اشار مسؤول العلاقات العربية في حركة "حماس" الدكتور خليل الحيّة الى ان المقاومة جاهزة في حال حصلت معركة حقيقية لأن تخوض "سيف قدس" اثنين وأكثر بشكل أكبر يجعل الإسرائيلي يُفاجأ بحجم التطور مقارنة بـ"سيف القدس" الأولى، وهذا الوضع مطمئنون له.

واعتبر في حديث الى صحيفة "الاخبار" على هامش زيارته الى لبنان، بان المهم في المعركة المقبلة هو الإجابة عن السؤال المركزي التالي: أين ستدور رحى هذه المعركة؟ نحن نجهز أرضاً لتكون المعركة في قلب الكيان وليس في الأطراف، يجب أن تكون المعركة حيث يؤذى الاحتلال، في القدس والضفة وأراضي الـ48، هذا لا يعني تحييد غزة. لكن من المهم نقل المعركة إلى قلب الكيان، فالإسرائيلي بنى مشروعه ليبعد المعركة عنه، وعمل كل ما في وسعه، بمعاونة السلطة، حتى لا تنشأ حالة مقاومة في الضفة الغربية.

واوضح بانه اليوم، توجد معطيات جديدة سمحت بأن ننشئ بنية للمقاومة في الضفة، فالأولوية لرعاية هذا الوليد وإيجاد البيئة الثقافية والفكرية المناسبة لنشر روح المقاومة الفردية والجماعية، ما جعل التخوف قائماً من هذه الروح التي وُجدت في الضفة والـ48 بفعل عمليات المقاومة، وصارت الناس تتحدى السلطة والاحتلال. هذه الروح لا بد أن تبنى. من هنا أتى تبنّي عملية سلفيت من قبل كتائب القسام. والهدف تغذية هذه الروح والقول إن العمل المقاوم هناك منظم. هذا البناء هو مسؤولية الجميع وكلنا نفكر كيف نجعل في الضفة الغربية بيئة للمقاومة، الآن بدأت تتحرك هذه البيئة وقتلت منذ بداية العام ما يزيد على 20 عنصراً من الاحتلال جنوداً ومستوطنين، وهذا غير مسبوق في العشرين عاماً الماضية.

وعن محاولة تشكيل حلف عربي - إسرائيلي جديد، اشار الحية الى ان هذه التحالفات تعمل لتأمين تمدّد إسرائيل في المنطقة لتكون هي محور الارتكاز بهدف قطع رأس محور المقاومة خارج فلسطين، وهي إيران التي تمتلك كل يوم قوة جديدة، بالتالي فالاحتلال يسعى لقطع الطريق عليها في الموضوع النووي على الأقل في الظاهر، لكن في الباطن الهدف هو قطع طريق الإمداد عن قوى المقاومة في المنطقة. ونحن نستشعر الخطر على قضيتنا، لأن الهدف الأساسي هو تسييد إسرائيل وخلق إسرائيل الكبرى في المنطقة والتي يمتد نفوذها من الفرات إلى النيل. هذا الحلف يمكّنها من التمدّد من الفرات إلى النيل، فإذا نجحت إسرائيل في حياكة الحلف في المنطقة الخليجية والعربية، تكون قد حقّقت شعار من الفرات إلى النيل بمعنى أن تأثيرها هناك أصبح واقعاً.

اضاف قراءتنا للمشهد تقول إن التطبيع الذي تحول من تطبيع سياسي واقتصادي إلى دمج إسرائيل في المنطقة بشكل كبير، بل وجعلها هي من يقود المنطقة، لا بد من مواجهته. ونحن نعتقد مواجهته بعدة أمور:

- الأساس الواجب علينا داخل فلسطين أن لا نُظهر هذا الاحتلال في حالة استقرار في أي لحظة. وكلما حدثت مواجهة بيننا وبينه كلما تراجع هذا الخيار وكلما شعر المطبّعون أن هذا الكيان الذين يريدون له أن يقودهم غير قادر على حماية نفسه.

- تشكيل أكبر حلف داعم للمقاومة وضد حلف التطبيع. نقولها علناً، لا بد أن يتشكّل في المنطقة حلف يجمع كل من يرى في إسرائيل خطراً، وكل من يرى في أميركا عدواً للمنطقة، وكل من يرى أن الحلف الذي تشكله أميركا في المنطقة إنما هو خطر على شعوب المنطقة. ليس المستهدفون فقط، إيران وحزب الله وحماس، بل كل من يشعر أن هذا التوجه ضارّ بمنظومة القيم والثروات والمصالح للمنطقة العربية والإسلامية لا بد له أن يكون في حلف المقاومة.

- إيجاد حالة من المصالحات العامة بين تيارات الأمة وفي ساحاتها، خصوصاً بين التيارات الإسلامية والقومية. نحن أمام خطر كبير، وأمامنا مصالح وضرورات كبيرة، بالتالي فإن توسيع دائرة المصالحات هو ما نؤمن أننا يجب أن نفعله، ونحن نمضي قدماً في اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل تحقيق ذلك.

