تنحصر المنافسة الجدية على موقع نائب رئيس ​مجلس النواب​ اللبناني اليوم بثلاثة أسماء فيما لا تنافس أي شخصية رئيس المجلس النواب ​نبيه بري​ على موقعه، رغم الجهد الذي يُبذل للفوز في الدورة الأولى من الاقتراع بأكثرية النصف زائد واحد، أي بأكثر من 65 نائباً.

وتجري الانتخابات المقررة اليوم على ثلاث مراحل. يعقد مجلس النواب الجلسة الأولى بعد انتخابه بدعوة من الأكبر سناً، أي "رئيس السن"، وهو في هذا المجلس الرئيس نبيه بري، أما الجلستان الثانية والثالثة فيترأسهما الرئيس المنتخب.

وتتألف هيئة مكتب المجلس من رئيس البرلمان (شيعي) ونائبه (أرثوذكسي)، وأميني سر هما ماروني ودرزي، وثلاثة مفوضين هم سني وكاثوليكي وأرمني. ويُنتخب هؤلاء في الجلسة البرلمانية الثالثة بعد جلستي انتخاب الرئيس ونائبه.

وتشهد انتخابات نائب الرئيس خلط أوراق، إذ تتنافس ثلاثة أسماء جدية على موقع نائب الرئيس أولها النائب إلياس بوصعب الذي ينتمي إلى تكتل "لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل، والثاني هو النائب ​إلياس سكاف​ المدعوم من "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" و"حزب الكتائب" ونواب مستقلين سياديين، والثالث مع النائب ​ملحم خلف​، نقيب المحامين السابق، الذي يحظى بدعم النواب الممثلين لـ"المجتمع المدني" ويُصطلح على تسميتهم بالقوى التغييرية.

سجيع عطية

وبعدما كان النائب سجيع عطية ضمن المنافسين الجديين، قالت مصادر معارضة لـ"التيار الوطني الحر" إن عطية "خرج من المنافسة"، وذلك لافتقاده تأييد "التيار"، كما قالت المصادر لـ"الشرق الأوسط" إن باسيل "حاول في وقت سابق أن يزكي عطية مقابل انضمامه لاحقاً لكتلة التيار، لكن مساعيه باءت بالفشل لأنه اصطدم بواقع آخر"، موضحة أن باسيل "صرف النظر عن الأمر راهناً لأنه يسعى للحفاظ على وحدة تكتل لبنان القوي وألا تكون تسمية عطية لها ارتدادات سلبية على وحدة التكتل، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات"، في إشارة إلى أن الأصوات التي حاز عليها النائبان إلياس بوصعب وإبراهيم كنعان، كانت أقل من المتوقع في دائرة المتن الشمالي، وقالت المصادر إن نتائج الانتخابات "خلفت ندوباً يسعى باسيل لمعالجتها منعاً لتصدع تكتله".

وبحسب صحيفة "اللواء" فان المصادر النيابية، لم تسقط من الحساب "الترشيح المبدئي" للنائب العكاري سجيع عطية، إذا ما لمس الرئيس بري وفريقه، أن ثمة لعبة قد يلجأ إليها النائب جبران باسيل للحد من إعادة تعويم بري رئيساً، بنسبة محترمة من عدد الأصوات.

وعلمت "اللواء" ان نواب "التغيير" سيتوجهون الى البرلمان اليوم ضمن كتلة واحدة بمرافقة شعبية على وقع هتافات "ثورة ثورة"، بدءا من مرفأ بيروت وصولا الى البرلمان.

بري: تعالوا نتوحّد

وذكرت "الجمهورية" بانه اذا كان بري مُتيقناً من فوزه بولاية جديدة في رئاسة مجلس النواب، الا انه يحرص عشيّة الجلسة، ومع انطلاق الولاية المجلسية رسمياً، على ان يمدّ يده في اتجاه كل المكونات النيابية، على قاعدة ان ليس في لبنان عداوات بل هناك خصومات، واكد على "النظر بعين واحدة الى واقع البلد والمأساة التي يعيشها اللبنانيون". فيوضح أنّ "واقع البلد مرير، وأمامنا واجبات كبرى في مجلس النواب، فلنَدع خصوماتنا جانباً، كنّا أخصاماً في الانتخابات، ولا يجوز ان نسحب خصومتنا الى ما بعد الانتخابات، كما لا يجوز أبداً أن نضيّع البلد ومصالح الناس في خصوماتنا، المطلوب ان نعمل معاً في اتجاه رَفع هذه المعاناه، وإنقاذ البلد".

وشدّد بري على انّ سبيل الخلاص هو الوحدة والتضامن فيما بيننا كلبنانيين، والمجلس الحالي بتركيبته يُنايدنا لكي نتضامن ونتوحّد وننسّق مع بعضنا البعض ونُسارع الى إنقاذ بلدنا واهلنا بعمل مشترك اليوم قبل الغد، والّا فإنه من دون هذه الوحدة والتضامن سينزلق البلد الى الدرك الأسفل من النار.

