شهداؤنا الأبطال أنتم قومٌ رويتم أرض لبنان بدمائكم الطاهرة للملكوت السماوي بين الأبرار والصدّيقين والشهداء الصالحين. أنتم بالنسبة لنا في الدرجة الثانية في الإيمان بعد الله عـــزّ وجـــلْ، وأنتم أصدقُ الناس لأنكم بذلتم الدماء دفاعًا عن لبنان العظيم على ما ردّدَهُ إعلامي عظيم وهو من عداد شهداء الوطن شهيد الكلمة والفعل الحر والبطل القومي ألا وهو العظيم من الأمّة اللبنانية الشهيد الأستاذ جبران غسان تويني وإسمحوا لي أنْ أتلو قسمه العظيم في مقالتي هذه: "نُقسم بالله العظيم مُسلمين ومسيحيين، أن نبقى موّحدين إلى أبد الآبدين دفاعًا عن لبنان العظيم". هذا القسم هو بمثابة دستور كل مناضل منّا وهو وصيّة شهيد الكلمة الحرّة إلى كل لبناني مؤمن بأرضه وولائه للوطن الواحد والذي تصونه قواه الشرعية بناءً على ما ينص عليه قانون الدفاع الوطني .

إخوتي اللبنانيين المقيمين والمنتشرين، الشهيد يعني الخلـود لأنه إختار طوعًا خير الأسماء والألقاب وله حُسنُ الثناء. الشهيد في قاموسي النضالي يحضر أمامي وفي ذهني مع كل إشراقة صباح وكل يوم على أرض الوطن، وفي أفعالنا السياسية المُجرّدة من كل سوء، وفي كل بقعة من تراب الوطن العزيز يحضر طوعًا الشهيد، الذي دفع أغلى ما لديه لينعم الوطن وننعم نحن المقيمين والمنتشرين بالأمن والإستقرار والطمأنينة. كم تحلو صورة العلم الذي يُرفرفُ عاليًا خفّاقًا والوطن يسير في درب العزّة والتقدُّمْ، والذي يتزوّد بدماء الشهداء الطاهرة. فبهمّة هؤلاء يستقيم العدل وبسواعد أقلامهم تسلَمُ الأوطان من أيّ إعتداء وهم الذين يذودون عن تراب الوطن من أجلنا جميعًا ولولا دمائهم الذكية لما كُنا نعيش في كل أصقاع العالم نُخصِّبَ الزمان والمكان.

إخوتي اللبنانيين المقيمين والمنتشرين، كلنا مشغول بصخب الحياة، والموت من ورائنا ينادي بصوت خفيّ، والشهيد وحده الذي يُنادي على الموت بصوت جهوري وبأعلى نبراته، وكلنا نسير والموت يتعقّبنا في كل خطوة نخطوها، أمّا الشهيد وحده الّذي سارَ نحو الموت بقدميه بعزّة نفسه وإخلاصه ومناقبيته، لا حبًا بالموت ولا كراهية في الحياة، وإنما حبًا بالحياة نفسها التي يقدمها للوطن وللشعب. نعم الشهيد يحب الحياة لكن الحياة الكريمة دونها التضحيات والحياة الآمنة دونها الأرواح، ولحياة الوطن ولحياتنا يُضحّي الشهيد بروحه وحياته .

إخوتي اللبنانيين المقيمين والمنتشرين، لأمّهات وذوي الشهداء إنّ أولادكم ضحّوا بأرواحهم في سبيل لبنان وشرف أمتهم، والتي من رِفعتها وسمّوِّها يتمنّى كل شهيد أن يعود إلى الدنيا مرة أخرى ليستشهد في سبيل الوطن مرّات ومرّات. أبناؤكم دخلوا التاريخ من أوسع وأفضل أبوابه، وتخليد أسماء من فدى هو واجب، وعلينا تخليدها بحروف من نور في سجل البطولات والتضحية، بعد أن قدّموا أرواحهم حتى يبقى لبنان شامخًا بعزّة وكبرياء، ونظل نحن المواطنين آمنين مطمئنين على أنفسنا وعلى ما نملك، وأنتم أهل الشهداء أمانة في أعناقنا وساكنون في قلوبنا.

أنتم عظماء أمتنا اللبنانية العظيمة أنجبتمْ أبطالاً خلّدوا للتاريخ صفحات مجيدة بحبر الكرامة وعزّة النفس وأمثولة للكون بأسره في التضحية.

إخوتي اللبنانيين المقيمين والمنتشرين، إنّ للشهداء منازل رفيعة في قلوبنا على الأرض وعند الله، فالشهادة شرف لا يناله كل الناس. فالرحمة لشهدائنا الأبطال تجوز لأبد الآبدين وليكونوا بين الأبرار والصدّيقين .

*سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان والموّدة