ذكرت "الاخبار" بان من يتواصلون مع رئيس تيار المستقبل ​سعد الحريري​ ينقلون عنه أنه "مرتاح" بعدما تحرّر من "ثقالاته" ومن الأعباء والالتزامات التي كان يحملها في المرحلة الماضية. ويؤكدون أنه يتحضّر للعودة إلى لبنان قريباً.

العين ستكون موجّهة، بالدرجة الأولى، إلى التيار الذي ضُربت "خرزته الزرقاء" وشارك عدد من كوادره في الانتخابات النيابية كتفاً إلى كتف مع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، خلافاً لرغبة رئيسه، خصوصاً أن "دولته" على اطّلاع على ما تورّط به مسؤولون محسوبون عليه في الانتخابات في عدد من المناطق.

دائرة الحريري من الموثوق بهم صارت ضيّقة، وتقتصر على أشخاص لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة. وهذا يعني أن "النفضة" قريبة بغية إعادة هيكلة التيار، وهو يعمل حالياً على درس أسماء المسؤولين عن القطاعات والكوادر بعناية فائقة مع المقربين منه.

هذا تنظيمياً. أما في ال​سياسة​، فإن الحريري الذي جلس في "بلاد الغربة" يتفرّج على الانتخابات من دون أن يصفّق حماسةً حتى، "فاز" بالانتخابات التي لم ينكفئ عنها تماماً، بل لعب من تحت الطاولة لـ "زرع" مرشحين في أكثر من لائحة، ولـ"فركشة" السنيورة والقوات اللبنانية في أكثر من دائرة، كما في تجيير الأصوات لنبيل بدر وعماد الحوت في بيروت، وفي دعم بلال الحشيمي (في زحلة) الذي يؤكد مستقبليون أنه من حصة الحريري لا السنيورة.

وعليه، يملك الحريري اليوم "عدة" سياسية هي أشبه بنواة كتلة نيابيّة سنية (أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، محمد سليمان، وليد البعريني، نبيل بدر، بلال الحشيمي، ويمكن أن يضاف إليهم في بعض الملفات ياسين ياسين وعماد الحوت، وشخصيات مسيحية) جاهزة للانتظام ضمن كتلة تيار المستقبل متى أراد رئيسه العودة عن تعليق العمل السياسي.

مؤتمر تاسيسي

اشارت اوساط تيار المستقبل لـ"الاخبار" الى ان الوضع بات يستدعي "جردة حساب" تصل إلى حدّ "النفضة الشاملة"، وهو ما يبدو أن العمل جارٍ عليه تحت عنوان إعادة هيكلة التيار لمواكبة التغييرات والحد من تقلّبات المزاج الشعبي، ومع بروز أكثر من منافس "شرعي" من أبناء البيئة التقليديين.

وبحسب المصادر، فإن هذا الأمر موضع بحث مكثّف مع الحريري، في مقرّ إقامته في أبو ظبي، ويفترض أن يظهر واضحاً في المؤتمر العام الـ16 لتيار المستقبل، الذي يجري الإعداد لعقده في بيروت أواخر الصيف ويُتوقع أن تتم الدعوة إليه في حزيران المقبل. ويتردد بقوة أن الحريري سيشارك شخصياً في المؤتمر الذي يحمل صفة "التأسيسي".

والثابت حتى الآن أن هذا المؤتمر ستسبقه خطوات "عقابية" ستبدأ من القاعدة، وتشمل كل من لم يلتزم بتعاميم التيار عشية الانتخابات بعدم المشاركة فيها وعدم استخدام اسم المستقبل في الترويج لأيّ من المرشحين، بالتزامن مع إجراءات تنظيمية لنقل السلطة تبدأ بحل كل الهيئات السياسية، بما فيها المكتب السياسي والفروع الحزبية. ووفق مصدر رسمي في "المستقبل"، سيكون ذلك مقدمة ليس لتجديد التيار فحسب، وإنما إطلاق "طبعة منقّحة مختلفة كلياً".

معضلة... وميني انتخابات

على صعيد مختلف، وبحسب مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" فإنه بعد اكتمال عقد هيئة مكتب مجلس النواب، تنتقل الكرة الى ملعب رئيس الجمهورية لتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، وسواء تحدّدَ هذا الموعد قبل نهاية الاسبوع الجاري او الاسبوع المقبل، فإنّ صورة الاستشارات يَشوبها الغموض مع التوجهات النيابية الجديدة، والتي قد تشهد يوم الاستشارات طرح اكثر من اسم خلالها لترؤس الحكومة، اي انها قد تكون ميني انتخابات، قد تُفضي الى تسمية رئيس الحكومة بنسبة أصوات نيابية اقل بكثير مما كان عليه الحال في الاستشارات السابقة.

اما المعضلة الاساس، كما يكشف مرجع مسؤول لـ"الجمهورية"، فليست في اختيار رئيس الحكومة بل في تأليفها، ويقول: ان شاء الله نستطيع ان نؤلف حكومة في هذا الجو الانقسامي، وإن استطعنا فسنكون امام معضلة جديدة تتبدّى في أنّ هذه الحكومة إن شكّلناها في وقت قريب، لن يزيد عمرها عن خمسة اشهر، مع اقتراب موعد الإستحقاق الرئاسي الذي يوجِب تشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

ويُوَصّف المرجع هذا الواقع بقوله: زحمة الاستحقاقات التي تواجهنا أشبه بحائط من حجر ينهار على رؤوسنا حجراً تلو حجر، بدءًا من الازمة وتفاعلاتها على كل المستويات، ثم الاستحقاق الحكومي الآن، الذي يوجِب علينا تشكيل حكومة، ولا نكاد ننتهي من ذلك حتى نصطدم بالاستحقاق الرئاسي. وعلى الرغم من هذا الضغط، الا انه يفرض على الجميع، ان كانت النوايا سليمة، أن ينطلقوا في العمل الانقاذي من دون النظر الى عمر الحكومة، بل حتى ولو كان عمر الحكومة يوماً واحداً، المطلوب بدء العمل والنظر الى البلد وأزمته ومعاناة شعبه بموضوعية وواقعية وعقلانية.

امّا التحدّي الخامس فهو التحدّي الرئاسي، حيث يشكل استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية بعد اشهر قليلة، المحطة الاساس، لا بل الامتحان الصعب للمجلس الحالي، في ظل الانقسامات التي تحكمه حول هذا الاستحقاق، وعدم قدرة اي طرف ان يميل بميزان الانتخابات في اتجاهه. ومن هنا فإنّ القراءات المسبقة لهذا الاستحقاق تحيطه بتوقعات سلبية، تضع هذا الإستحقاق على حافة احتمالات شتى ومداخلات يتداخل فيها البُعد الداخلي مع الخارجي.