مع انّ انتخاب رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ لولاية سابعة خضع للتجاذب، الّا انّه كان محسوماً قبل تثبيته دستورياً في الصندوق، خلافاً لما كان عليه وضع نيابة الرئيس، التي دارت حولها المعركة الأشرس بين فريق "حزب الله"، "التيار الحر"، حركة "امل"، تيار "المردة" وآخرين، وبين التلاوين الأخرى الممتدة من معراب الى الصيفي مروراً بالتغييريين والحزبيين.

ولئن سبق لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان أعلن عقب الانتخابات، عن انتقال الأكثرية من صفوف الحزب والتيار إلى خصومهما، الّا انّ التجربة الأولى بيّنت بالعين المجرّدة، انّ صرف هذه المعادلة النظرية إلى "سيولة نيابية" ليس سهلاً. إذ انّ نتيجة "مباراة" المطبخ المجلسي شكّلت إخفاقاً لمعراب التي خسرت 2 - 0، (موقعي رئيس المجلس ونائبه) وعكست نوعاً من "تريمونتادا" ما بعد 15 أيار، حققتها مكونات الفريق الآخر، عقب تبادل تمريرات "ملعوبة"، أدّت إلى تسجيل هذين الهدفين النظيفين.

واعتبر مواكبون من 8 آذار لمجريات المخاض المجلسي لـ"الجمهورية" بانّ المهم في حصيلته انّها أسقطت بـ"المطرقة القاضية" مقولة "القوات" وحليفها الاقليمي، بأنّ الأكثرية باتت معهما، لافتين الى انّ مكونات الطرف الآخر لم تدّعِ بعد الانتخابات انّها هي من استحوذ على الأغلبية النيابية، بل أكّدت منذ اللحظة الأولى انّ اياً من الأطراف لا يملكها لوحده، وانّها ستكون متحركة تبعاً للملف المطروح.

القلوب البيضاء

وقالت مصادر في التيار الوطني الحر لـ"اللواء" ان الورقة البيضاء التي وضعت في صندوق انتخاب برّي، لم تقابل بالمثل، ومع ذلك صوت الثنائي لمصلحة مرشّح باسيل النائب الياس أبو صعب، ولكن في المستقبل، يمكن للاوراق البيضاء ان تلتقي مع القلوب البيضاء.

ابو الحسن

واوضح النائب هادي ابو الحسن لـ "اللواء" في تقييمه للجلسة، ان "النائب ​الياس بو صعب​ كان يحوز 57 صوتا من اصوات قوى الممانعة وتفاهم مار مخايل، فليخبرنا "السياديون والتغييريون" من اين جاء بالاصوات الاضافية للفوز؟ والنائب زياد حواط نائب سيادي بمفهومهم لماذا لم يقترعوا له واقترعوا للنائب الان عون او وضعوا اوراقاً بيضاء؟"، وقال: "لقد جاؤوا الى المجلس لإفتعال عراضة شعبوية بدءاً من مسيرتهم من المرفأ الى رفع صور شهداء الانفجار، وكانت مسرحية فاشلة قام بها هؤلاء وعليهم ان يلاقوا "الاوادم" في المجلس لإنجاح العمل وتحقيق التغيير".

واضاف ابو الحسن: "ليخبرنا نواب التغيير كيف سيكسرون النظام الطائفي وما هي خطتهم لكسر هيمنة السلاح؟".

"المَي كذّبت الغطاس"

وقال مصدر سياسي رفيع لـ "لجمهورية"، في قراءة أولية لما حصل في مجلس النواب، انّ "المَي كذّبت الغطاس" والغالبية اثبتت انها لا تزال تتحكّم بخيوط اللعبة على رغم من الجهد غير العادي لإضعاف رئيس المجلس معنوياً من خلال منع انتخابه من الدورة الاولى، امّا الواقع السياسي المُستجِد فكرّسته عملية انتخاب الياس بوصعب الذي أرسى تَموضعاً جديداً سمحَ بجلاء النتائج الفعلية للانتخابات لأنّ "المومينتوم" الحالي سيفرض توازنات مختلفة استفادت من جلسة الأمس للانطلاق في مقاربة الاستحقاقات المقبلة".

وتخوّف المصدر من "ان يلجأ من لن يستطيع أن يصنع فارقاً، الى التعطيل... كمَن يُطلق الرصاص على رجله".

وعلمت "الجمهورية" انّ اجتماعات جانبية حصلت بعد الدورة الاولى لانتخاب بو صعب، وحصل فيها تواصل مع جهة خارجية أوعَزت لـ"نواب الثورة" لانتخاب سكاف بعد صدور نتيجة التصويت الاولى.

التفصيل المُمل

وأكدت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ المسعى الدؤوب الذي بَذله "حزب الله" على خط حَليفيه حركة "امل" و"التيار الوطني الحر" كان له التأثير الكبير في تَظهير النتيجة التي انتهت اليها جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، مشيرة الى انّ الحصيلة النهائية كانت محسوبة بالتفصيل المُملّ ولم يكن هناك من مجال لأي خَلل.

ولفتت المصادر أنّ جلسة امس، وعلى كل تعقيداتها، هي السهل الذي تم تجاوزه اما الأصعب فهو التصدي للأزمات الحادة وإثبات أهلية المجلس الجديد لمواجهتها. واعتبرت أن عودة الدولار الى الارتفاع هو تنبيه متجدّد الى خطورة الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية التي تَستوجِب معالجة جذرية عبر استكمال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مع ما يستوجبه ذلك من تعجيل في اختيار رئيس مكلف وتشكيل حكومة جديدة، محذّرة من انّ الترقيع لتمرير هذا الاستحقاق او ذاك لا يمكنه ضبط الدولار الّا لوقت قصير.

في القصر الجمهوري

وفي اول زيارة بروتوكولية له بعد انتخابه رئيسا لمجلس النواب للدورة السابعة على التوالي، زار بري رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ في قصر بعبدا يرافقه أعضاء هيئة مكتب. ولوحِظ غياب أمين السر الثاني عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي ابو الحسن عن الزيارة.

وقالت مصادر نيابية عليمة لـ"الجمهورية" انه "تَقصّد التغيّب من دون الكشف صراحة عن السبب الذي بقي ملكاً للرئيس بري الذي تبلّغ اعتذاراً منه".

خلوة نادرة

وفور وصول بري الى بعبدا عقدت خلوة ثنائية بينه وبين عون وصَفتها مصادر مطلعة بأنها "نادرة" لأنها تحصل بعد طول غياب، اذ انّ بري لم يَزر عون منذ 10 أيلول تاريخ اللقاء الذي جمعهما عند صدور مراسيم تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولم يسجل اي لقاء بينهما منذ ذلك التاريخ.

وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ان اللقاء "كان ايجابيا وانّ الصور والمداولات عبّرت عن جَو ودي بين عون وبري بعد طول غياب، وشكلت مناسبة لمناقشة المحطات المقبلة ولا سيما منها ما يتعلق بتحديد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية من سيكلّفه تشكيل الحكومة الجديدة".

واضافت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية" ان عون ينتظر من الامانة العامة لمجلس النواب جدولا نهائيا بالكتل النيابية وأسماء النواب المستقلين التي ستعتمد عند تحديد المواعيد الخاصة بهذه الاستشارات.