شدّد المكتب الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، ​سعادة الشامي​، على أنّ "من المؤسف أن يطالعنا بيان صادر عنجمعية المصارف​، أقلّ ما يُقال فيه إنّه مجاف للحقيقة، ويمثّل عمليّة هروب إلى الأمام، في محاولة مفضوحة تدّعي حماية المودعين".

ولفت في بيان، إلى أنّه "في حين أنّنا نتفهّم قلق مساهمي المصارف على ثرواتهم الخاصّة، نتيجةً لخطّة النّهوض الاقتصادي والمالي، وهو لأمر طبيعي ومتوقَّع، إلّا أنّ الخطير وغير المسؤول يتجلّى في محاولة مكشوفة لربط مصير أموالهم بالمودعين، وهي محاولة للالتفاف على خطّة متكاملة العناصر، كانت محطّ تقييم وتقدير من قِبل دول ومؤسّسات دوليّة مستعدّة لتقديم المساعدة ل​لبنان​".

وأوضح المكتب الإعلامي أنّ "خطّة الحكومة الّتي تمّ الاتّفاق عليها مع ​صندوق النقد الدولي​، أتت بعد محادثات مضنية امتدّت لعدّة أشهر، تستند إلى مبدأ تراتبيّة الحقوق والمطالب لاستيعاب الخسائر، وهو مبدأ عالمي يتماشى مع أبسط القواعد والمعايير الدّوليّة، بمعنى أنّه لا يمكن المساس ب​أموال المودعين​ قبل استنفاد رؤوس أموال أصحاب المصارف".

وأشار إلى "أنّنا قد زعمنا ولو لفترة وجيزة، أنّ "العباقرة" ممن يقفون خلف هذا البيان، مدركون جيّدًا لهذا المبدأ، وظننّا أيضًا -قبل أن يخيب الظنّ- أنّهم يعرفون أنّ عدم تطبيق هذا المبدأ سيقضي لا محالة على أيّ أمل في الوصول إلى اتّفاق مع صندوق النّقد الدّولي، أو في الحصول على أيّ مساعدة من الدّول الأخرى". وأعلن أنّه "هنا، لا بدّ أن يكون الجميع على دراية أنّ لبنان لن يتمكّن من إبرام أيّ اتّفاق مع صندوق النّقد، ولا الحصول على أيّ مساعدة من الدّول الأخرى، ما لم يحترم هذا المبدأ ويطبّقه".

كما ذكر أنّه "لا بدّ من تسليط الضّوء على أنّ ما يتردّد حول كون الخطّة ترمي إلى إعفاء الدّولة و​مصرف لبنان​ من أيّ مسؤوليّة، لا يعدو كونه اتّهامات عارية من الصحّة ومغلوطة، وأنّ تصريحات مشابهة -من حيث عدم توخّي الدّقّة وعدم التحلّي بالمسؤوليّة- لتلك الّتي صدرت اليوم، يمكن أن تقضي على هذا الأمل؛ لا سيّما إذا لاقت قبولًا لدى المعنيّين".

وأكّد المكتب الإعلامي أنّ "خطّة النّهوض ب​القطاع المالي​ تحافظ على حوالي 90% من أموال المودعين، إلّا أنّ هذا لا يعني أبدًا أنّنا نتجاهل الـ10% المتبقّية. فشطب جزء من ودائع المصارف الموجودة دفتريًّا لدى مصرف لبنان، يهدف بالدّرجة الأولى إلى تسوية وضع ​البنك المركزي​ حتّى يتمكّن من القيام بواجباته، لكنّ هذا لا يعني أنّ كلّ هذه الأموال قد شُطبت من الودائع".

وبيّن أنّ "في هذا الإطار، نحن لا نزال في خضمّ مفاوضات تسعى إلى حماية أكبر عدد ممكن من المودعين، من دون أن نثقل كاهل الدّولة بديون إضافيّة، لا سيّما وأنّ هذه الدّيون هي أساس الأزمة غير المسبوقة الّتي نعاني منها اليوم، أو أن نفرّط بأصول الدّولة الّتي هي مملوكة من المواطنين؛ مع العلم أنّ أكثر من نصف اللّبنانيّين لا يملكون حسابات مصرفيّة". ولفت إلى "أنّنا قد طوّرنا الكثير من المبادرات الّتي قد يكون لها أثر كبير على استعادة معظم الودائع، ولكنّ الخطر على هذه المبادرات كما على المودعين يبقى في تصريحات مماثلة وغير مسؤولة، كتلك الّتي طالعتنا اليوم".

إلى ذلك، ذكّر بـ"أنّنا قد قلنا مرارًا وتكرارًا إنّنا نطمح لإرساء قطاع مصرفي سليم ومعافى، يساهم في تمويل القطاع الخاص، من أجل إطلاق عجلة الاقتصاد وتحفيز النّمو. كما كرّرنا في عدّة مناسبات أنّ ​القطاع المصرفي​ يمثّل أحد أعمدة ​الاقتصاد اللبناني​، وأنّنا نسعى لتحسين هذا القطاع وإعادة هيكلته خدمةً للمجتمع". وشدّد على أنّ "لذا، قبول بعض الخسائر في سبيل المحافظة على الوطن، هو أقلّ ما يُطلب أو يُتوقَّع منّا في هذه الأوقات الصعبة".

وتوجّه المكتب إلى المودعين، قائلًا: "لقد تعرّضتم لضرر كبير نتيجة سياسات خاطئة، لذا أنتم على رأس أولويّاتنا، فلا تدعوا أحدًا يستثمر في حقوقكم المشروعة ويتكلّم باسمكم وكأنّه الحريص عليكم. لا تسمحوا بأن يكبّلوكم بأغلال مصالحهم، كي لا يغرقوكم معهم".

وخاطب المصارف بالقول: "أنت ركيزة مهمّة في الاقتصاد ولك دور أساسي في عمليّة الإنقاذ. إنّ هذه التّصريحات الّتي تعبّر عن آراء قلّة قليلة منكم، لا تخدم مصلحة القطاع المصرفي ولا مصلحة البلد". وأشار إلى أنّ "ثمّة من يعمل ليل نهار لاستعادة ما أمكن من أموال الناس، الّتي تمّ التّفريط بها، وكسب ثقة المانحين الدّوليّين، حتّى نتساعد سويّةً على إنقاذ لبنان من هذه الأزمة غير المسبوقة في التّاريخ الحديث. فرأفةً بالّذين يعانون الأمرَّين والّذين يصارعون يوميًّا لأجل تأمين أبسط مقوّمات الحياة الكريمة من الأكل والدّواء، دعونا نكفّ عن المكابرة، لأنّ حالة الإنكار هذه إذا استمرّت، ستجعل الجميع يندمون على ما اقترفت أيديهم".

وكانت قد اعتبرت جمعيّة المصارف، تعليقًا على إقرار خطة التّعافي الاقتصادي من قبل الحكومة، أنّ الحكومة "أبت إلّا أن تودع اللّبنانيّين بشكل عام والمودعين بشكل خاص، عبر إقرار خطّة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، القاضية بتنصّل الدّولة ومصرف لبنان من موجباتهما بتشديد الديون المترتّبة بذمّتهما، وتحميل كامل الخسارة النّاتجة عن هدر الأموال الّتي تتجاوز السّبعين مليار دولار أميركي إلى المودعين بعد أن قضت الخطّة على الأموال الخاصّة بالمصارف".