يوماً بعد يوم تضيق المهلة لحسم الخيارات، التي يشكل استحقاق انتخاب رئيس لمجلس النواب أولها، حيث الحفاظ على التوازنات والأعراف الطائفية باعتبار الموقع من نصيب نواب الطائفة الشيعيّة، يستدعي التسليم بحقيقتين، الأولى أن هناك إجماعاً من نواب الطائفة الشيعية وراء ترشيح وحيد هو رئيس مجلس النواب نبيه بري، والثانية أن معايير وأعراف العلاقات بين الطوائف تقتضي احترام مشيئة إجماع نواب أية طائفة عندما يتحقق في شأن مشابه.

ولفتت صحيفة "البناء" الى ان هذا يستدعي أن يتراجع الذين تحدثوا بنبرة عالية عن رفضهم انتخاب الرئيس بري عن مواقفهم، أما إذا كان المطروح التعامل مع منصب رئيس المجلس من خارج معايير وأعراف اللعبة الطائفية، فهذا يعني المضي بسلوك طريق آخر غير رفض التصويت تحت شعار احترام الهوية الطائفيّة للمنصب، لأن لمثل هذا الاحترام مترتبات تستدعي قبول الإجماع القائم بين نواب الطائفة وارتضائه، وإلا فالذهاب لترشيح نائب من غير نواب الطائفة الشيعيّة، كتعبير عن المسار الديمقراطيّ غير المقيّد بالأعراف الطائفية، وهذا ما قال بري في رد له أمس، على سؤال تحت هذا العنوان، أنه يرحب بأن يبدأ إلغاء الطائفية من انتخابات رئاسة مجلس النواب.

نصيحة عربية

في الاطار نفسه، يندرج ما قاله سفير دولة عربية لـ"الجمهورية" انّ الأسرة العربية تهنّىء الشعب اللبناني على انجاز الانتخابات النيابية، وترى ضرورة التعجيل في الاستثمار عليها بالشكل الذي يُخرج لبنان من أزمته، وقد أكد على ذلك الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط بأنّ الجامعة تقف الى جانب لبنان، وتأمل في ان تراه وقد عاد الى النهوض من جديد.

الا انّ السفير نفسه عبّر عن بعض القلق بقوله: الآن وبعد اجراء الانتخابات لم تعد لدى الأخوة في لبنان أي حجة لتوحيد نظرتهم في اتجاه معالجة ازمة بلدهم والانطلاق فورا في برنامج الاصلاحات، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى استقراراً سياسياً وإيجاد مساحات من التفاهم بين القوى السياسية تتبلور من خلالها الحلول لأزمة لبنان، وتُعيده الى سابق عهده من الازدهار، كما تعيده الى احتلال موقع استعادة دوره إن مع الاسرة العربية او على المستوى الدولي.

واضاف: لطالما أكدنا على الأخوة في لبنان ان يتجنّبوا العناوين الخلافية فيما بينهم، والصدام السياسي حولها. ولكن ما نسمعه منذ ما قبل الانتخابات النيابية وحتى اليوم، يجعلنا نخشى من أن يضيّع اللبنانيون فرصة اجراء الانتخابات، وان يغلبهم المنطق السلبي السائد الذي إن استمر على هذا المنوال، لا يَشي بقرب انفراج، ويُبقي لبنان تحت ضغط التوترات، وهذا معناه غرق لبنان أكثر في ازمته، ومعاناة صعبة للبنانيين.

ورداً على سؤال، قال السفير العربي: "نحن لا نتدخل في أي شأن مرتبط بالاستحقاقات في لبنان، فهم أدرى بترتيب شؤونهم الداخلية، ولكن ما نؤكد عليه هو أن يسود التفاهم فيما بينهم، بما يُفضي الى انتخاب رئيس لمجلس النواب، والأهم تشكيل حكومة ببرنامج إنقاذي. واذا كان لنا ان نقدم النصيحة، فنحن نرغب في ان نرى الحكومة وقد تشكلت في اسرع وقت لتحضير قواعد العمل الحثيث المطلوب منها، وتلاقي الازمة في لبنان بخطوات وعلاجات عاجلة تلبّي متطلبات الانفراج، وشروط استعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان. وكلمة اخيرة لكل المسؤولين في لبنان: نحن نحبّ لبنان، وحرام ان يبقى في هذه المأساة".