لفتت "الاخبار" الى ان الكلام "الإيجابي" الذي سُرّب في اليومين الماضيين، في واشنطن وبيروت، حول مستقبل مفاوضات ​ترسيم الحدود​ البحرية مع فلسطين المحتلة لم يتجاوز حدود الرسائل التي لا تستند إلى وقائع صلبة. فحتى اللحظة، لا يبدو أن "الوسيط" الأميركي عاموس هوكشتين في صدد العودة إلى ​لبنان​، فيما دخل الأوروبيون على الخط لمصلحة إسرائيل.

في وقت شهدت المياه الإقليمية اللبنانية والفلسطينية المحتلة سلسلة خطوات عسكرية وأمنية توحي بدرجة عالية من التوتر. وبحسب معلومات "الأخبار"، فإن سفينة الاستخراج التابعة لشركة "أنيرجيان" تقدّمت مع سفينة أخرى نحو الخط 29، وتجاوزت إحداهما الخط بأميال قليلة، في وقت كشفت مصادر في قوات اليونيفل عن وصول بوارج حربية أميركية إلى قبالة حقل "كاريش"، ومباشرتها إجراءات لتوفير حماية للمنصة العائمة. وترافق ذلك مع قيام سرب من طائرات تجسس بريطانية وأخرى تابعة لحلف شمال الأطلسي بمسح لكل المنطقة البحرية التي تلامس الحدود اللبنانية وتجاوز المياه الإقليمية لكل من لبنان وفلسطين المحتلة.

وأوضحت مصادر الأمم المتحدة في لبنان أن المناورة العسكرية البحرية التي أجرتها قوات بحرية من اليونيفل قرب الحدود خلال الأيام القليلة الماضية لا تستهدف أحداً، وأنها "تمرين عادي يواكب التطورات السياسية والأمنية في المنطقة".

لكنّ مصادر معنية لفتت إلى أن طبيعة المناورة التي جرت بالذخيرة الحية "لا تقود إلى هذا الاستنتاج، خصوصاً أنها تزامنت مع نشر الأميركيين قطعاً بحرية عسكرية قبالة حقل كاريش، في وقت فعّل حلف الناتو عمل طائرات مُسيَّرة ذات طابع تجسسي في كل المنطقة البحرية، بالتزامن مع نشاط أمني إسرائيلي في محيط حقل كاريش".

"نصائح" أوروبية

في غضون ذلك، سمع لبنان الرسمي "نصائح" أوروبية غير مباشرة، خصوصاً من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بعدم التصعيد في هذا الملف. وبحسب المصادر فقد شرح الأوروبيون لمسؤولين لبنانيين بأن "ما تقوم به إسرائيل هو استخراج كميات من الطاقة التي تحتاج إليها أوروبا، وهي بالتالي تحظى بغطاء دولي، أميركي وأوروبي، وأن عملية استخراج النفط أو الغاز من حقل كاريش باتت جزءاً من أمن الطاقة العالمي، وأن تهديدات حزب الله لن تفيد في معالجة الأمر".

وفي الوقت نفسه، تحدّث الأوروبيون عن مساعٍ يقومون بها لإقناع إسرائيل بالتوصل إلى تسوية تتيح للبنان بدء التنقيب والاستخراج لمواجهة أزمته الاقتصادية والمالية المتفاقمة.

يوانا فرونتيسكا زارت ​اسرائيل

إلى ذلك، علمت "الأخبار" أن المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا زارت تل أبيب أخيراً وبحثت مع المسؤولين الإسرائيليين في ملف ترسيم الحدود، وعادت إلى لبنان بـ"مناخات لا تتطابق مع الكلام المسرّب عن استعداد إسرائيلي لتقديم تنازلات جدية".

وقد زارت الدبلوماسية الأممية الرئيس ميشال عون أمس ووضعته في أجواء زيارتها للكيان الإسرائيلي. وفيما يُفترض أن تتبلّغ الجهات الرسمية في لبنان تفاصيل المحادثات خلال الساعات المقبلة، فُهم أن الإسرائيليين يطرحون مجدداً الخط الـ 23 المتعرّج الذي سبق أن اقترحه هوكشتين على لبنان في شباط الماضي وتبلّغ رفضاً شفهياً له الشهر الماضي.

رسالة من هوكشتين

ويُفترض أن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، التي عادت إلى بيروت أمس، تحمل رسالة من هوكشتين بعد المحادثات التي أجراها مع مسؤولين إسرائيليين لمناقشة الردّ اللبناني. وقال مقرّبون من مرجع رئاسي إنه يجب الاستماع إلى الوسيط الأميركي بصورة أوضح قبل الركون إلى ما تسرّب عن لسان مسؤولين أوروبيين وأمميين.

وكرّرت المصادر أن الجديد في ما نُقل عن الإسرائيليين يتلخّص بأن التنازل عن الخط 29 يعني أن حقل "كاريش" هو حصة إسرائيلية كاملة، وأن "الخط 23 هو خط التفاوض الجديد انطلاقاً من كون الخزان الكبير الموجود في حقل قانا يجب حسم حصة كلّ من الطرفين فيه، ما يشير مجدداً إلى فكرة الخط المتعرّج، الأمر الذي يرفضه لبنان".

توضيحات يونانية

في غضون ذلك، وبعد زيارة قام بها دبلوماسي يوناني رفيع إلى حزب الله لشرح موقف أثينا، أبلغت الخارجية اليونانية القائمة بأعمال السفارة اللبنانية في أثينا المستشارة رانيا عبدالله رسائل إلى لبنان تطابقت مع الكلام الذي أبلغه الدبلوماسي اليوناني لحزب الله، وفيه:

أولاً، إن اليونان ترفض "الخطاب غير اللطيف" للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، انطلاقاً من أن اليونان ليست طرفاً في المشكلة.

ثانياً، إن سفينة الاستخراج ليست يونانية ولا تحمل العلم اليوناني، بل تتبع لشركة عالمية ويوجد بين مالكيها من يحملون الجنسية اليونانية.

ثالثاً، اليونان تدعم توصل لبنان وإسرائيل إلى اتفاق، وترفض أيّ اعتداء من إسرائيل على حقوق لبنان في المياه الإقليمية.

رابعاً، اليونان ليست على عداء لا مع الحكومة اللبنانية ولا مع حزب الله ويُفضل عدم إقحامها في هذه القضية.