واصل البطريرك يوحنا العاشر زيارته الرعائية لليوم الثاني على التوالي إلى أبرشية حماة وتوابعها للروم الأرثوذكس بدعوة من راعي الأبرشية المطران نيقولاوس (بعلبكي). فأقام صلاة الشكر في كنيسة مار جرجس بمشاركة المطارنة آباء المجمع الأنطاكي المقدس: نيقولاوس( حماة وتوابعها)، باسيليوس (عكار وتوابعها)، غطاس (بغداد والكويت وتوابعهما)، انطونيوس( زحلة وبعلبك وتوابعهما)، أثناسيوس(اللاذقية وتوابعها)، افرام(حلب وتوابعها)، والأساقفة: موسى الخوري، ديمتري شربك، أرسانيوس دحدل، موسى الخصي ولفيف من الآباء الكهنة والشمامسة والرهبان.

بعد الصلاة، ألقى راعي الأبرشية المطران نيقولاوس كلمة ترحيبية مثنيا على "صمود أهالي محردة الذين عانوا الكثير جراء الأحداث الأليمة التي ألمت بهم وبوطنهم الحبيب سوريا". في ختام كلمته، قدم للبطريرك باسم أهالي محردة وفاعلياتها كأسا مذهبا.

بدوره، رد يوحنا العاشر بكلمة جوابية قائلا: "يتساءل الكثيرون أحيانا وتطالعهم معرفة كيف قام المسيح. الجواب يا أحبة المسيح قام من محردة. نعم المسيح قام، هذا الشعب الطيب الحامل بقلبه صخرة الإيمان الأصيل والتراث العظيم ان دل على شيء فهو يدل ان المسيح قام لأننا أبناء القيامة ولأننا نعيشها".

أضاف: "لقد تابعنا نحن وإياكم كل ما حصل في محردة والقرى المجاورة. نعم كانت اياما صعبة وذهب ضحيتها عدد لا يستهان به من الشهداء الذين قدموا أنفسهم من أجل أن تبقى محردة والوطن. لذلك، إذا أردنا ان نتكلم عن محردة وأهلها لا يسعنا سوى أن نؤكد أننا على هذا التراب سنعيش وسنبقى وسنموت. نعم يا أحبة، إن محردة تختزن الوفاء، الأصالة، الوطنية، الأخوة، التعارف وبساطة العيش. حماكم الرب يا أهالي محردة وأعطاكم الرب من عطاياه السماوية والارضية".

في نهاية كلمته، قدم للكنيسة إنجيلا مقدسا. وقلد الأرشمندريت يوسف زحلوق صليبا مقدسا "تقديرا لتفانيه وعطاءاته اللامحدودة في خدمة الكنيسة".

اما المحطة الثانية من اليوم الثاني، فكانت عند دير مار جرجس في محردة حيث اعدت لبطريرك استقبالات شعبية. وعند وصوله، كرس الدير بالماء المقدس بعدما اعيد ترميمه جراء ما تعرض له من دمار خلال الأحداث الاليمة. وجال على أقسامه وصافح المؤمنين في صالون الدير مستمعا إلى شجونهم وهمومهم مع الإشارة إلى أن الدير يعود تأسيسه الى العام ١٩٤١ إبان عهد المطران اغناطيوس حريكي.

بعدها التقى البطريرك كهنة الأبرشية في صالون الدير، مستمعا الى أوضاع رعاياهم مثنيا على عملهم وجهودهم المبذولة رغم التحديات القاسية.

في السياق نفسه، التقى البطريرك أهالي الشهداء في صالون الدير رافعا وإياهم الصلاة لراحة أنفس الشهداء الذين قدموا ذواتهم من أجل الوطن. وتوجه إلى الأهالي بالقول: "إننا نعرف قساوة الموت، لكنكم قدمتم أغلى ما لديكم من أجل أن يبقى الوطن. نعم يا أحبة لقد دفعنا الثمن غاليا. لقد تدمرت بيوتنا، عائلاتنا ذاقت الويلات، لكن يجب أن تفرحوا اليوم لأننا تعلمنا من تلك المرحلة الصعبة لغة الأصالة والثبات".

وفي حديث إعلامي، أكد البطريرك يوحنا "أن إرادة البقاء في سوريا تغلب كل الرياح. ونحن اليوم نصلي هنا ونقول إن جنة الله تفتح لنا عندما نفتح قلوبنا لبذرة صوته الحي".

واختتم البطريرك يوحنا اليوم الثاني لزيارته الرعائية بحضوره أمسية غنائية في ساحة كنيسة يواكيم وحنة أداها اطفال كورال محردة ، وتخللتها اغان واناشيد تراثية ووطنية.

وتوجه أخيرا البطريرك إلى الأطفال وجمهور المؤمنين بالقول: "اليوم يا أحبة هو يوم محردة بامتياز. يسألوننا دائما هل تخافون من الأوضاع؟ هل ستبقون في هذه الديار؟ جوابنا: نعم نحن باقون ومن يأتي إلى محردة ويسمع ما سمعناه ويرى ما شاهدناه سيسأل نفسه لماذا سأخاف؟ نعم يا أحبة نحن لا نخاف طالما لدينا طفولة واعدة صلبة بإيمانها بمبادئها بتنشئتها التربوية والعائلية الصالحة وهذا ما يعود إلى القائمين على الكورال والأهالي الذين يسهرون على تنشئتهم وتربيتهم". أضاف: "ان الأطفال قد هزموا بأدائهم موضة العصر الهدامة ونقلوا صورة الثقافة والاصالة الحقيقية، واسمحوا لي أن أدعوكم لتقدموا أمسية باسم كورال محردة على أرض العاصمة دمشق لنبعث للعالم رسالة محبة سلام وفرح".