دعت مصادر سياسية واكبت الاستشارات النيابية الملزمة، عبر صحيفة "الجمهورية"، إلى "التوقف عند إشارات في منتهى الأهمية أفرزتها المواقف السياسية للكتل النيابية"، موضحةً أنّ "اصطفاف الكتل وتَوزّع الاصوات هو مَدار نقاش وقراءة معمقة: أولاً "الحزب التقدمي الاشتراكي" سمّى السفير السابق نواف سلام، "القوات اللبنانية" لم تسمّ، "حزب الله" سمّى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لا صوت درزيا سجّل في خانة ميقاتي، تَمايز في موقف تكتل "لبنان القوي" بخروج النائب محمد يحيى عن قراره مسمياً ميقاتي، كذلك نواب الارمن الثلاثة، انقسام نواب التغيير (10-3)، حصول ميقاتي على عدد جيد من اصوات النواب السنة وعلى 11 صوتاً من الاصوات المسيحية".

وشدّدت على أنّ "الأخطر هو أن المنافس الاقوى لميقاتي كان "اللاأحد"، اي اذا كان هذا اللاأحد هو المرشّح x لكان من الممكن ان تطيح المعارضة بمرشح السلطة وتتحوّل الى اكثرية، لأنّ أوراق اللاأحد بلغت 46، أي بفارق 8 اصوات عن ميقاتي، ولو أُعطي 30 منها لنواف سلام، لكان يمكن ان يصبح الاخير رئيساً مكلفاً".

وعن الميثاقية، اكدت المصادر انّ "الميثاقية هي فقط في التأليف لا في التكليف ولا في الثقة بالحكومة، وهذا الامر سقط من الاهتمامات في احتساب نوعية الاصوات وتوزّعها على الطوائف، فوحده التشكيل يحتسب على الميثاقية الثابتة عرفاً وحتى دستوراً كمناصفة". وإذ رأت أنّ "سيناريو التأليف يمكن ان يمون على غرار حكومة تصريف الاعمال الحالية"، تخوّفت في الوقت نفسه من أن "يشكّل آخر توقيع لرئيس الجمهورية ميشال عون في عهده قبل ان ينهي ولايته، عائقاً امام ولادة الحكومة اذا لم يتفاهم ميقاتي مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وهنا نكون قد دخلنا في أزمة صلاحيات وفراغ مفتوح على مستوى كل السلطات".

ميقاتي الرابع

أشارت مصادر الفريق الذي سمّى ميقاتي لتأليف الحكومة، لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "مع المجلس النيابي الجديد، بات معروفاً انّ منطق الارقام في الاختيارات اصبح من زمن الماضي، وبالتالي باتت العبرة في تثبيت النجاح وليس في عدد الارقام، وهذا ما انطبقَ على يوم الانتخابات الطويل في مجلس النواب، اي على انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس، كذلك تكرّس هذا الامر في انتخابات رؤساء اللجان النيابية واعضائها والمقررين، حيث انتصر التوافق على لغة الارقام".

وذكرت أنّ "الواقعة الثالثة كانت في الاستشارات النيابية الملزمة امس، التي انتهت بتسمية ميقاتي الذي فرضَ نفسه خياراً متقدماً غير قابل للكسر". وفي معلومات لـ"الجمهورية" أنّ "بوانتاجات عدة أجرتها "القوات اللبنانية" مع حلفائها الاقليميين على مدى الايام الثلاثة التي سبقت يوم الاستشارات، وظهرَ فيها ميقاتي متقدماً على سلام بأكثر من 5 اصوات. ويضاف الى ذلك، اتصالات مصرية- اردنية أدّت الى مغادرة خيار هزيمة جديدة محققة لـ"القوات" وحلفائها، وهذا ما أدى الى قرار سريع بالتراجع عن خيار المواجهة، وترك رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط في خياره وحيداً مع حزب "الكتائب" و10 نواب تغييريين؛ بعد ان تم توريطه ابتداءً".

وركّزت المصادر على أنّ "ميقاتي الذي فُوجئ بموقف جنبلاط الذي أيّد نواف سلام، فإنه على رغم من ذلك ومن ملاحظات جنبلاط على اداء حكومته الاخيرة، واعتماداً على إمساكه، أي جنبلاط، بورقة الميثاقية الدرزية كاملة وتَفهّماً منه (اي ميقاتي) للاحراج الذي طبعَ الخيارات الجنبلاطية الاخيرة، فإنه من الواضح انه سيتم تجاوز واقِع ما جرى، وسيَحتكر جنبلاط التمثيل الدرزي في الحكومة الجديدة اذا قُدّر لها ان تشكّل".

ووجدت أنّ "القوات بخيارها تحاول ان تحافظ على هوامش تعطيل، بادعاءاتها انها ترغب في ان تمثّل، وهي في هذه الخطوة تحافظ على حضورها في مواجهة "التيار" وتمنع احداً من الاستئثار بالتمثيل المسيحي، وفي الوقت نفسه تكون مساهمة في عرقلة حكومة ميقاتي. و"القوات" بهذه الطريقة تبقى على تماس مع معركة انتخابات رئاسة الجمهورية، التي تشكّل الهَم الاكبر لدى رئيسها سمير جعجع، غير المقتنع بأنه فقدَ فرصته في الوصول الى رئاسة الجمهورية".

