أكد وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال ​جوني القرم​، أن "أهمية ​الأمن السيبراني​ تزايدت خلال السنوات الماضية بالوتيرة نفسها التي تطورت فيها ​التكنولوجيا​"، لافتاً إلى أن "الأمن المادي يمكن القيام به من خلال تدابير معروفة مثل تأمين البوابات إلى منشأة معينة، أما الأمن السيبراني فهو أكثر تعقيدًا ولا يزال في مرحلة النضوج، حيث تكون البوابات افتراضية، إذ كلما تم تحصينها يبتكر المتسللون أدواتهم وطرقهم لخرق الدفاعات".

واعتبر القرم في افتتاح فعاليات "المؤتمر الإقليمي الثاني للأمن السيبراني في المنطقة العربية"، أنه "مع استمرار العالم في التعافي من الاضطرابات الناجمة عن جائحة COVID-19، أصبحت آليات المواجهة مثل الاستخدام المتزايد لمساحات العمل الافتراضية والأسواق عبر ​الإنترنت​ والحوكمة الإلكترونية هي القاعدة، وهذا يوفر فرصًا لتجديد الاقتصادات وتبسيط تقديم الخدمات العامة، إلا أنه للأسف يزيد من التعرض للجرائم الإلكترونية."

ولفت إلى أن "العديد من البلدان شهدت في أنحاء العالم ارتفاعًا في التهديدات الرقمية والأنشطة السيبرانية المضرة وقد شمل ذلك تخريب البنية التحتية العامة، والخسائر الناجمة عن الاحتيال الرقمي والتدفقات المالية غير المشروعة، وانتهاك الأمن القومي التي تنطوي على ​التجسس​ وسرقة المعلومات الاستخبارية وغيرها، وهو ما يتطلب معالجة نقاط الضعف هذه التزاماً بالأمن السيبراني."

وأشار الوزير، إلى أنه "لقد حان الوقت للدول العربية للاستفادة الكاملة من ​الثورة​ الرقمية لتمكين مواطنيها وتعزيز الشفافية في كل من القطاعين العام والخاص، وهذا لن يحدث إلا إذا تم تخزين البيانات في أنظمة آمنة وموثوقة تحمي الخصوصية ويصعب على المجرمين اختراقها."

وذكر أن "الأمن السيبراني هو عبارة عن مجموعة من تكتلات تفرض بعضها البعض، وأي ضعف في أي كتلة يمثل تهديدًا للكتل المتبقية"، وأضاف أن "أحد العناصر الأساسية لمنع ​الهجمات الإلكترونية​ هو بناء القدرات ويتطلب الأمن الجيد أصحاب مهارات عالية مع خبرة عميقة، لكن اليوم هناك نقص في القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني حول العالم وهناك طلب كبير على المهنيين المؤهلين، حيث يتعيّن على الحكومات والشركات إيلاء المزيد من الاهتمام للمخاطر السيبرانية."

ورأى أن "هناك عنصر أساسي آخر هو وجود التشريعات الحديثة التي تحكم أعمال الأمن السيبراني والجرائم الإلكترونية. وتعتبر هيئة حوكمة الأمن السيبراني المركزية ضرورية لتنسيق وتوحيد عمل الوكالات الحكومية المختلفة المشاركة في تتبع ومكافحة الجرائم والتوغلات السيبرانية".

وشدد القرم، على أنه "من شأن الأمن السيبراني أن يوفر العديد من الفرص للمواطنين والاقتصاد: الاقتصاد الرقمي الآمن، الأمن القومي، موثوقية الخدمات الإلكترونية العامة، الامتثال للوائح حماية البيانات. ورغم ذلك ثمة بعض التحديات مثل نقص المعرفة الفنية، الجهود غير المنسقة، تحويل التشريعات إلى مراسيم واجبة التطبيق، وخطر انتهاك لوائح حماية البيانات."

وتابع وزير الإتصالات: "في لبنان، يبذل مكتب رئيس مجلس الوزراء جهودًا جادة للتخفيف من تهديدات ​الفضاء​ الإلكتروني، بحيث جمع، وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، بين مختلف أصحاب المصلحة (الخاصين والعامين) وصاغ استراتيجية للدفاع السيبراني، وقد تم تحويل هذه الاستراتيجية فيما بعد إلى مشروع تنفيذ ملموس".

ولفت إلى أنه "بالرغم من التحديات التي تمر بها البلاد، لا يزال المشروع يتقدّم ولكن للأسف بوتيرة بطيئة، وهيئة "أوجيرو" بصفتها الوصي على البوابات الدولية ومزود الاتصال الوحيد، تقود الطريق في تصميم آليات الدفاع الداخلية والخارجية والتحقق منها مع الشركاء الوطنيين والأجانب. ويعمل المشغل الحالي في غربلة 30000 حدث في الثانية، واستخدام أكثر من 50 من قواعد التنبيه المخصصة، والتحقيق في أكثر من 200 حادثة مشبوهة يومياً، واستخدام نموذج مراقبة 24/7 وفقًا لمشغلي الهاتف المحمول، لديهم وظائف ناضجة للأمن السيبراني تعمل على تأمين عمليات التهريب التي تخدمها الشبكات. وتعمل هذه الوظائف على منع المئات من الهجمات الإلكترونية على شبكات الهاتف المحمول على أساس يومي وتعمل على تأمين حركة مرور المشتركين."

واعتبر أن "الهجمات الخبيثة تستمر في إعادة اكتشاف نفسها كما يفعل الفيروس بأجسادنا، هي تزداد تطورا، إنها لعبة القدرة على توقع تحركات المهاجمين من خلال وضع الممارسات الصحيحة والحماية الرقمية."

وأكد القرم، أن "الاستثمار في الأمن السيبراني أمرٌ بالغ الأهمية لتحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي في لبنان، إذ إن اعتماد قوانين جديدة، وتأمين الوصول إلى الفضاء الإلكتروني، وتعزيز بناء القدرات في هذا المجال، وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص، من شأنها ان تسرّع زخم الانتعاش الذي نتطلع إليه جميعًا."