يتجه الاهتمام السياسي اللبناني الفلسطينيفي الايام المقبلة الى اجتماع ممثلي الدول المانحة لمساعدات "الاونروا" الذي سيعقد في نيويورك الخميس المقبل في 23 حزيران الجاري، لمواكبة تفاصيله وقراراته التي تعتبر الخطوة الاهم على طريق سد العجز المالي التي تعاني منه وكالة "الاونروا"، والبالغ نحو 100 مليون دولار اميركي لتغطية نفقات خدماتهاللاجئين للفترة المتبقية من عام 2022، وتاليا قراءة الاتجاه الدولي نحو مصير الوكالة مع تجديد ولايتها لثلاث سنوات في الامم المتحدة، في شهر كانون الاول المقبل وفق التفويض الممنوح لها.

الاهتمام المشترك اللبناني–الفلسطيني، لا يخلو من مؤشرات ايجابية لتجاوز الاونروا" قطوعا خطيرا من محاولات تجفيف مصادر تمويلها منذ سنوات، محاصرتها سياسيا، تقليص خدماتها، الانقضاض عليها وصولا الى انهاء عملها وتصفية حق عودة اللاجئين الى ديارهم، وتاليا فرض التوطين او التهجير، سيما وان المفوّض العام فيليب لازاريني اعترف مرارا وتكرارا بانها تواجه تحديات كبيرة مع الازمة المالية الخانقة، والحملات المنسقة لنزع الشرعية عنها بهدف تقويض حقوق لاجئي فلسطين تتزايد في وتيرتها وعدوانيتها.

أولى المؤشرات الايجابية، نتائج اجتماعات "اللجنة الاستشارية"الخاصة بـ"الأونروا" التي عقدت في بيروت برئاسة لبنان الاسبوع المنصرم، وخلصت الى اتفاق هام على توصيات تؤكد على حماية التفويض الممنوح للوكالة بموجب القرار 194 من دون تبديل أو تغيير في طبيعته، وبما يخدم مجتمع اللاجئين واستقرار البلدان المضيفة، اضافة الىتراجع المفوض لازاريني عن المضي قدما في اقتراحه بنقل جزء من خدمات الوكالة الى مؤسسات أمميّة شريكة والتزامه بالمقابل السعي لتأمين التمويل، قائلا "ما من خطط لتفويض أطراف أخرى بمهام الأونروا".

وثاني المؤشرات، مشاركة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا شخصيا الى جانب السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريّو مع السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور في افتتاح مدرسة الأونروا المختلطة والثلاثية اللغات التي بنيت حديثًا في المية ومية في صيدا.بتمويل مشترك من حكومتي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبدعم من "منظمة التحرير الفلسطينية" التي قدمت الارض، للتخفيف من وطأة المشاكل التعليميّة وبما يضمن حصول الطلاب على تعليم جيّد ومنصف وشامل ويساهم في تخفيف الاكتظاظ في الصفوف الدراسية الصغيرة، وسوء الإنارة والتهوئة، فضلاً عن أعباء استئجار المباني المدرسيةوتوفير مختبرات علمية ومكتبات وملاعب كبيرة.

ولم تكتفِ السفيرة الاميركية بالمشاركة، بل أكدت علىأنّ"الأونروا" هي شريان حياةللفلسطينيينالمحتاجين، سواء كان ذلك عبر توفير التعليم والرعاية الصحية أو المساعدة الطارئة للمتضررين من النزاع"، في رسالة واضحة الى الموقف الاميركي بمواصلة دعمها ماديا، حيث قدّمت العام الماضي 2021 مساهمة بقيمة 338.4 مليون دولار، بعد توقف دام سنوات طوال عهد الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، الذي اوقفها ضمن سلسلة قرارات كثيرة في اطار الضغط السياسي والمالي لفرض "صفقة القرن" الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة، وتاليا إنهاء عمل "الاونروا" على اعتبارها الشاهد الحي على النكبة. وقد تلاقى الموقف الاميركي مع الفرنسي، اذ شددت السفيرة آن غريّو على "أهمية توفير حياة كريمة للاجئي فلسطين ودعم الأونروا بالتعاون مع شركائها وخاصة في مجال التعليم. فمن خلال التعليم وإتاحته للأطفال كافة يمكن للبنان أن يبني مستقبله".

ثالث المؤشرات، نجاح لبنان في ادارة ملفّ اللجوء الفلسطيني في اجتماعات "اللجنة الاستشارية"، حيث لعب رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل الحسن، دورا مهما ومحوريا الى جانب عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس "دائرة شؤون اللاجئين" الدكتور أحمد أبو هولي(وقبلهما السفير الفلسطيني دبورمن خلال اجتماعاته المتواصلة مع سفراء الدول المانحة لشرح المعاناة الفلسطينية والتأكيد على أهمية دعم "الاونروا" على اعتباره مسؤولية المجتمع الدولي وعامل استقرار في المنطقة) لجهة التنسيق المشترك والاعداد الجيد، وتوحيد المواقف قبل الاجتماعات، وتنظيم جولات ميدانية على بعض المخيمات للاطلاع عن حياة ابنائها اليومية عن كثب، وصولا الى حماية تفويض "الاونروا" من اي تبديل او تغيير، وقد ترجم ذلك بالتمديد للبنان بالإجماع في رئاسة اللجنة لولاية جديدة تستمر سنة ولبريطانيا في نيابة الرئاسة وهي سابقة لافتة.

الحسن اكد ان لبنان وبالرغم من الأزمة الكبيرة التي يواجهها قادر على بناء أرضية مشتركة للتفاهم بين الدول المضيفة والدول المانحة، مدعوماً بإرادة الاتفاق على مسارات مبتكرة لمواجهة الفجوة المالية التي تعاني منها الوكالة،وعلى الاتجاهات الاستراتيجية لمستقبل الأونروا وقضية اللاجئين الفلسطينيين. وإنّنا "بالرغم من كل الصعوبات والتحديات، متمسكون مع شركائنا ببناء الأمل، وصناعة التفاؤل، وتمكين الاستقرار، تحت سقف القانون واحترام الشرعيات".

في المقابل، كشف عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية، رئيس "دائرة شؤون اللاجئين" الدكتور أحمد أبو هوليعن جانب من الخطة الاستراتيجية «للأونروا» لجهة الرؤية الشاملة والنهج لتقديم خدمات عالية الجودة للاجئين واستدامتها، بما فيها الإصلاحات والتمويل وسواهما، قائلا "اننا نجدد العهد بأننا سنتمسك بالوكالة وسنحارب كل من يساهم في تفكيكها، لأن وجودها شاهد حي دولي على القرار الرقم 194 الذي يضمن حق العودة".

تجدر الإشارة إلى أن التقارير تفيد أن 86 بالمئة من لاجئي فلسطين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر. فيما الأونرواتأسست بقرار من الأمم المتحدة عام 1949، وتقدم الخدمات الحيوية لحوالي 5.7 مليون لاجئ فلسطيني في أقاليم عملياتها "الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة"، وتشمل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.