أشارت صحيفة "الاخبار" الى أن ثلاثة أيام فاصلة عن موعد الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف، والتي يُجمِع غالبية من يتفاوضون عليها على أنها ستكون "حكومة الفراغ" الذي سيسود بعدَ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون. وعليه، صارَ ملموساً من النقاشات المكثفة على خطّ القوى السياسية أو خط نواب التغيير والمستقلّين أن البحث ليسَ عن اسم الانتحاري الذي يُمكن أن يقبل بالمهمة، بل حول خريطة تقاسم الحصص والحقائب بما يسمح لكل فريق بتكريس نفوذه في إدارة المرحلة المُقبلة.

وقد أظهرت الأيام الأخيرة استعصاء بلغَ حد الاستحالة في إمكانية التوافق على اسم مرشّح بين الكتل النيابية (حلفاء وخصوم)، ما رفعَ حظوظ نجيب ميقاتي مجدداً. وما يعزّز ذلك:

- فشل نواب التغيير (حتى الآن) في تسمية شخصية تحظى بإجماعهم، بينما لا يزال النواب المستقلّون منقسمين حولَ ميقاتي.

- افتراق في المقاربة بين حزب الله والتيار الوطني الحر. إذ إن الأول يتعامل مع تكليف ميقاتي على أنه تكليف الضرورة، ولا حاجة لفتح معركة حكومية على مجلس وزراء لن يعيش إلا بضعة أشهر، علماً أن "سميته يوم الخميس لا تزال قيد الدرس"، وفقَ ما يقول مطلعون. في حين أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يزال يحبّذ عودة ميقاتي، وهو يقيسها من زاويتين: فتح معركة على اسم جديد قد يؤخر تأليف الحكومة إلى ما بعدَ الانتخابات الرئاسية، وعدم إعطاء العونيين ما يريدونه… أي استبعاد ميقاتي. أما التيار، الذي فشِل في تسويق عدد من الأسماء التي طرحها، فتقول مصادره إن الاتجاه يوم الخميس هو "عدم التسمية".

وتوقفت بعض الأوساط عندَ موقف الحزب الاشتراكي الذي تحاول أوساطه الإيحاء أن تسمية ميقاتي "غير واردة" كما أن المشاركة في الحكومة غير محسومة، مستندة إلى ما قاله رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط خلال لقاءات السبت الماضي في قصر المختارة، عن أن "الواقع المؤلِم يحتاج إلى رئيس حكومة إصلاحي وحكومة إصلاحية"، معتبرة أنه "لا يقصد ميقاتي طبعاً"، إلا أن مصادر مطلعة على جو الاتصالات لفتت إلى أن " بري لا يزال يتشاور مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وأن الأخير لم يحسم موقفه بعد".

على أن التشاور المستمر بين الاشتراكي والقوات يركز على كيفية تنظيم تسوية مع رئيس حكومة شرط أن يكون في مواجهة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وكل الاجتماعات بين الحزبين لا تُناقش خطة وبرنامج رئيس الحكومة المقبل، ولا مدى قدرته على المواءمة بين الكتل السياسية لتنفيذ مشاريع بحاجة إلى توافق سياسي، وعلى رأسها الكهرباء وحقوق المودعين والقوانين الإصلاحية المطلوبة دولياً وداخلياً لإعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف، بل إن التركيز يصُب في البحث عن رئيس حكومة يكون رأس حربة مشروع سياسي مناهض لما مثله الرئيس عون في السنوات الست الأخيرة. ولذلك، تطرق الحديث أمس بين ممثلين من «الاشتراكي» و«القوات» على الاسم الأبرز الذي يمثّل مشروعهما، ولم يجدا أفضل من ميقاتي (مبدئياً) لانتدابه لهذا الدور. وبحسب مصادر مطلعة، يميل «الاشتراكي» أكثر إلى ميقاتي، بانتظار اقتناع «القوات» بالتصويت له، والتي لا تزال بدورها تبحث إمكانية ذلك من دون أن تتكبّد خسائر على المستوى الشعبي من جهة، والأهم عن الثمن السياسي والحكومي الذي ستُحصّله مقابل التسمية، على أن يكون الربح على حساب باسيل، بخاصة أن سمير جعجع هو الذي رفض الانضمام إلى الحكومة السابقة تحت عنوان عدم المشاركة مع قوى السلطة، بالتالي فإن دخوله إليها هذه المرة مع القوى السياسية نفسها سيكشف حجم ادعاءاته.

في هذا الإطار، علمت "الأخبار" أن محادثات جانبية انطلقت بين ميقاتي و«القوات»، بدعم من «الاشتراكي»، تدور حول ما يُمكِن أن يقدمه ميقاتي من حقائب، لا سيما أن القوات تعتبر أن من حقها الحصول على نصف الحصة الوزارية المسيحية.

وقد حددت معراب يوم الثلاثاء موعداً للحسم على ضوء تلقيها جواباً حاسماً من رئيس حكومة تصريف الأعمال على أن يتبلّغ نوابها بالقرار يوم الأربعاء المقبل. وتضيف المصادر أن جعجع اقتنع بأن ميقاتي هو المرشح الجدّي الوحيد على الساحة بضوء أخضر فرنسي وعدم ممانعة أميركية ولا مبالاة سعودية.