تتواصَل مفاوضات الشوط الأخير قبل موعِد الاستشارات النيابية، الخميس المقبل، في محاولة للوصول إلى "توافقات" حولَ اسم رئيس الحكومة المكلف، فيما لم يُسجّل أي تقدم في هذا الشأن، لا بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ولا بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فيما لم يتفق نواب "التغيير" الـ 13 بعد ما إذا كانوا سيلتقون رئيس الجمهورية كتكتّل أم فرادى.

ولفتت "الاخبار" الى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال ​نجيب ميقاتي​، يبقى حتى الآن، متقدّماً على مرشّحين "غير جدّيين"، ربطاً بعدد الأصوات التي سينالها، إلا إذا طرأ ما يخلط الأوراق قبل الموعد. وحتى مساء أمس لم تصل مُشاورات حزب الله والتيار الوطني الحر إلى نتيجة، بعد قرار النائب جبران باسيل بعدم تسمية ميقاتي، فيما يعتبر الحزب أن الأمر "قابل للدرس"، خصوصاً أن الأسماء التي يطرحها باسيل غير "مستساغة"، وهي تبدأ من النائب عبد الرحمن البزري ولا تنتهي بالنائب نبيل بدر.

وبينما لا يعارض الفرنسيون والأميركيون تسمية ميقاتي مجدداً، لفتت مصادر متابعة إلى التكتم الذي يحيط به البخاري حركته على عكس "الصراحة" التي اتسمت بها حركته قبل الانتخابات النيابية. وقالت إنه يعمد إلى الاستماع أكثر من الكلام، التزاماً بالتعليمات التي سمعها في المملكة. ورغم أن الموقف السلبي من ميقاتي صارَ معروفاً، لكن السفير لم يُفصِح عن أي اسم بديل، علماً أنه كان سابقاً يردّد اسم الوزيرة السابقة ريّا الحسن. وترجّح المصادر أن يكون هدف الدخول السعودي "تخريب" عملية التكليف والتأليف، من خلال التنسيق والعمل تحديداً على النواب السنة.

بازار

وعلى ما تؤشر الأجواء السّابقة لاستشارات الخميس، فإنّ عبور محطة التكليف دونه ما يمكن تسميتها بـ"حرب صامتة" تدور حول الشخصية التي سيرسو عليها التكليف. وبحسب معلومات "الجمهورية" من مصادر معنية بحركة الاتصالات الجارية على هذا الصعيد، فإنّ هذه الإتّصالات عالقة في بازار مفتعل، يسعى من خلاله بعض الأطراف إلى تفصيل "رئيس مكلّف تشكيل الحكومة،على مقاس شروطه ومواصفاته".

واكّدت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" انّ ميقاتي هو المتصدّر الوحيد في نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، وانّ بورصة الاسماء القليلة او بالأحرى المحدودة التي تمّ التداول بها في الأيام الاخيرة، لم تحمل اسماً موازياً له يمكن ان تلتقي حوله أكثرية نيابية معيّنة تسمّيه في استشارات الخميس، ما يعني انّ تكليف ميقاتي بات شبه محسوم الخميس المقبل.

الّا انّ ما يثير الاستغراب في رأي المصادر الموثوقة، "هو جنوح بعض الاطراف (غامزة في هذا السياق من قناة "التيار الوطني الحر") إلى خوض معركة حتى مع طواحين الهواء، على غرار ما فعلته في انتخابات رئاسة المجلس النيابي، وذلك في مرحلة شديدة الحساسيّة على كل المستويات، تفترض بالحدّ الأدنى تغييراً في الأداء والسياسات السابقة، ومبادرة كل الاطراف إلى تغليب الأساسيات على الثانويات والاعتبارات السياسية والشخصية، وتقديم تسهيلات لتشكيل حكومة تتشارك مكوناتها في صياغة العلاجات للأزمة الخانقة".

وإذا كانت المصادر تقرأ في محاولة قطع الطريق على ميقاتي محاولة لدفعه إلى القبول بشروط معيّنة تُملى عليه من قِبل بعض الاطراف، فإنّها اكّدت في المقابل، على أنّ ميقاتي في مدار آخر، وينأى بنفسه عن أي اشتباك، ويقارب الحملة المفتعلة عليه بنَفَس هادئ، وبالتالي فهو في المراحل السابقة لم يسبق له ان قيّد نفسه بأيّ شرط مهما كان، ولن يفعل لا الآن ولا بعده. مع الإشارة هنا إلى انّ جهات سياسية فاعلة تبلّغت ما مفاده، انّ ميقاتي ليس لاهثاً خلف الموقع، ولن ينجرّ إلى معارك هامشية مع أي كان.

المسألة شخصية... وسياسية

ولفتت مصادر مطلعة على خلفيات اعتراض بعض الأطراف على اعادة تكليف ميقاتي، إلى انّ "الدافع لذلك يختلط فيه السياسي بالشخصي، وهو ما تراكم على خط العلاقة بين ميقاتي و"التيار الوطني الحر" ورئيسه جبران باسيل على مدى سنوات، وصولاً الى النزاع الاخير حول خطة الكهرباء، وردّ ميقاتي على سحب وزير الطاقة والمياه وليد فياض لملف الكهرباء قبل طرحه في مجلس الوزراء، قبل دخول حكومة ميقاتي مرحلة تصريف الاعمال".

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر وزارية الى "الجمهورية" قولها، انّ "الاستشارات قد أُخّرت عمداً، افساحاً في المجال لمحاولات من قِبل بعض الاتجاهات النيابية والسياسية لدفع الميزان النيابي لأن يميل في اتجاه اسماء اخرى غير ميقاتي، الّا انّ هذه المحاولات كما يبدو، قد عاكست رغبات أصحابها، فصار همّهم الأساس والأوحد أن يأتي تكليف ميقاتي، إن كان سيحصل، بأصوات أكثرية نيابية هزيلة". وقالت: "حتى الآن لم تبدر أي كلمة عن ميقاتي مرتبطة بالاستشارات وما يتصل بمواقف الكتل النيابية ووجهة اختياراتهم. ولن يدخل في أي مهاترات. وفي أي حال، من الآن وحتى موعد الاستشارات الملزمة الخميس المقبل يخلق الله ما لا تعلمون".

ورداً على سؤال قالت المصادر: "انّ الحديث عن شروط امر مرفوض، كما هو مرفوض إدخال استحقاق مرتبط برئاسة الحكومة في دائرة الابتزاز. وفي أي حال، فإنّ ما نحن واثقون منه، بل وجازمون به، هو انّه بمعزل عن الشخصية التي سيتمّ تكليفها تشكيل الحكومة الخميس المقبل، لن يشكّل حكومة جبران باسيل أو حكومة غيره، بل حكومة تراعي واقع لبنان ومصلحة لبنان لا مصالح بعض السياسيين وحساباتهم".