خَطيئةُ لبنانَ أنَّه يَفتَقِدُ الى شَعبٍ. هو الوَطن الأوَّل في تاريخِ الحَضارةِ وطَليعَةُ مُستَقبَلِها، لَكن لَيسَ فيهِ شَعبٌ... يَكونُ لَهُ.

قَد تَكونُ هَذهِ الحَقيقَةُ الأكثَرَإيلاماً، لَكِنَّها حَقيقَةٌ. ولأنَّها كَذَلِكَ لا ضَيرَ مِن تَكرارِها: لا شَعبَ في لبنان! يا لِلهَولِ! جُلُّ ما فيهأراعيلُ خِرافٍتَجيءُفُرادى، حانيَةً رأسَها لذِئابٍ تُنَصِّبُها للقيادةِ، قَبلَ أن تُسلِمَ لها رِقابَها لِلذَبحِ، وهي صاغِرَةٌ، راضية. أثمانُها مَعروفَةٌ، وهي تَضَعُها لِذئابِها. والأخطر، انَّ اثمانَها بَخسَةٌ، لِدَرَجَةِأنَّهَ فَقَدَت حِسَّ الوِجدانِ البَشَريِّ... ذاكَ الذي يَرنو الى الحقِّ ليحرِّرَهُ، والإستِعبادُباطِلُهُ.

قُلتُذئابٌ لأراعيل؟ هي ما توحَّدَت إلّا على التَصارُعِ مَن يُحَطِّمُ لبنانَ بأراعيله قَبلَ مَن، أو لأجلِ مَن، في أيِّ خارِجٍ.

هي تِلكَ قِصَّةُلبنان، على الأقَّلِ، مُنذ زَمَنِ المُتَصَرِّفيَّةِ... أجدادُ الخِرافِ"إنتَخَبوا" أجدادَ الذئابِ، حتى قَضى القَديرُأمراً مَفعولاً، فأعادَ الأبناءُ اللُعبَةَ عَينَها، حتى تَدَمَّرَ لبنانُ في مُسَلسَلِ حُروبٍ مُنذُ العام 1958 ولا زالَت تتوالى فُصولاً، وَبِنَجاحٍ كَبيرٍ، بِفَضلِ الأحفادِ، وَغَداًأبناءِ الأحفادِ، وَبَعدَهُ أحفادُ الأحفادِ.

الخِرافُ تتوارَثُ غباءَها، والذِئابُ تورِّثُها إصطِناعَ أحقادِها، لِتَبقى مُستَحكِمَةًبِها، كأنَّما الماضي حَتميَّاتٌ لِغيوبِ المُستَقبَلِ.

وَكما لا شَعبَ لُبنانيَّاً، كَذَلِكَ لا رِجالَ دَولَةٍ في لبنانَ، لأنَّ مَركوزَ هؤلاءجَبلَةٌ مِن واجِبٍ سَويٍّ والإرادَة، لا تَركُنُ الَّا لِلحَقِّ في ما هو مَعرِفَةٌ لِفِعلٍ. أينَ مِن ذَلِكَ، كُلُّ اولئِكَ الذينَ ما زالَت اسماءُ عائلاتِهِم هي هي مُنذُ قَرنينِ وَنيِّفٍ، في سِجِلَّاتِ المًتَحَكِّمينَ بِمًقدَّراتِ وَطَنٍ، مُضافاُ إليها مُجرِمو الحُروبِ وَبنيهِم والأحفادِ؟.

أبِمواجيدِ ألاحقادِ وَمخادَعاتِ الضغائِنَ يُستَحَقُّ لبنان، في تِصارُعاتٍ مُبيدَةٍ بَينَ أرضِهِ والسماءِ؟.

قَد تَكونُ هُناكَ نِكاية بَعدُأفظَع: أن تَتَسربَلَ تِلكَ الذِئابُ بأثوابِ الدين، فَتَقضي بِهِ على قوَّةِ الواقِعيَّةِ التي إليها يَنهَدُ المؤمِنُ الحَقُّ. ألُغزٌ هذا؟ بَل ذُروَةُ الطَعنِ بِحَقيقَةِ لبنانَ،مِن خِلالِ إستِبدالِ نِعمَةِ الإيمانِ بِوِحشَةِ الإلحادِ عَبرَإدِّعاءِ التِدَيُّنِ.

الدينُ ضَميرٌ، ولا ضَميرَ للذِئابِ.

الدينُ تَسامٍ يَردُمُ الهُوَّةَ بَينَ الأرضِ والسَماءِ حَدَّ أنسَنَةِ الإلَهِ وَتأليهِ الإنسانِ، والذِئابُ لا تَستَقوي إلَّا بمَهاوي العَداواتِ حَيثُ الظُلُمات تَبتَلِعُ الألوهَةَ وَتَستَعمي البَشرِيَّةَ. ودَلالَتُها؟هي أبداً مُتأجِّجَة. أين؟ في هَلوعِ الخِرافِ، الى حَدِّ الإعتِرافِ انَّتِلكَ الذِئابِ هي وَحدَها خلاصُها.

أمَدُ التَهيئَةِ

لا! لَيسَت هَذِهِ الرِجاسِةُ، قَدَراً لِلبنانَ. وَلا يَجِبُ ان تَكونَهُ. كَما أنَّ الهُروبَلَيسَ غَلَبَةً، وَلا يَجِبًأن يَكونَها.

أن تَكونَ لُبنانيَّاً يَجِبُأن يَعنيكَ قَبلَ أيِّ أمرٍ آخَرَ. يَجِبُ أن يَهُمًّكَ. يَجِبُأن يُقلِقُكَ الى المُنتَهى، لِكَي تَستَحِقَّ لُبنانَكَ... وَتَكونَهُ.

وَأن تَكونَ لبنانَ، ما عَلَيكَ سِوى أن تَقتَحِمَ لا التَحَديَّاتِ فَحَسب بل جُدرانَ المَخاوفَ وأوهامَ المَحميَّاتِ التي رَفَعَتها لَكَ ذِئابُ الغابِرِ والحاضِرِ. وأفضَلُ طُرُقِ الدِفاعِ، وأقواها، الهُجومُ الواعي، ذاكَ القاصِدَ هَدمَ جُحودِ الذئابِ، عَليها، في عُقرِأوكارِها. فَمِن عُمقِ إيمانِكَ بِما أنتَ حَقَّاً، تَتَرَسَّخُ جُذورُ لُبنانِيَّتِكَ في قَلبِ السَماءِ.

كُن أنتَ تَلكَ التَهيئَةَ مِن أمَدِها المَنظورِالى اللامَنظورِ. ساعتَئِذٍلا أوكارُ الذِئابِبَل أبوابُ الجَحبمِ لَن تَقوى عَلَيكَ. ساعتَئِذٍ حَقَّاً، أنا، وأنتَ وهو... وأبناؤنا وأحفادُنا سَيُكَوِّنونَ شَعبَ لبنانَ، وَهوَ سَيَكونُ لَنا وَطناً... إستَحقَقناهُ بِدماءِ بًطولًتِنا.