ذكرت صحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "العيون كلّها شاخصة في اتجاه القصر الجمهوري، رصدًا لصدور دخان ​الاستشارات النيابية​ الأبيض من المدخنة الرئاسية، بالتوازي مع تساؤلات من غير اتجاه سياسي عن موجبات التأخير في إطلاق هذه الاستشارات".

وأكّدت مصادر سياسية أن "لا موجب سياسياً او تقنياً لتأخير الموعد، ذلك أنّ ضرورات البلد توجب أن يُدقّ الحديد وهو حامٍ، لتعبيد الطريق امام تشكيل حكومة، استجابة اولاً لمتطلبات البلد التي يوجِب وضعه المتهالك ولادة سريعة لحكومة بمهام محددة في عمرها القصير من الآن وحتى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وفي مقدمها اقرار الموازنة العامة، وقانون الكابيتال كونترول وإتمام برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي".

وأوضحت أنّ "بهذه المهام المحددة لهذه الفترة الانتقالية التي يفترض أنها قصيرة الأمد، يمكن لهذه الحكومة أن تلبّي بعضاً من كثير يتوق اليه ال​لبنان​يون، بوضع بلدهم على سكة الخروج من الازمة الخانقة".

لا مبرّر للتأخير!

في السّياق، شدّدت مصادر سياسيّة مسؤولة لـ"الجمهورية"، على انّ "وضع لبنان يواصل، وعلى مرأى الجميع، الدوران على تخوم الجحيم، وكلّ دقيقة تمرّ من دون ان تستغل ويُستفاد منها، تعجّل في المسار الانحداري نحو الجحيم، أو بمعنى أدق الى الدرك الاسفل من النار على حدّ تعبير رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​. فالانتخابات انتهت، وثمة فرصة تلوح امام اللبنانيين ينبغي التقاطها قبل فوات الأوان، ونبكي على اطلال من صنع ايدينا".

شهران وإلّا..؟!

أشارت مصادر اقتصادية مسؤولة لـ"الجمهورية"، إلى أن "لبنان استنفد كلّ الوقت الذي اتيح امامه لاعادة ترتيب اموره، ولم يبق امامه ليعود ويتنفس سوى فترة زمنية قصيرة جداً لا تزيد عن شهرين، لإعداد طبخة الانقاذ والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والّا فإن لبنان على باب الدخول في مرحلة جمود شديد السلبية، لبضعة اشهر اضافية تمتد الى ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد". وحذّرت من أنّ "هذه المرحلة في ظل وضع داخلي فالِت على كل المستويات، مُرشّحة لأن تشهد سيناريوهات غير محسوبة وغير محمولة في سلبياتها وضغوطها، لا يملك أحد تقدير مَدياتها التي قد تبلغها، حيث لا كوابح فيها للدولار وكذلك للاسعار، ولا حدود فيها للانهيارات في ما تبقى من قطاعات ومؤسسات".

ودقّت الجرس والإنذار ممّا تسمّيه "الخطر الأكبر" التي يلوح في أفق لبنان، مبيّنةً أنّ "لبنان في هذه الفترة، يعاني نزيفاً حاداً في الاحتياط النقدي يتراوح في اقل تقدير بين 30 الى 35 مليون دولار يومياً، وهذه الاموال بالتأكيد هي اموال المودعين، واذا ما استمرّ هذا النزيف من دون ان تبادر الجهات المسؤولة في الدولة، سواء على المستوى الرئاسي او الحكومي او النيابي الى بلورة العلاجات السريعة والفورية لوقف هذا النزيف، فلن يتأخر الوقت ليصل لبنان الى الافلاس الحقيقي، على ما وصلت اليه سيريلانكا قبل ايام، التي شحّ احتياطها من العملات الصعبة بالكامل، وباتت تتوسّل العالم لكي يمدّها بالقمح والمحروقات". وتساءلت: "هل تريد المكونات السياسية المتنافرة مع بعضها البعض إيصال لبنان الى "الشحادة" التي قد لا يجد في هذه الحالة من يمد له يد العون؟".

