اشارت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في مقال تحت عنوان: "موسكو تضغط على حليفها الإيراني في المحادثات النووية"، الى إن الحرب الروسية في أوكرانيا أدت إلى خلط الأوراق فجأة في المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى، الرامية إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 مقابل رفع العقوبات عن طهران.

وأضافت الصحيفة أنه رسمياً، فإن الجمود الحاصل في المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى يتعلق بالحرس الثوري الإيراني. فقبل رفع العقوبات عن طهران، ترفض واشنطن الانصياع لمطلب طهران بشطب هذا الكيان مترامي الأطراف من القائمة الأمريكية للتنظيمات الإرهابية. لكن على هامش المفاوضات التي استمرت لأكثر من عام في فيينا، وبينما كانت الأطراف على وشك التوصل إلى اتفاق نهاية فبراير الماضي، خلطت الحرب الروسية في أوكرانيا الأوراق فجأة.

وتنقل "لوفيغارو" عمّن وصفته بخبير في المحادثات النووية -لم تذكر اسمه- قوله إن الروس طلبوا في بداية حربهم على أوكرانيا، من الإيرانيين الانتظار قليلا. فلم تكن موسكو تريد أن يحل النفط والغاز الإيرانيين محل مواردها من الطاقة في السوق الأوروبية بعد هذا الاتفاق. حيث إن إيران تمتلك 180 مليون برميل عائم ومخزّن في الخارج وجاهز للبيع.

في البداية أثار هذا الطلب الروسي حفيظة إيران التي أرسلت وزير خارجيتها، حسين أمير عبد اللهيان، إلى موسكو في منتصف مارس الماضي، بحسب المصدر نفسه، وأوضح أن عبد اللهيان أصرّ على محاوريه الروس بأن الاتفاق النووي الذي تحتاجه طهران لإنقاذ اقتصادها سيكون "مفيدا للروس أيضا’’. فبحسب البنك المركزي الإيراني، فإنه من خلال الاتفاق النووي، ستحصل طهران على أكثر من 300 مليار دولار من عائدات تصدير النفط –معززة البرميل بأكثر من 100 دولار- بحلول نهاية عام 2024، الموعد النهائي لفترة ولاية جو بايدن في الولايات المتحدة.

غير أن تصريحات وزير الخارجية الإيراني لم تطمئن موسكو، التي ضاعفت نداءها للصبر هذه المرة مباشرة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، صانع القرار الحقيقي في إيران، وكذلك إلى علي شمخاني، أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي، منتدى اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

"فخامنئي لديه رؤية استراتيجية للعلاقة مع روسيا، وهي أن طهران بحاجة إلى حليف موثوق به، وإذا لم تعد إيران حليفا موثوقا لموسكو، فإن مواقفها ستتأثر خاصة في سوريا. لذا فإن المرشد يدعو إلى الصبر. لكن إلى متى يمكنه الانتظار؟" يقول كليمان تيرم، المتخصص في شؤون إيران، مضيفا: "يمكن للإيرانيين أن يغضبوا من الروس دون الذهاب إلى حد الاشتباك. الروس يعرفون كيف يستغلون عداء طهران المؤسسي تجاه الولايات المتحدة".

ومضت "لوفيغارو" إلى القول إنه "بعيدا عن مسألة الحرس الثوري، فإن مصير الاتفاق النووي سيعتمد أيضا على الوضع في أوكرانيا وصبر إيران على موسكو وأميركا تجاه طهران. في مرحلة ما، يمكن لواشنطن أن توقف المفاوضات التي تجري خلف الكواليس في عُمان بمساعدة قطر أيضا".

ومع ذلك، تتابع الصحيفة، يمكن أن يؤدي العنصر الأخير إلى تسريع الأمور. لكن مع القرار الأوروبي بتبني حظر على الغاز والنفط الروسي، قد تتراجع المطالب الروسية للإيرانيين، ويتوقع مراقبون استئناف المفاوضات قريبا لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق مكتوب.