أمّا على صعيد "التيار الوطني"، فبيّنت أنّ "موضوع "التيار" يمكن ان يكون المخرج له اعادة إنتاج الحكومة الحالية مع بعض التغييرات في الاسماء المسيحية والسنية والدرزية، وهذا يُمَكّن حكومة ميقاتي، اذا ولدت، من ان تتجاوز الامتحان الاصعب على طريق الولادة وهو توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم تأليفها".

إرتياح في بعبدا

أبدَت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية، لـ"الجمهورية"، ارتياحها الى "انجاز الاستحقاق الدستوري الخاص بالاستشارات النيابية الملزمة، والذي تم وفق الترتيبات التي وضعت لهذه الغاية وانتهت الى ما انتهت اليه بطريقة طبيعية جداً لم تحمل اي مفاجآت على الاطلاق"، لافتةً إلى أنّ "رئيس الجمهورية وجّه الى الذين استشارَهم سؤالاً واحداً: من تسمّون لتأليف الحكومة العتيدة؟ وكانت الاجوبة متطابقة مع ما أعلن من على منصة القصر الجمهوري امام الاعلاميين".

وعمّا رافق بعض اللقاءات، أفادت بأن "أثناء لقاء عون والنواب "التغييريين" الذين شاركوا في وفد واحد كما رغبوا ذلك، وليس بمِثل ما تَضمّنه برنامج الاستشارات، سَمع منهم كلاما واضحا. وعندما أبلغ انّ 10 منهم سمّوا سلام من أصل 13، طلبَ عون منهم تسمية مَن رفض هذه الصيغة، فأبلغ بالأسماء الثلاثة لتدوينها على لائحة عدم التسمية".

4 نواب شاركوا كتابياً

كشفت المصادر لـ"الجمهورية"، انّ "بعض الكتل النيابية التزمت بما يقول به النص الدستوري، وحملت كتباً شخصية ورسمية من النواب الذين غابوا عن وفودهم الى الاستشارات لأسباب مختلفة، إمّا بداعي السفر أو بداعي المرض. وهم 4 نواب من كتل مختلفة: فريد البستاني من كتلة "لبنان القوي"، النائب ستريدا جعجع من كتلة "الجمهورية القوية"، النائب وليم طوق من كتلة "التكتل الوطني المستقل"، وعلي المقداد من كتلة "الوفاء للمقاومة". وقد التزم كلّ منهم موقف كتلته النيابية. ولَمّا لم يلتزم النائب اللواء اشرف ريفي بمثل هذه الخطوة اعتبر مقاطعاً للاستشارات".

هنية في بعبدا

علمت "الجمهورية" انّ "رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية سيزور قصر بعبدا اليوم، للقاء رئيس الجمهورية، في إطار زيارته للبنان التي بدأها قبل يومين.

بعد بري وبوصعب وميقاتي.. هل يأتي دور فرنجية؟

رأى مطلعون، في حديث إلى "الجمهورية"، انّ "رقم الـ65 صوتاً الذي تكرّر حتى الآن اكثر من مرة خلال الاستحقاقات الأخيرة، سيكون الـ"كود" الذي من شأنه فتح أبواب القصر الجمهوري أمام الرئيس الجديد"، مشيرين الى انّ "مَن بمقدوره امتلاكه في ظل هذا المجلس المبعثر هو "أبو زيد خالو".

وركّزوا على أنّ "التحدّي الحقيقي المرتقب، يكمن في تأمين النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي يبدو انّ المعركة الحقيقية هي تلك التي ستدور حول النصاب لا الأصوات". وبيّنوا أنّه "إذا حصل تفاهم سياسي مسبق بين رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية وباسيل، يغدو النصاب مضموناً، وكذلك فوز الأول بالرئاسة، أي انّ هذا التفاهم هو الممر الآمن والأقصر لزعيم تيار "المردة" إلى قصر بعبدا، وحصوله لا يمكن أن يتمّ الّا بتدخّل الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله شخصياً في التوقيت المناسب، خصوصاً انّ الحزب سيتصرف، وفق رأي البعض، على قاعدة انّه لا يجوز التفريط باسم فرنجية في حال وُجدت إمكانية موضوعية لانتخابه".

واعتبر المتحمسون لانتخاب فرنجية، انّ "الوصول إلى اتفاق بينه وبين باسيل ليس مستحيلاً وإن كان صعباً"، لافتين إلى أنّه "إذا كان "التيار الحر" قد أنجز في مرحلة من المراحل تفاهم معراب مع "القوات اللبنانية"، على رغم التاريخ الدموي بين ميشال عون وسمير جعجع، وإذا كان فرنجية قد أنجز مصالحة وجدانية مع جعجع على رغم مأساة مجزرة إهدن الشهيرة، فمن الأسهل صنع اتفاق بين فرنجية وباسيل اللذين لم يفرّقهما الدم في أي يوم".

وشدّدوا على أنّ "فرنجية يحظى بمقبولية عامة داخلياً وخارجياً، تعطيه لغاية الآن الأرجحية على غيره"، ملاحظين انّه "لا يوجد "فيتو" قاطع عليه من أحد وحتى من خصومه، بعدما اختار منذ عام 2016 التموضع المرن الذي سمح له بالانفتاح على كل المكونات، من دون أن يتخلّى عن ثوابته".