يبرز تباين ليس الأول من نوعه بين حزب الله والتيار الوطني الحر في مقاربة ملف الحكومة، وتحديداً لجهة إعادة تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي​ لتولي المهمة، بحيث بات معلوماً أن الثنائي الشيعي يتّجه لتسمية ميقاتي في الاستشارات النيابية غداً الخميس، بينما كان رئيس التيار جبران باسيل قد أعلن رفض تسميته رافعاً سقف المواجهة معه.

لكن هذه المواقف العالية السقف، التي يرى فيها البعض أنها من "الأسلحة" التي يعتمدها باسيل عند كل استحقاق، تضعها مصادر في "الثنائي الشيعي" في خانة "الشعارات الشعبوية" التي يرفعها باسيل في الساحة المسيحية. ومع تأكيدها أن رئيس البرلمان نبيه بري يدعم أكثر من أي وقت مضى خيار تكليف ميقاتي كما أن "حزب الله" يتجه لتسميته، تعتبر المصادر أن إعادة تكليفه باتت محسومة لا سيما مع إعلان النواب السنة دعمه أمس.

وفيما تلفت المصادر إلى أن كتلة "الوطني الحر" لم تدعم ميقاتي في الحكومة السابقة، تذكّر بما فعله باسيل عبر تفاوضه على الحصة المسيحية باسم حصة رئيس الجمهورية. وتقول لـ"الشرق الأوسط": "السيناريو نفسه سيتكرر هذه المرة، قد لا تقدم كتلة التيار على تسمية ميقاتي لكن باسيل سيفاوض على الحصة المسيحية باسم حصة الرئيس، لا سيما إذا لم تشارك الأحزاب المسيحية الأخرى في الحكومة، هذا إذا تشكّلت الحكومة"، وفق تعبيرها.

ميقاتي الاقوى

وقال مصدر سياسي رفيع ولصيق باتصالات التكليف لـ"الجمهورية": "لا يزال ميقاتي هو الاقوى لكن المعطيات حتى الساعة متضاربة في شأن موقف كل من "القوات" و"التيار الوطني الحر"، فإذا قرر تكتّل "الجمهورية القوية" ان يسمّي سلام فإنّ هذا الأمر سيعني شيئاً واذا صَوّت بورقة بيضاء سيعني شيئاً آخر، وكلا الموقفين مهمّين في ال​سياسة​.

وكشف المصدر ان "الثنائي الشيعي" وتيار "المردة" وحزب "الطاشناق" وعددا كبيرا من المستقلين دخلوا المعركة الى جانب ميقاتي وسيؤمّنون له اصواتا تصل الى ما يفوق الستين، اما الكتل الاخرى والنواب الذين أعلنوا او لم يعلنوا خيارهم بعد فقد دخلوا عن قصد او عن غير قصد بحَماوة معركة زادَها الدخول السعودي على الخط حماوة.

وكشف المصدر انّ "هناك مَن سمع موقفا سعوديا مفاده ان لا معركة ضد ميقاتي، لكن أشار في المقابل الى انّ مسار الأمور مَرهون بموقف "القوات"، فإذا سمّت سلام فهذا يعني عملياً انّ الرياض دخلت بقوة في هذا المضمار، واذا لم تسمّ ستأتي نتيجة المعركة لمصلحة ميقاتي". وقالها المصدر بشكل اوضح: "المؤشر السعودي يُقرَأ من موقف "القوات" فإذا سمّت سلام فهذا يعني انّ المعركة اصبحت ضد ميقاتي، وبالتالي كل الاحتمالات واردة. واذا لم تسمّه فتكون الحركة السعودية عادية لا ترقى الى وصفها بالقرار الكبير".

ولم يستبعد المصدر ان يخرج "التيار الوطني الحر" عن التوافق مع "حزب الله" بتسمية سلام والا سيمتنع عن التسمية مثلما فعل في المرة السابقة.

مشاورات

لكن مصادر "القوات" قالت لـ"الجمهورية" ان "لا قرار متّخذاً في التسمية بعد، فكل الخيارات مفتوحة وهي خاضعة للنقاش، وان جعجع سيُطلِع اعضاء الكتلة على اجواء اللقاءات التي عقدها، وفي ضوء النقاش سيتخذ القرار المناسب".

كذلك اتجهت الانظار ايضا الى تكتل "لبنان القوي" الذي كان رئيسه النائب جبران باسيل اعلن انه لن يسمّي ميقاتي لرئاسة الحكومة، ويجري اتصالات مع نواب "قوى التغيير" للاتفاق معها على تسمية شخصية لهذا الموقع الدستوري غير ميقاتي.

وعلمت "الجمهورية" ان الاتصالات متواصلة بين قيادتي "التيار الوطني الحر" و"الثنائي الشيعي" الذي يؤيّد تكليف ميقاتي، وان نتائج هذه الاتصالات ستتبلور خلال الساعات المقبلة، خصوصا انها تتناول في جانب منها خلفيات موقف باسيل المُعارض لتسمية ميقاتي وهي تتصل بمرحلة ما بعد التكليف وتركيبة الحكومة الجديدة.

ومعلوم انّ باسيل كان قد طرح اسم نواف سلام في ايام تكليف سعد الحريري وما قبله وما بعده، وعدّ بعض الاوساط يومها هذا الطرح على سبيل "الزكزكة" بالحريري وآخرين.

قوى التغيير

الى ذلك، افادت معلومات خاصة لـ "اللواء" ان "بعض مجموعات قوى التغيير تناقش احتمالات اخرى غير سلام، منها سفير لبنان السابق في مصر خالد زيادة والخبير الاقتصادي والمستشار في صندوق النقد الدولي رند غياض، وهو من شبعا الجنوبية وسبق ان عمل في البنك الدولي ومستشاراً للرئيس الاميركي الأسبق اوباما لمعالجة ازمة البطالة. كما عمل مستشارا للعديد من المنظمات الدولية ومراكز الأبحاث الاميركية".

ولكن مصادر المجموعة قالت: "انه قبل صباح الخميس لن يكون هناك قرار نهائي نظراً لتعدد الاراء".