ووجهت دعوة أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله القوى السياسية اللبنانية للحوار حول استراتيجية تتيح استخراج الطاقة من المياه الإقليمية اللبنانية، برفض وتحفظ من خصومه، منعاً لتكرار تجربة الحوارات التي عُقدت في السابق "ولم تؤدِّ إلى نتيجة"، فيما دفع آخرون بملف "السيادة" إلى صدارة الأولويات، خلافاً لدعوته إلى حل الملفات المعيشية قبل البحث في سلاح الحزب.

ووصف عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم تلك الحوارات بأنها "مضيعة للوقت"، معتبراً أن دعوة الحزب إليها "تمويه نتيجة الانتخابات النيابية التي أثبت فيها الشعب رفضه للحزب وسلاحه وأكدت أرقامها أن الشعب توّاق لبناء دولة حقيقية ودولة ذات سيادة تكون فيها حصرية السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة والجيش اللبناني".

ورأى كرم في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" أن ما طرحه السيد نصر الله "دعوة خبيئة لإشاحة النظر عن نتيجة الانتخابات وتضييع الفرصة التي نتجت عن الانتخابات واقترع فيها اللبنانيون لصالح حل القضية اللبنانية والبدء بمسيرة التعافي". وأكد كرم أن الحوار مع الحزب "مرفوض لأننا حاولنا كثيراً مع الحزب أن نقوم بنقاشات لبنانية – لبنانية، لكنه كان مصراً على تمييع النقاشات"، مشيراً إلى أن الحزب "حرق الوقت والفرص في الماضي".

وأضاف: "كل النقاشات والنتائج التي أكدت حيادية لبنان، ومنها النأي بالنفس الذي توصلت إليه طاولة الحوار في بعبدا في العام 2011، كان الحزب يضرب بها عرض الحائط ولا يحترم تلك الاتفاقات". وقال إن الحزب "يمارس ال​سياسة​ بناءً على التعليمات الإيرانية ولمصلحة المفاوض الإيراني".

ولا يبتعد "الحزب التقدمي الاشتراكي" كثيراً عن حزب "القوات اللبنانية" لناحية رؤيته لملف الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، رغم أن "الاشتراكي" يؤكد موقفه المبدئي الداعم للحوار بين الأفرقاء في لبنان "من منطلق أننا جماعة الحوار والدعاة إليه، واخترعنا مصطلح تنظيم الخلاف"، كما تؤكد مصادره.

لكن المصادر نوهت في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" إلى "أننا لم نرَ في كل التجارب على مدى سنوات طويلة أي التزام بمقررات الحوار"، في إشارة إلى طاولات الحوار التي عُقدت بدايةً في العام 2006 في مجلس النواب بدعوة من رئيس البرلمان نبيه بري، ثم الحوار في قصر بعبدا بدعوة من رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، والحوار في القصر الرئاسي في 2011 الذي أكد موقف لبنان الحيادي في تطورات المنطقة، و"النأي بالنفس" في الأزمات خارج الحدود، وهو موقف لم يلتزم به الحزب، كما يقول خصومه.

وقالت مصادر "الاشتراكي": "تبين أن هذه الحوارات لتضييع الوقت"، مؤكدةً "أننا لم نعد نملك ترف الوقت للحوار من أجل الحوار أو اللقاء على طاولة للحوار والتقاط الصورة"، مشددة على أن "المطلوب اليوم هو إقرار الاستراتيجية الدفاعية وليس الحوار عليها، وننطلق منها إلى الملفات الأخرى". وأوضحت المصادر أنه "لا إصلاح من دون سيادة، ونحن مقتنعون بأن كل القضايا تقترن بالاستراتيجية الدفاعية التي يجب الانطلاق منها نحو ملفات الإصلاح".

ثورة جياع

على الصعيد المعيشي لاحت في الافق مؤشرات الى ثورة الجياع وانفجار اجتماعي نتيجة تفاقم الازمات المعيشية التي تتحرك على وقع الدولار، وشهد الشارع تحركات للقطاع الاستشفائي والطبي وتوقّف عن العمل وانتقاد "للسياسة النقدية المتوحشة التي تمارسها الدولة"، وسط تحذير من انقطاع الدواء والعلاج عن المرضى كان قد سبقه مطلع الاسبوع اضراب للقطاع الصيدلاني، فيما نفذ أصحاب الأفران والمخابز اعتصاما أمس في مؤشر الى أزمة خبز.

وأكد خبراء انّ الانهيار الذي يتواصل في لبنان منذ أكثر من عامين لم يصل بعد الى القعر، ولكن مع تَسارع وتيرة ارتفاع الدولار ستزداد سرعة الانهيار لأن التثبيت المصطنع لسعر الدولار الذي اعتمد خلال الاشهر الماضية بدأ بالتفلّت وهو ما يفسر التقلبات الحادة في سعر الصرف.

وقالت مصادر لـ"الجمهورية" انه "مع كل ما يحصل لا نزال في اول الطريق ولم نصل تماما الى القعر، ومع احترامنا للخروق التي تحققت بنتائج الانتخابات والوجوه الجديدة التي دخلت الا ان الأزمة أكبر بكثير من قدراتنا وامكاناتنا المتوفرة ويقابلها وضع اقليمي غير مؤات ليكون لبنان اولوية عند الدول". واضافت: "للاسف في هذا الوقت لا تزال الطبقة السياسية تتلهّى بمن سيكون رئيسا لمجلس النواب ومن هو نائبه ومن سيترأس اللجان... بينما الدولار يطير ويحلق بحيث ان 60% على الاقل ممن يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية باتوا ما دون خط الفقر، ولا أحد يكترث".