من يتابع تصريحات نواب ​القوات اللبنانية​ وقياداتها عن نواب "17 تشرين" الـ13، وما تضمنته من عتب وتحميل للمسؤوليات حول إكتساح ثلاثي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفائهم في الجلسة النيابية الأخيرة لرئاسة مجلس النواب ونائبها وهيئة مكتب المجلس، يعتقد للوهلة الأولى أن رئيس القوات ​سمير جعجع​ هو الوصي السياسي على هؤلاء النواب الـ13 أو أن فوزهم في ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة ما كان ليتحقق لو لم يتحالفوا مع القوات اللبنانية، الأمر الذي لم يحصل فعلاً في أي دائرة إنتخابية من الدوئر الـ15.

نعم لقد نسي جعجع أن المجموعات التي أفرزتها إنتفاضة "17 تشرين" لفظت التحالف مع القوات اللبنانية في كل الدوائر معتبرة إياها من القوى التي شاركت في السلطة. هو نسي أيضاً أن بعضاً من هذه المجموعات قبل أن يتحالف مع حزبي الكتائب والكتلة الوطنية ومع عدد من النواب المستقلين ومنهم ميشال معوض ونعمة افرام، لم يتقبّل فكرة التحالف أو التعاون الإنتخابي مع القوات اللبنانية ومرشحيها.

لكل ما تقدّم تعتبر هذه المجموعات أن من غير المقبول أبداً أن ينصّب جعجع نفسه عراباً سياسياً على نوابها الـ13 وأن يحاول المشاركة ولو بطريقة غير مباشرة بإتخاذ قراراتهم وتحديد مسارهم السياسي ومع من يتحالفون ومع من يرفضون التحالف، وإذا لم يعجبه تصويتهم كما حصل في جلسة إنتخاب رئيس مجلس النواب تقوم قيامة القواتيين على وسائل التواصل الإجتماعي متهمة مجموعات التغيير بالخيانة وكأنها أبرمت تحالفتها مع القوات في يوم من الأيام كي تُتّهم بالخيانة والإنقضاض عليه!.

"قبل أن تتهمنا القوات بالخيانة" تقول أوساط مجموعات التغيير "فلتبدأ من محاسبة حليفها الإنتخابي الأول أي ​الحزب التقدمي الإشتراكي​، هذا إذا تمكنت من اجراء هذه المحاسبة أصلاً، فحليفها الأول أي الإشتراكي هو الذي أعطى أصواته الثماني في المجلس ل​نبيه بري​ كي يفوز برئاسة مجلس النواب من الدورة الأولى بعد نيله 65 صوتاً. أيضاً وأيضاً حليف القوات الأول الذي يرأسه ​وليد جنبلاط​ هو الذي يتجه الى المشاركة في الحكومة المقبلة على عكس ما أعلنه جعجع عن عدم مشاركة القوات فيها وهنا يطرح السؤال، هل هاتف جعجع جنبلاط وتجرأ على معاتبته على تصويت نوابه لبرّي ومن بعدها على المشاركة الإشتراكية المرتقبة في الحكومة، أم أنه يعتقد أن ما لا يمكن أن يفعله مع جنبلاط يتمكن من فعله مع نواب التغيير الـ13 ومجموعات الإنتفاضة"؟.

في المحصلة، قد يتلاقى نواب "17 تشرين" في ساحة النجمة مع نواب القوات على ملف معين، وقد يصوتوا أحياناً في الإتجاه عينه مع زملائهم في تكتل ​الجمهورية القوية​، ولكن ما هو غير وارد على الإطلاق بالنسبة اليهم هو الإنضواء في جبهة سياسية قائدها سمير جعجع لأن زمن "14 آذار" ولّى الى غير رجعة، وشعار كلن يعني كلن الذي رُفع في الساحات شمل فريقي 8 و14 آذار ولم يستثنِ أي فريق من الأفرقاء الذين شاركوا في السلطة وساهموا بالوصول الى ما وصلنا اليه من إنهيار إقتصادي ومالي.