لم تكتف بعض الأحزاب وفي مقدمتها "الكتائب" بطرح برنامج أنتخابي عادي برسم الناخبين وعموم اللبنانيين لنيل الأصوات والتأييد في السباق الأنتخابي 2022، بل ولأن الوضع كارثي والأزمة اللبنانية عميقة وعقيمة ومعقدة، طرح الحزب ضمن كتيب أصدره: مشروعه المتكامل للبنان الجديد الذي نحلم به كلنا: وعلى "متنه" 178 خطوة تتناول كل مجالات الحياة:من النظرة السياسية للحزب التي تترتكز على السيادة والديمقراطية و"عدم المساومة" مع تخصيص فصل كامل يتعلق بالسياسة المالية وبيئة الأعمال والنموذج الاقتصادي وصولا الى نظرة "الكتائب" للبيئة والمجتمع والاملاك البحرية والنهرية والجبلية وحتى نوعية الهواء كيف يجب أن تكون:

في السياسة المالية يرى الحزب أن النموذج الأقتصادي القديم غير قابل للأصلاح وان الحل الوحيد يكمن في وضع رؤية اقتصادية جديدة واضحة ومستدامة تهدف الى تحقيق نمو متوازن وخلق فرص عمل:

وفي تفاصيل هذه السياسية أنها تبدأ بوضع رؤية اقتصادية ثم أقرار موازنة عامة تراعي الاستراتيجية الاقتصادية للنهوض والتعافي وتعقد بحسب الأصول وتحترم مبادئ الوحدة والسنوية والشمولية ومبدأ عدم تخصيص الايرادات والالتزام بقطع الحساب وبالمهل الدستورية، ويلاحظ في هذا البند التذكير بالأصول وبالدستور وبما يجب أن تكون عليه الأمور لكن للأسف لم يكن هناك التزام بهذه المبادئ من قبل الحكومات.

والخطوة التالية هي فرض سقف على عجز الموازنة يتبعه خفض تدريجي في العجز كل عام بهدف تحقيق فائض أولي على الناتج المحلي بنسبة 1.5 % في العام 2024

وورد في السياسة المالية ايضا وقف سلفات الخزينة المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان لتحقيق التوازن المالي عبر سلسلة خطوات، والملاحظ انها واردة في أكثر من خطة وحتى في خطة الكهرباء نفسها لكن التنفيذ لم يزل معلقا.

في البند 46 يأتي اعتماد الحكومة الالكترونية ورقمنة الخدمات العامة في ادارات الدولة وتطويرها. هذا البند وارد ايضا في مشاريع اكثر من جهة وهناك توافق على اهمية اعتماده من قبل الجميع.

بعدها تنص الخطة على اجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وجميع الوزارات والمؤسسات العامة والادارات العامة وفي كل العقود والمناقصات والصفقات العمومية التي أجريت في الأعوام الخمسة عشر الاخيرة.:وهنا بالنسبة للتدقيق الجنائي لقد بدأ لكن المهم استكماله وتسهيل مهمة الشركة لتصل الأمور الى خواتيمها.وتكشف الحقائق.

البند 48 ينص على مكافحة التهرب الضريبي من خلال أتمتة المعاملات الجمركية وتحسينها وتفعيلها وتعزيز الرقابة والامن وتطبيق القوانين ذات الصلة وتفعيلها خصوصا القوانين التي تحدد آليات معاقبة المهربين. يتبعها اعادة النظر بالأعفاءات الضريبية واستبدال التي لا جدوى منها بحوافز ضريبية تخدم الرؤية.ثم اصلاح السياسة الضريبية.

وفي باب اعادة هيكلة حاسمة للدين العام: يقول المشروع بوضع خطة "التعافي الاقتصادي والمالي" لتكون الرؤية والسياسات واضحة وتشكل أساسا صلبا للمفاوضات.

بعدها البدء فورا بمفاوضات مع الدائنين والاتفاق على توزيع واضح وعادل للخسائر الأجمالية التي تكبدها الاقتصاد اللبناني مع تبني سياسة عامة أساسية تهدف الى حماية المودعين.

وفي البند 54 أنشاء هيئة مكلفة بأدارة الدين العام وأعادة هيكلة حاسمة بهدف تخفيض حجمه الذي بات يقارب 200 % من الناتج المحلي الاجمالي الى ما دون 90 % على مدى السنوات الاربع المقبلة.

وينص البند 55 على انشاء صندوق سيادي كمرحلة انتقالية يتضمن أصول مصرف لبنان ويدار من قبل جهة مستقلة لتحسين أدارة هذه الأصول ورفع قيمتها ويسمح هذا الصندوق للمودعين باسترداد أموالهم من خلال الأرباح التي تحققها المؤسسات اضافة الى خصخصة بعض مؤسسات الدولة في المستقبل بعد رفع قيمتها وتشجيع المستمرين الاجانب على الاستثمار في لبنان. والملاحظ هنا وفي ما خص الصندوق السيادي قد غيب مؤخرا عن ما تسرب من خطة التعافي وسرت معلومات أن صندوق النقد لا يريده ولوحظ ان الدولة فضلت ان تتنصل من المسؤولية وتشطب دينها فتحمله للمصارف والمودعين...

بالحقيقة ان نظرة على مشروع الكتائب للبنان الجديد تبين انه مشروع متكامل يحظى بتأييد شعبي ويتبين ان ما عرض من بنود للأصلاح تتلاقى مع أكثر من خطة وأكثر من مشروع بعضها من قبل الحكومات نفسها لكن تبقى العبرة في التنفيذ والامل بأن يكون التغيير في الانتخابات على قدر الأمال والطموحات ليكون لدى الكتائب كتلة كبيرة ووازنة كي تحقق ما وعدت به. وان الغد لناظره قريب...