تأليف الحكومة ممكن!

ركّز مرجع سياسي مسؤول، للجمهورية، تعليقًا على حديث بعض الاوساط السياسية عن موانع ل​تشكيل الحكومة​، والتداول بسيناريوهات تفترض انّ تشكيل الحكومة في المدى المنظور أمر شديد الصعوبة وذلك لتعذّر التوافق السياسي حيالها، وانّ المخرج الأسلم هو الابقاء على حكومة تصريف الاعمال، على أنّ "مثل هذه الترويجات إمّا هي نابعة عن جهل، وامّا هي نابعة عن خبث متعمّد، الا انّ نتيجتها واحدة وهي رَمي لبنان في التهلكة".

ورأى أنّ "خلافاً لكل ما يقال، إن تشكيل الحكومة ممكن وفي فترة قياسية إن صفت النوايا السياسية، ورفع كل الاطراف مصلحة لبنان فوق كلّ الاعتبارات. لقد آن الاوان لكي يتحلى الجميع بشيء من المسؤولية".

السفراء يستعجلون الحكومة

علمت "الجمهورية" انّ "الملف الحكومي يشكّل اولوية في جدول اعمال البعثات الدبلوماسية في لبنان. وهو ما بَدا جلياً في الزيارات الاخيرة التي قام بها بعض السفراء والدبلوماسيين الاجانب لمقرّات رئاسية ووزارية".

وكشف مرجع كبير للصحيفة انّ "فترة ما بعد الانتخابات النيابية شهدت حركة ناشطة لسفراء عرب وأوروبيين وغير أوروبيين، (من ضمنهم الاميركيون والفرنسيون)، وفي أجندتهم مجموعة من الاسئلة حول مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، ومتى ستتشكل الحكومة؟"، لافتًا إلى أنّ "كل العالم ينتظر منّا أن تتشكّل الحكومة في وقت عاجل من دون إبطاء، وايّ خطوات ستُقدم عليها هذه الحكومة لإنقاذ لبنان، مع التشديد على البرنامج الذي سبق للمجتمع الدولي ان اكد عليه، لناحية مبادرة لبنان الى الاسراع في إجراء الاصلاحات بما يفتح باب المساعدات الدولية لهذا البلد".

العلّة عندكم

إلى ذلك، نقلت مصادر في الهيئات الاقتصادية عن دبلوماسي أوروبي، قوله إنّ "​المجتمع الدولي​ ينتظركم، من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الى الاميركيين والفرنسيين والاتحاد الاوروبي والعرب... كل العالم ينتظركم، فماذا تنتظرون... الانتخابات انتهت، وباتت امامكم كلبنانيين نافذة فرج، والدخول منها شَرطه الاساس ان تساعدوا أنفسكم. كل دول العالم تريد ان تساعد لبنان، لكن مع الأسف تأخّرتم وماطَلتم لأنّ العلّة هي عندكم".

لا استفادة من ​النفط والغاز​ قبل هذا الاتفاق!

أشارت مصادر دبلوماسية مطّلعة، لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "لا شك في أنّ الأميركيين والاسرائيليين يريدون ​ترسيم الحدود البحرية​ اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، لكن اللبنانيين لا يعرفون حدودهم لكي يُنجز هذا الترسيم، ففي الأمم المتحدة إنّ حدود المنطقة اللبنانية هي الخط الرقم 23، فيما الوفد اللبناني المفاوض سابقاً في الناقورة حدّد هذه الحدود عند الخط 29، ورئيس الجمهورية ​ميشال عون​ لا يوقّع مرسوماً يشرّع الحدود عند هذا الخط، وفي غضون ذلك بدأت إسرائيل تنقّب عن الغاز والبترول وتستغل الأراضي المتنازَع عليها".

