؤدّي حكماً الى فقدان الثقة بوزير الخارجيّة وفق ما تؤكد المصادر نفسها التي تشير الى ان وزارة الداخلية قامت بدورها في هذا المجال، وفق ما حدده القانون الجديد وتعديلاته التي اقرها مجلس النواب، وكان يمكن في حال عقدت الجلسة، الحديث عن العديد من الشوائب التي يتحملها الناخب والحزب (او الجهة السياسية) الذي ينتمي اليه في تعبئة المعلومات بشكل صحيح، كي يتم عندها اعتماد مركز الاقتراع الاقرب اليه، ليس فقط في اوستراليا، انما في كل الدول التي تم اعتمادها، مع كلام كان يمكن ان يقال في هذا الخصوص استناداً الى ما حصل في العام 2018. اضافة الى ذلك، تقول المصادر، ان قيام الداخلية بتأمين طريقة عملية لارشاد الناخب الى مكان الاقتراع المخصص له داخل وخارج لبنان، هو انجاز بحد ذاته يمكن الركون اليه كونه اتى بجهد من موظفي الوزارة فقط من دون الاستعانة بأحد من خارجها، كما انه لم يكلف الدولة اي عبء مالي اضافي لا بل على العكس وفّر الكثير من الاموال، على عكس ما كان يحصل سابقاً، فيما النتيجة اتت افضل مما كان متوقعاً واقل اخطاء من المراحل السابقة.

اما في الشق الثاني، اي "الاخطاء" الواردة في قوائم الناخبين ومعرفة مكان الاقتراع، فتسجّل المصادر عتباً ولوماً كبيرين على المؤسسات غير الحكومية التي لم ترصد ما تم انجازه في هذا المجال وخصوصاً من قبل المديرية العامة للاحوال الشخصية، لانه لم يكن من السهل عليها في ظل النقص الفادح الذي تعاني منه لوجستياً ومادياً، من تلبية كل الشروط الموضوعة في التعديلات التي اقرت على قانون الانتخاب وبالاخص بعد تقريب المواعيد، ما زاد من الضغط عليها ووضعها في مكان حرج كي لا يتم التحجج بها لارجاء العملية الانتخابية ككل، كما تمت ايضاً تلبية شروط وجود اسماء الناخبين الذين سيتمّون الـ21 عاماً في اليوم نفسه للانتخاب. ولفتت المصادر الى ان بصمات المديرية ومن خلفها مديرها العام "العتيق" في مجال التحضير للانتخابات، واضحة في موضوع الرابط الذي تم انجازه لتسهيل مهمة الناخب معرفة مركز اقتراعه داخل وخارج لبنان على حد سواء، وما وضعه على الموقع الالكتروني للمديرية سوى دليل على هذا الامر. الى ذلك، تستغرب المصادر الحديث عن اخطاء في الاسماء والمراكز، ولو انها لا تستثني وجود بعض الاخطاء المعدودة والمحدودة على غرار اي عمل يقوم به اي انسان، ولكنها دعت الى مراجعة القرارات والتعاميم الصادرة عن الوزارة ومنها تحديداً ما يتعلق بقرار تعديل تقسيم وتحديد اقلام الاقتراع في الدوائر الانتخابية والذي يمكن الاطلاع عليه علىالرابط التالي. والذي تم اعتماده لوضع الرابط الالكتروني الخاص بالموقع الذي يسهل على الناخب معرفة مكان اقتراعه، بحيث لا يجب الاعتداد بالمركز الذي كان وضع قبل قرار التعديل المذكور، وفق ما نص عليه القانون والمهل القانونية، مشيرة الى نقطة مهمة في هذا المجال وهي ضمان عدم "ضياع" الناخب خارج لبنان اثر عدم معرفته وجهته للاقتراع في حال كان القضاء الذي ينتمي اليه مقسماً على اكثر من مكان، وهو امر تم تعلّمه من اخطاء الانتخابات الماضية.

وتختم المصادر بوجوب الاعتراف بالاخطاء والتشجيع على تحسينها، انما ايضاً الاعتراف بما يمكن اعتباره "انجازاً" ايضاً وعدم طمسه او تهميشه، لان الاضاءة عليه من شأنها تشجيع المعنيين على القيام بخطوات مماثلة بدل تلقي الاتهامات والسهام على امور لا تدخل ضمن نطاق صلاحياتهم او انهم براء منها.