بعد الإنتهاء من زيارة الوسيط الأميركي في ملف ​ترسيم الحدود البحرية​ آموس هوكشتين إلى بيروت، من المفترض أن يعود إلى الواجهة، في الأيام المقبلة، ملف الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف الجديد، على وقع موجة واسعة من الخلافات، التي قد تقود في أفضل الأحوال إلى تسمية رئيس حكومة مكلّف من دون أن يكون لديه القدرة على التأليف، نظراً إلى أن السيناريوهين المرجّحين يصبان في هذا الإتجاه، ففي حال تسمية رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​نجيب ميقاتي​ فإنّ جولة طويلة من المفاوضات تنتظره مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، أما في حال تمّت تسمية شخصية أخرى فإن الكثير من علامات الإستفهام تُرسم حول قدرتها على التأليف في ظل التناقضات التي يعرفها المجلس النيابي الحالي!.

هذا الواقع، يدفع بالكثيرين إلى الحديث عن أن المرجح هو إستمرار الواقع على ما هو عليه إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسيّة، أيّ بقاء حكومة تصريف الأعمال مع ترجيح موافقة رئيسها على توسيع مفهوم تصريف الأعمال عند الضرورة، الأمر الذي سيكون له تداعيات كبيرة على العديد من الإستحقاقات التي تنتظر اللبنانيين، لا سيما تلك المتعلقة بالإتفاق مع ​صندوق النقد الدولي​.

في المنطق الطبيعي للأمر، فإن وجود حكومة مكتملة الأوصاف له نتائج إيجابية أكثر من حكومة تصريف الأعمال، إنما في لبنان لا مكان للمنطق، وما يمكن أن تقوم به هكذا حكومة لا يختلف عن تلك "الكاملة" بحال قرّر القيّمون عليها ذلك.

بالطبع نحن لا نسعى هنا لتسويق فكرة بقاء حكومة تصريف الأعمال، فالأفضل للجميع هو تشكيل أخرى جديدة تمرّر الاستحقاقات المقبلة بأقل الأضرار الممكنة، إنما من الضروري عدم تصديق ما يُقال عن ربط مصير لبنان ومصير بعض الملفّات الأساسية فيه بمسألة تشكيلها، فبحسب مصادر متابعة كل الملفات الأساسية المطروحة اليوم يمكن لحكومة تصريف الاعمال حلّها والبت بها بحال رغبت بذلك.

وتؤكد المصادر أن صندوق النقد، على سبيل المثال، لا يُعارض استمرار التفاوض مع الحكومة الحالية التي قطعت شوطاً مهماً بالتفاوض معه، كما أنّ ملف الكهرباء لن يتأثّر بوجود حكومة تصريف أعمال، سواء بما يتعلق بالعقود مع مصر والأردن وسوريا أو العراق، أو حتى بخطة الطوارئ التي أطلقها الوزير الحالي وليد فيّاض.

وتُشير المصادر إلى أن الحكومة الحالية قادرة على العمل بحال وُجدت النوايا، على ملف العام الدراسي المقبل، الجامعة اللبنانية، تماماً كما لم يختلف عمل وزير الأشغال علي حمية في وزارته قبل أن تتحول الى حكومة تصريف أعمال وبعد أن تحوّلت، وهو اليوم يتحدّث عن ورشة إعمار مرفأ بيروت في آب المقبل.

ما تريد المصادر قوله هو أنّ تشكيل حكومة جديدة أو عدم تشكيلها راهناً لا يغيران بالواقع الذي يقول بأن القرار السياسي هو المهم، فهل هناك قرار بتسيير الملفات المهمة والأساسية وانعقاد جلسة للحكومة عند الضرورة القصوى، أم أن النيّة هي بالتسويف واستثمار الملفات الأساسية والمهمة في الزواريب السياسية الداخلية؟.