وبالتالي، فإن استحقاق تشكيل إطار إقليمي يتجاوز قوى المقاومة المباشرة أصبح واجباً، لذلك نطالب بتوسيع هذا الحلف وإنهاء حالة التجاذبات والخلافات والخصومات وتعدّد الاجتهادات في المنطقة تجاه الاحتلال، ولا بد أن تنسجم كلها مع بعضها، ولا بد أن يقوم حوار ينهي الخصومة بين الإسلاميين والقوميين والتي اندلعت في المرحلة الماضية، ويعيد حالة التوافق التي كانت قائمة بينهم قبل «العشرية الماضية» التي أفرزت خلافات بين عناصر مكوّنات الأمة، فوظّفها أعداؤنا لصالحهم. اليوم المنطقة يراد لها أن تدخل في صراعات مذهبية وطائفية وفكرية وغيره ليتشتت الناس في ذلك.

وعن العلاقة مع سوريا، لفت الى انه جرى نقاش داخلي وخارجي على مستوى حركة حماس من أجل حسم النقاش المتعلق باستعادة العلاقات مع سوريا. وبخلاصة النقاشات التي شاركت فيها قيادات وكوادر ومؤثرون، وحتى المعتقلون داخل السجون، تم إقرار السعي من أجل استعادة العلاقة مع دمشق.

واوضح الحية بان المقاومة لم تتخذ قراراً بمنع مسيرة الأعلام، التي تجري منذ خمسين عاماً، بل الحدّ قدر الإمكان من فعاليتها، وبالقدر الذي يُفقد الاحتلال الانتصار المعنوي الذي يريد تحقيقه. في العام الماضي حدثت ظروف مؤاتية بعد الاعتداء على المسجد الأقصى. هذه السنة الوضع في الضفة مختلف، وعامل المقاومة مختلف أيضاً، والعمليات الفدائية للمقاومة هذا العام متصاعدة. واردف بان المقاومة في غزة كانت في أعلى جاهزية واستعداد، وكانت في حالة طوارئ تنتظر قرار بدء المعركة العسكرية. لكن في نهاية فعاليات المسيرة كان تقييمنا أن ما حصل لم يكن يستدعي حرباً عسكرية. بل كان التقييم أننا حمينا المسجد الأقصى من دخول مسيرة الأعلام إليه، وبسحب عنصر السيادة من الاحتلال في القدس، بحيث اضطر لجلب 7 آلاف شرطي ليحمي المسيرة، رغم ذلك خرجت داخل المدينة المقدسة مسيرات فلسطينية تواجه مسيرات الأعلام. أيضاً في ذلك اليوم حصلت 14 حالة إطلاق نار على الاحتلال في الضفة الغربية. عملياً، نحن قيّمنا كل هذا المشهد أنه لا يستدعي ردّ المقاومة. فرغم أن الاحتلال حقق بعض المكاسب المعنوية مما حدث في مسيرة الأعلام، إلا أنها في الواقع كرّست خسائر متعددة له يمكن البناء عليها مستقبلاً.

وكشف المسؤول بحماس بانه لدينا خطط لكسر الحصار على غزة عبر استقدام سفن مساعدات من الخارج. سابقاً كانت لدينا تجربة لم تكتمل بسبب التطورات التي أدّت إلى اندلاع معركة "سيف القدس". وأذكر أنه قبل أيام قليلة من إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في أحد خطاباته، عن أن سفينة المساعدات النفطية الآتية من إيران هي أرض لبنانية وتحظى بحماية المقاومة، كنا في القيادة نفكر في طريقة لكسر الحصار عن غزة، وفكرنا في شراء سفن مساعدات من الخارج لإدخالها إلى غزة. وبالفعل، وضعنا خططاً تلحظ احتمال الاحتكاك مع الاحتلال في سبيل حماية هذه السفن. هذه الفكرة بالنسبة لنا هي جزء من جهود كسر الحصار، والتي لا تقتصر فقط على طرق باب الدول والضغط على الاحتلال، بل كإحدى أدوات الاشتباك مع الاحتلال ولفت أنظار العالم إلى أن غزة محاصرة، وأيضاً هي إحدى طرق تفعيل المقاومة.

واشار الى انه الى الآن هناك تدخّلات متعدّدة وصراع داخلي حول هوية مَن يخلف محمود عباس، هناك كثر جاهزون، إذ لا يختلف ماجد فرج وحسين الشيخ وجبريل الرجوب عن أبو مازن في السقف السياسي، إلا أن الولاءات الخارجية هي التي تحسم خليفة الرجُل، وواضح حتى الآن أن الرغبة الأميركية والإسرائيلية هي أن يأتي حسين الشيخ.

ولفت الى ان المقاومة اليوم في حالة صعود وقوة، بينما السلطة في مسار الانحدار والضعف، إذ لا يوجد لديها مشروع سياسي، وقد سقط النموذج الفلسطيني الثاني، الذي تحدّث عنه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، عندما قال سنريكم نموذجين فلسطينيين، واحد في رام الله والثاني في غزة، فالأول أُعطي المال والرفاهية، لكنه بلا مشروع ولا هدف، وها هو اليوم أسير التنسيق الأمني. أما الثاني، فرغم أنه محاصر، إلا أنه صنع كرامة الشعب ووحدته، وتثني الفصائل الوطنية على أداء اللجنة الحكومية في غزة، لأننا نطلب دائماً شراكة الجميع في القرار والعمل.