لفت مستشار رئيس الجمهوريّة، الوزير السّابق سليم جريصاتي، إلى أنّه "بقراءة أوّليّة أجريناها للمستجدّات على السّاحة السياسيّة، المتمثّلة أساسًا بالانتخابات النيابية، توقّفنا عند عدّة نّقاط، لعل أهمها تبعثر المجلس النّيابي الجديد وعدم توافّر أي تركّز أكثري بيد أيّ فريق سياسي، أو بيد ما سُمّي في ماضٍ لا نرغب باستعادته بـ8 و14 آذار، له سيئّاته وحسناته".

وأوضح، في حديث إلى "النشرة"، أنّ "من سيّئات هذا التّبعثر هو تبعثر قدرة التّشريع، لأنّ التّشريع بحاجة إلى عمل لجان، سواء كانت لجان متخصّصة أو مشتركة، وعمل هيئة عامّة، ومن الضّروري أن تكون هناك وحدة نظر إلى التّشريع الإصلاحي، بمعنى محاكاة متطلبات صندوق النقد الدولي والجهات المانحة والمصلحة اللبنانية العليا".

وأشار جريصاتي إلى أنّ "المجلس النيابي لديه اختصاص الرقابة على أعمال الحكومة، والمهم ألا يكون مبعثرا بموضوع المساءلة، أي أن يكون هناك فريق يعتبر نفسه تغييريًا أكثر من غيره، فيقوم بالمساءلة السياسية ومساءلة المسؤولين بطريقة خاطئة"، مفسّرًا أنّ "من حسنات التّبعثر، أنّه أفضل بكثير من الاصطفاف الحاد ويخفّفه. هذا الاصطفاف الحاد يجب تفاديه، لأنّه في نهاية المطاف الهمّ الأوّل للرئاسة هو الاستقرار العام، لا سيما أنه لا يبدو أنّ ثمة "بيضة قبان" وازنة على الأقل، لدى "الحزب التقدمي الاشتراكي" أو التغييريين".

وذكر "أنّنا قرأنا أيضًا أنّ هذا الاستحقاق الانتخابي قد مرّ بسلام، بالرغم من المآخذ الكثيرة والمحقّة والموثّقة عن المال السياسي أو الانتخابي الكثيف، الذي تم لفت النظر إليه في تقريرَي هيئة الإشراف على الانتخابات وبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات"، مبيّنًا أنّ "التّقارير الرسميّة المحليّة والدولية وتقارير الجمعيّات المعنيّة ستتوسّع بمفهوم المال الانتخابي، تمهيدًا للطعون لدى المجلس الدستوري. وهناك أيضًا مخالفات أخرى موثقة يمكن الإشارة إليها في التقارير، الّتي نعوّل عليها كثيرا".

وأكّد أنّ "لدينا همًّا أساسيًّا هو الهمّ المعيشي، ولا يمكن أن نستكين قبل إيجاد حلول له. نتكلّم هنا عن القمح، المياه، الدواء، الاستشفاء والخدمات الأساسيّة الّتي يتطلّبها كلّ مواطن، كالكهرباء وغيرها"، مركّزًا على "أنّني أفهم أنّ الهمّ المعيشي قد يسمو أيّ همّ آخر، وبالتّالي يجب أن تكون هناك قدرة للتّركيز على القوانين الأساسيّة الّتي نحتاجها، بالإضافة إلى حكومة قادرة على معالجة تداعيات الأزمة، والإصلاح".

وتمنّى جريصاتي أن "تكون الحكومة المقبلة قادرة، وأن نبعد عنها صفة الرّماديّة الكاملة، بما يُسمى "التكنوقراط"، الذين أثبتت أكثريتهم في الممارسة أنّهم أكثر تحيّزًا وارتباطًا بالأفرقاء السياسيين. نريد الدخول إلى حكومة قادرة تترجم نتائج الانتخابات، وقادرة على الإنتاج في هذه الظّروف. نحن بحاجة إلى قرارات إصلاحية. كما أن فريق العمل يجب أن يكون متمكنا، لأننا نفاوض صندوق النقد".

من جهة ثانية، شدّد على أنّ "القضاء لا يزال مكبلا ويجب تحريره، لا سيما في قضايا حساسة كانفجار مرفأ بيروت، الذي هو كارثة سواء بالنسبة للضحايا أو للموقوفين، الّذين يمكن أن يكون قد لحق ظلم ببعضهم. يجب الإفراج عن القضاء، الّذي هو أسير ال​سياسة​، كي يقوم بعمله"، مؤكّدًا أنّ "قانون استقلالية القضاء يجب أن يرى النور".

ولفت إلى "أنّني أفكّر بانفجار المرفأ الذي آلم بيروت ولبنان، وبملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسائر المسؤولين المعنيين بأي ملاحقة قضائية أجنبية".

إلى ذلك، أوضح أنّه "خلال ما تبقّى من ولاية رئيس الجمهورية، وحرصًا على الاستقرار العام، قال الرّئيس إنّه ترك خارطة طريق، وهو يعني بها خارطة طريق الإصلاح والإنقاذ"، معربًا عن أمله أن "يبقى التّغييريون تغييريين. التغيير يجب أن يحصل، وهو إصلاح بنية نظامنا السياسي، الذي يولّد أزمات ولا يجد لها حلولا. لست أدري لماذا تم وأد دعوة الحوار التي أطلقها الرئيس في لبنان في حين أن من ينادي بـ"سان كلو 2"، أو ما شابه".

وركّز على أنّ "النية معقودة أيضا لدى الرئاسة باستكمال تنفيذ اتفاق الطائف لجهة اللا مركزية الإدارية والمالية الموسعة، ذلك أن مشروع القانون لا يزال في مجلس النواب".

وأضاف: "الأمل معقود على رئاسة مجلس النواب ومكتب مجلس النواب للإمساك بالتّشريع بدقّة وجديّة، حيث كانت سمة المجلس السّابق الخفّة والتهور في إدارة التشريع، سيما في الفترة الأخيرة، كما حصل في معرض تعديل قاون الإنتخاب".