ضربة معنوية

ولفتت "الجمهورية" الى انه "إن حصل ترسيخ السيناريو المتوقع في جلسة اليوم، بانتخاب نبيه بري رئيساً للمجلس و​الياس بو صعب​ نائباً للرئيس، تتبدّى حقيقة واضحة بأنّ القوى التي كَبّرت حجرها واستبقت انتخابات رئاسة المجلس بسلة فضفاضة من الشروط، وتوعّدت بتغيير الواقع القائم وفرض موازين جديدة في مجلس النواب، ظهرَ من الجلسة الأولى لمجلس النواب، محدودية فعاليتها، وعدم قدرتها على تسييل أحجامها ومقاعدها بما يجعل الميزان الانتخابي في المجلس يميل في الإتجاه الذي يحقق أياً من شروطها، وما وعدت وتوعّدت به. وبالتالي، فإن سارت وقائع جلسة الإنتخاب اليوم على نحو ما هو متوقع، تكون قد تلقّت ضربة معنوية بالتأكيد ستكون لها اراتداداتها في الآتي من الأيام".

بري ينال بين 65 الى 67 صوتا

وافادت "الاخبار" بانه "عشيّة الجلسة، بلغت الاتصالات ذروتها لتأمين عدد وازن من الأصوات يتيح انتخاب المرشح الوحيد نبيه بري لولاية سابعة من الدورة الأولى. وقد نجحت هذه الاتصالات، بحسب مصادر مطّلعة، في تأمين بين 65 و67 صوتاً.

رغم ذلك، الاتصالات مستمرة حتى الدقائق الأخيرة قبل انعقاد الجلسة، في وقت تشير فيه معلومات إلى تغريد عوني خارج السرب قد يؤمّن لبري بين 3 أو 4 أصوات.

علماً بأن المحسوم، حتى الآن، هو صوت المرشح لموقع نائب الرئيس النائب الياس بوصعب، الذي زار عين التينة السبت الماضي، وبدا في أكثر من محطة كما لو أنه مرشح مستقل ويقوم بحملته وحيداً.

كما أكدت مصادر قريبة من بري لـ "الاخبار" أن كتلة "التنمية والتحرير" ستعطي أصواتها لبوصعب، وخصوصاً أن الأخير سيصوّت لبري، ونفت وجود أي مقايضة في ذلك مع النائب جبران باسيل.

وأوضحت المصادر أن "تفضيل بري لبوصعب على أيّ مرشح آخر يعود إلى العلاقة القوية التي تربطهما، إضافة إلى أن التفاهم والتنسيق بينهما سيكون سهلاً، على عكس ما سيكون الوضع عليه في حال فوز مرشح قريب من القوات أو قوى الاعتراض".

وقد استضاف النائب نبيل بدر في منزله، أمس، لقاءً حضره معظم النواب المحسوبين على تيار المستقبل سابقاً (كتلة إنماء عكار والنائب كريم كبارة) والجماعة الإسلامية والنائب عبد الرحمن البزري. وعلمت "الأخبار" من مصادر مطّلعة على أجواء الاجتماع أن معظم المشاركين سيصوّتون لبري، فيما هناك إجماع على التصويت للنائب غسان سكاف نائباً لرئيس المجلس. كذلك يواصل النائب جورج عدوان التواصل مع نواب "التغيير" لإقناعهم بالتصويت لسكاف إلى جانب كتلة اللقاء الديموقراطي.

الفاشل الاكبر

وفي السياق، اشارت صحيفة "البناء" الى ان ضمان نجاح نبيه برّي من الدورة الأولى بالأغلبية المطلقة، شكل الصفعة القاسية للذين سعوا وراهنوا على ما وصفوه بالرسالة التي سيحملها إلزامه على انتظار الفوز في دورة ثالثة بالأغلبية النسبية، والسعي والرهان على أدنى تصويت ممكن، فما عاد حرمانه من الفوز بأغلبية كاسحة هو الخبر، بل فوزه بالأغلبية المطلقة، خصوصاً مع تحوّل الانقسام النيابي الى استقطاب طائفي، حيث يصوّت لبري 50 نائباً مسلماً ويحجب عنه الأصوات 50 نائباً مسيحياً، في مشهد يعيد التذكير بثمانينيات القرن الماضي، وانقسامات الحرب الأهلية.

في الجلسة سيكون النائب السابق وليد جنبلاط الحاضر الأول رغم كتلته الصغيرة بـ 8 نواب، حيث شكل قراره بالتصويت للرئيس بري الحدث الأبرز برسم هوية الاصطفافات في المجلس الجديد، ودخوله بقوة على سباق نائب رئيس مجلس النواب شكل الحدث الأبرز في تحديد إطار المعركة المجلسية الفعلية الوحيدة، في ظل عدم وجود معركة رئاسة.

ولفتت ا لى ان الفاشل الأكبر سيكون سمير جعجع رغم تربّعه فوق كتلة من قرابة عشرين نائباً، بعدما تسرّع بالإعلان عن فوزه بقيادة أكثرية نيابية سرعان ما تبخّر وهمها، وتردده في خوض معركة نائب الرئيس بمرشح طلباً للإيحاء بحجم نيابي كبير يتضامن وراء مرشح موحد لنواب القوات والكتائب ونواب 14 آذار والنواب التغييريين، فضاعت الفرصة وهو ينتظر، "لا بدمّر عيّدنا ولا بالشام لحقنا العيد".