منذ ان تم الاعلان عن زيارة يعتزم ​البابا فرنسيس​ القيام بها الى ​لبنان​، لم يتمّ توفير ايّ معطى او ذريعة او قول يربط هذه الزيارة بشتى الامور والاوضاع، فهي كانت على صلة بـ"الانتخابات النيابية"، وكانت ايضاً لـ"تعويم العهد"، والاعداد "لمبادرة اقليمية" يتم اطلاقها من لبنان تحديداً، ولا ننسى ان نذكر انها كانت لمحاولة "عقد لقاء على مستوى القادة" لتحسين الوضع في المنطقة عموماً ولبنان بشكل خاص... باختصار، لم يبقَ سبب الا وتم الباسه لهذه الزيارة، منطقيّة كانت ام غير منطقية. اليوم، وصلنا الى الواقع الملموس، وهو ان الزيارة ارجئت لاسباب صحّية، الا انّ ذلك لم يمنع مطلقي الاسباب السابقة من تغيير وجهتهم، وبدل الاقتناع بما هو ملموس، اختاروا الذهاب مجدداً الى "خياطة" اسباب والباسها الى البابا مجدداً لتبرير الارجاء وفشل ما كانوا قد رسموه سابقاً.

اليوم، بات البابا يقاطع الانتخابات لانّه غير راض عن النتيجة التي ستؤول اليها، كما انه لن يزور لبنان لانه لم يرضَ عن مسار الامور والاتصالات الاقليميّة والدوليّة التي لم تفضِ الى ما يرغب فيه، ولانه ايضاً لن يلتقي البطريرك كيريل لينهي الحرب بين روسيا واوكرانيا... من غير المنصف فعلاً ما يتم تحميله للبابا فرنسيس، ووفق ما تقوله مصادر كنسيّة، فإن ارجاء الزيارة لا يعني الغاءها بطبيعة الحال، انما يجب انتظار ما ستحمله الايام والاسابيع المقبلة بالنسبة الى صحة الحبر الاعظم، لمعرفة الخطوات المقبلة بالنسبة الى زياراته خارج ​الفاتيكان​، فإذا استطاع بالفعل الالتزام ببرنامجه الموضوع سابقاً في هذا المجال، فإن زيارة لبنان قد تتأخر فقط بضعة اشهر، وبالتحديد قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، والا فإنّ الزيارة قد ترجأ الى ما بعد السنة الحالية.

وتؤكد المصادر نفسها، انّ أيّ زيارة للبابا لا غاية لها دعم فئة او جهة او شخصيّة محدّدة، بل تخصص لبلد بكامله ولشعب بكامله، وعليه من المخجل محاولة البعض استغلالها لمسائل انتخابيّة او شخصيّة وتحويلها عن مسارها واهدافها التي يحدّدها البابا نفسه في لقاءاته ومواقفه وعظاته التي يلقيها في البلد الذي يزوره. وتذكّر المصادر الكنسية بالزيارات البابوية في العقود الماضية التي شهدها لبنان، والتي كرّست هذا التوجه، لجهة النهوض بهذا البلد وشعبه، ولم تخصص لدعم هذا او ذاك من السياسيين والمسؤولين، على الرغم من الصعوبات التي كان يعيشها لبنان. اما رؤيتها الخاصة لموعد الزيارة، فتشير المصادر الى انه من الطبيعي ان يفضّل البابا، اي بابا، زيارة لبنان في ظلّ وجود رئيس للجمهورية، ليس بسبب شخصيّة الرئيس اياً كان، بل بسبب تركيبة البلد ووضعه الخاص، فمن الطبيعي ان يختار القصر الجمهوري للقاء القادة والمسؤولين نظراً الى ما يفترض ان يمثله هذا الموقع بالنسبة الى اللبنانيين جميعاً ف​رئاسة الجمهورية​ هي رأس السلطات وهو امر من الضروي اخذه في الاعتبار.

وختم المصدر نفسه بالسؤال عن موقف كل من أعطى أهدافاً خاصة للزيارة رأس الكنيسة الكاثوليكيّة، بعد تأجيلها وما اذا كان ذلك يعني اعترافاً من هؤلاء بأن ما "تنبأوا" به هو مجرد آراء شخصية، بينما تم الترويج لها على انها معلومات مؤكدة، مستهدفين بذلك صورة البابا امام ​الشعب اللبناني​ بأكمله من مقيمين ومغتربين على حد سواء. وأمل المصدر ان ينعم بالصحة التامة وان يمنّ الله عليه بالشفاء العاجل ليواصل مهامّه ورسالته، وليبثّ الامل والثقة في قلوب كل الشعوب وبالاخص الشعب اللبناني، الذي يحتاج الى كلام صادق ومحبّة حقيقيّة من شخصيّة دوليّة مؤثّرة، لا تهدف الى تحقيق غاية شخصيّة او مصالح خفيّة، وهو ما كان عليه الوضع مع البابوين السابقين القديس يوحنا بولس الثاني، وبنديكتس السادس عشر.