بعد الإعلان عن نتائج الإنتخابات النيابية الماضية، في العام 2018، تفاجأ الكثير من اللبنانيين بوصول شخصيات إلى الندوة البرلمانيّة، بالرغم من أنها لم تنل أكثر من 1000 صوت، لا بل أن هناك من لم يصل حتى الى 100، أبرزهم قد يكون: سليم خوري عن المقعد الكاثوليكي في جزين (708 صوتاً)، أنطوان بانو عن مقعد الأقليات في بيروت الأولى (539 صوتًا)، مصطفى الحسيني عن المقعد الشيعي في جبيل (256 صوتاً)، إدي دمرجيان عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في زحلة (77 صوتاً).

هذه الظاهرة، ظنّ كثيرون بأنّها تعود إلى أن القوى السياسية لم تكن تدرك واقع القانون الإنتخابي بشكل جيّد، الأمر الذي قاد إلى خسارة بعض الشخصيّات الأساسيّة مقاعدها بالرغم من نيلها عدداً لا يستهان به من الأصوات، مقابل فوز أخرى لم يكن لديها أي أمل بالنجاح، لكن الوقائع الراهنة تثبت أن مثل هذه الحالات قد تتكرر في الإنتخابات الّتي ستجرى.

في هذا السياق، من الضروري الإشارة إلى أن حصول هذا الأمر يعود بالدرجة الأولى إلى تركيز القوى والشخصيات السياسية الأساسية في كل دائرة على مقاعد معينة، بينما تترك مقاعد أخرى من دون الإهتمام بخوض معركتها أو يتم ترشيح حلفائها عليها على أن يخوضوا معاركهم بأنفسهم، بالإضافة إلى عدم تأثير قدرة بعض اللوائح على الوصول إلى الحاصل الإنتخابي على النتائج، الأمر الذي يفتح الباب أمام نيل اللوائح الكبرى مقاعد لم تكن، من حيث المبدأ، من ضمن دائرة إهتماماتها.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن الحديث عن مجموعة من المقاعد في أكثر من دائرة من الممكن أن تقود ظروف المعركة فيها إلى وصول نواب بعدد قليل من الأصوات، حتى ولو كان الأمل بذلك ليس كبيراً في الدورة الحالية، على إعتبار أن الماكينات الإنتخابية من المفترض أن تكون قد تنبهت لهذا الأمر راهنًا.

البداية من دائرة صيدا جزين، حيث من الممكن أن تتكرر ظاهرة فوز أحد المرشحين بالمقعد الكاثوليكي بعدد قليل من الأصوات، لا سيما أنّ اللوائح الأساسية تركز معاركها على المقعدين السنيين في صيدا والمقعدين المارونيين في جزين. بينما في دائرة الشوف عاليه، فإن هذا الأمر قد يحصل مع مقعد من المقعدين السنيين، نظراً إلى أن فرص فوز النائب بلال عبدالله بالمقعد الأول كبيرة بينما نتيجة المقعد الثاني تتوقف على عدد الحواصل التي من الممكن أن تفوز بها أي لائحة، أو مع أحد المقاعد المارونيّة الثلاثة، لا سيما إذا لم تنجح أيّ لائحة من لوائح قوى المعارضة بالوصول إلى الحاصل الأول.

في دائرة بعبدا، تُجمع مختلف المعطيات على أنّ المعركة ستكون على أحد المقاعد المارونيّة، الأمر الذي قد يقود إلى فوز أحد المرشحين الذين لم ينالوا عدداً كبيراً من الأصوات في حال كان من نصيب احدى اللائحتين الأساسيتين اذا لم تصل أي لائحة من لوائح المعارضة إلى الحاصل الإنتخابي.

بينما هذا الأمر من الممكن أن يحصل على مستوى المقعدين الأرمني أو السني في دائرة زحلة، خصوصاً اذا لم تنجح اللائحة التي تضم مرشح "الطاشناق" بالفوز بـ3 حواصل إنتخابية، أو لم تنجح اللائحة التي تضم أحد المرشحين السنة الأقوياء بالوصول إلى أكثر من حاصل، بشكل يضمن فوز أيّ منهم، نظراً إلى أنّ غياب تيار "المستقبل" عن المعركة يبدل من ظروفها.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل الواقع الإنتخابي في دائرة بعلبك الهرمل، حيث من الممكن أن يقع هذا الأمر على مستوى أحد المقعدين السنّيين أو على مستوى المقعد الماروني، خصوصاً إذا لم تنجح اللائحة المدعومة من حزب "القوّات اللبنانيّة" بالوصول إلى الحاصل الإنتخابي. بينما في دائرة المتن الشمالي فإنّ هذا الإحتمال وارد، في حال لم تنجح اللائحة التي تضم مرشح "الطاشناق" بالوصول إلى الحاصل، أو نجحت بالفوز بمقعد واحد مع تفوّق المرشّح ميشال الياس المر بعدد الأصوات التفضيلية.

في دائرة كسروان جبيل، توحي ظروف المعركة بأن ما حصل على مستوى المقعد الشيعي في جبيل في الدورة الماضية قد يحصل في أحد المقاعد المارونية في كسروان في الإنتخابات الحالية، لا سيما إذا لم تنجح اللوائح الأساسية، باستثناء لائحتا "القوات" و"التيار الوطني الحر"، بالوصول إلى الحاصل، الأمر الذي سيقود حكماً إلى أن يذهب هذا المقعد إلى مرشح لم ينل عدداً كبيراً من الأصوات. بينما على مستوى دائرة البترون-الكورة-زغرتا-بشرّي، فإن هذا الإحتمال وارد جداً على مستوى أحد المقاعد الأرثوذكسيّة في الكورة.

في دائرتي بيروت الأولى والثانية، فإن هذه الظاهرة من الممكن أن تطال عدداً كبيراً من المقاعد، بالرغم من أنّ بعض المقاعد في الأولى: الماروني، الأرثوذكسي، الكاثوليكي، 2 أرمن أرثوذكس، تبدو شبه محصّنة، بينما في الثانية فإنّ المقاعد المحصّنة: المقعدان الشيعيّان وعدد من المقاعد السنّية.

في دائرة عكار يبرز المقعد العلوي، لا سيما أن حزب "البعث" لم يكن راضياً عن الطريقة التي تم التعامل بها معه من قبل حلفائه. بينما في دائرة طرابلس-المنية-الضنّية، من الممكن أن تشمل هذه الظاهرة أحد المقعدين العلوي أو الأرثوذكسي في عاصمة الشمال، بالإضافة إلى بعض المقاعد السنية على مستوى الدائرة الكبرى، في حال لم تصل بعض اللوائح إلى الحاصل، وبالتالي ذهبت هذه المقاعد إلى لوائح أخرى ضمن لعبة الكسور.