وشرحت أنّه "حتى لو أُنجز ترسيم الحدود الآن، فإنّ الاستفادة لبنانياً من هذه الثروة خلال أزمة حرب روسيا على أوكرانيا غير فاعلة، لأنّ استخراج الغاز يتطلّب سنوات عدة، وبالتالي إنّ الاستفادة من النفط والغاز في لبنان تكون على أمد طويل، إن بالنسبة الى البلد أو للدول الأوروبية، وليست حلّاً المشكلة الحالية التي يواجهها لبنان أو التي يواجهها العالم جرّاء أزمة أوكرانيا".

وأكّدت المصادر أنّ "غاز لبنان ليس له أهمية آنية بل على المدى الطويل، والبعض يعطيه أهمية أكثر من قيمته"، معتبرة أنّ "من يطرح أن نَتشَدّد ونَتعنّت في مفاوضات الترسيم لكي نحصل على ما نريده، بحجة الضغط على الأميركيين خلال أزمة أوكرانيا، مُخطئ وواهم، فثروتنا مهمة على المدى الطويل، فيما الغرب يهمّه إنتاج النفط والغاز على المَديين القصير والمتوسط للتعويض عن النقص من روسيا".

وذكرت مصادر معنية بالملف، على صعيد مفاوضات الترسيم، "أنّنا في مرحلة اتصالات، وأن الأميركيين لم يطلبوا ردّاً خطياً على ما أودَعه الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين في زيارته الاخيرة لبيروت، والسفيرة الأميركية دوروثي شيا لم تطلب أمراً من هذا القبيل، بل سألت فقط إذا كنّا ما زلنا مستعدين للتفاوض، فأجابها الرئيس عون أن لا مشكلة، وننتظر أن تُعاودوا الوساطة والمفاوضات، فأنتم من بادَرتم بالوساطة وإمّا تكملون بها أم لا".

هل يدعو ماكرون الى "المؤتمر الانقاذي" من لبنان هذا الشهر؟

أشار مصدر دبلوماسي رفيع المستوى، لصحيفة "الجمهورية"، إلى "وجوب انعقاد مؤتمر انقاذي للبنان في بلد مسالم، إن لم نقل محايداً، يهرع اليه المعنيّون والمتخاصمون من كافة الأطياف والاطراف، تمهيداً لعقد التسوية الكبرى. علماً أنّ هذا المؤتمر المُنتظر كشف عنه أخيراً عدد من السياسيين في الداخل، وكذلك ألمح اليه بعض الديبلوماسيين الذين شدّدوا على عقد مؤتمر خارجي للبنان في جلسات خاصة. وربما سيكشف لنا الزائر الرئاسي الفرنسي القادم هذا الشهر الى لبنان المزيد عنه، هذا اذا ما صدقت المعلومات عن قدوم الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ الى لبنان قريباً"، في وقت لفت مصدر دبلوماسي فرنسي ان الزيارة غير مؤكدة حتى الساعة.

وكشف أنّ "المؤتمر المفترض انعقاده في الخارج سيكون غالباً قبل انتخاب رئيس جديد للبنان، ولن يكون شبيهاً باتفاق الطائف، بل هو مختلف عنه"، موضحًا انّ "جميع الأفرقاء الذين سيشاركون فيه يتوجب عليهم قبل المشاركة الموافقة على تبنّي توصياته إن لم نقل قراراته، واعترافهم بأحجام جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان. ومن أهم المؤشرات ذات الدلالة العملية على بدء الانفتاح، الكشف عن زيارات عدة قام بها أخيراً وفد من "​حزب الله​" لمقر السفارة البابوية في حريصا".

وأفاد المصدر بأنّه "سيكون هناك تعهّد من الحاضرين للمؤتمر بعدم معاودة استعمال سلاح الميثاقية، كسبب لتعطيل العمل التشريعي النيابي او الوزاري"، منوها إلى "مؤشرات كثيرة حصلت أخيراً، رجّحت اقتراب موعد الاعلان عن هذا المؤتمر، وأهمها ربما كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، عن أنّه من المبكر التكلّم عن استراتيجية دفاعية قبل سنة او سنتين".